دمشق، سوريا (CNN)-- كشف المخرج بسّام الملا لـ CNNبالعربية، أن انطلاقة تصوير ثامن أجزاء السلسلة الشاميّة الشهيرة "باب الحارة"، ستكون في دمشق، خلال الأيام القليلة المقبلة (17/3/2016 على الأرجح)، وسيشارك فيه معظم أبطال الجزء السابع، باستثناء النجم أيمن زيدان الذي ينشغل حالياً بإخراج مسلسل "أيام لا تنسى" لموسم دراما رمضان المقبل، وسيحل بديلاً عنه بدور "أبوظافر" الفنّان السوري القدير أسعد فضّة.
فيما لم يحسم بعد استمرار الممثل وائل شرف بأداء شخصية "العكيد معتز" في "باب الحارة 8"، حيث يتابع حالياً الدراسة بالعاصمة البريطانية لندن، كما أنّه طالب بأجرٍ عالٍ عن عودته لتجسيد الشخصية التي حققت له شهرةً كبيرة لدى الجمهور العربي، والأمر لازال موضع أخذٍ ورد بينه وبين الشركة المنتجة "ميسلون"، وهو ما لامه عليه المخرج الملا معتبراً أنّ وائل "يتجاهل فضل باب الحارة عليه".
تدور أحداث الجزء الثامن (سيناريو وحوار الكاتب سليمان عبد العزيز) خلال حقبة ثلاثينات القرن الماضي، مع نقلة زمنية بحدود العام تقريباً، ضمن الإطار ذاته لحكاية "باب الحارة" الافتراضية، وشخوصها، تلك الحكاية الشعبية التي تستوحي مفرداتها من "التاريخ الاجتماعي لدمشق"، وتتناول على المستوى السياسي "تداعيات سلخ لواء اسكندورن 1939، أو (إقليم هاتاي) الأرض التي اقتطعتها فرنسا من شمال غربي سوريّة، ومنحتها لتركيا"، وفقاً لما صرّح به المخرج والمنتج بسّام الملا في لقاءٍ خاص أجرته معه CNN بالعربية، ونوّه إلى أنّ "حارة الضبع" وأهلها سيكونون أكثر انفتاحاً على الحارات الأخرى، والحياة في فضاء الشام الأوسع.
هكذا ستدخل كاميرا "باب الحارة" لأوّل مرّة إلى مبنى جامعة دمشق التاريخي، حيث سيتم تصوير بعض المشاهد هناك، ما يعكس بحسب الملّا: "رؤية فكريةً جديدةّ للعمل، ترصد التطور الاجتماعي للشام، والحركة النسائية باتجاه التعلم، وبدايات مشاركتها الفاعلة في المجتمع."
- فهل الرؤية الفكرية الجديدة لـ "باب الحارة 8"، تأخذ بعين الاعتبار الانتقادات التي واجهتموها في الأجزاء السابقة، واتهامكم بتقديم صورة رجعية عن المجتمع الدمشقي وتَعَامُلِهِ مع المرأة؟ يجيب بسّام الملا على سؤالنا.
.بصراحة لست مقتنعاً بكل تلك الانتقادات، فأنا أعتبر نفسي مطلعّاً وقارئاً جيداً عن الحياة الاجتماعية لدمشق، أكثر بكثير ممّن انتقدوا طريقة تناولنا لصورة المرأة الشاميّة ودورها في المجتمع خلال تلك المرحلة، وأعرف أن انتقالها من (الملاية) إلى (الإيشارب)، كلفّها الكثير عبر تاريخها المعاصر، لكنّ الدراما التلفزيونية موجّهة بالنهاية للجمهور، وله حق المشاركة بصناعة العمل، ذلك رأيهم الذي أحترمه، وأنا امتثلت له."
- سيتولى إخراج معظم مشاهد الجزء الثامن من "باب الحارة" المخرج ناجي طعمي، بإشراف الملاّ الذي سَيُخرِجُ بعض المشاهد أيضاً، باعتبار أنّ الوقت المتبقي لعرض العمل خلال شهر رمضان المقبل قليل، ولذلك سيكون هناك فريقي تصوير لإنجاز المسلسل في الموعد المحدد.
خروج "باب الحارة" للنور بهذه الصيغة لموسم دراما 2016، سبقه الكثير من التشويش في وسائل الإعلام حول الجهة التي ستنتج الجزأين الثامن والتاسع، حيث أعلنت شركة "قبنض" أنها مَنْ ستُنتِجهُما عن نص لمروان قاووق، واستكملت التحضيرات لانطلاقة التصوير الذي كان مقرراً أواخر الشهر الفائت، وسط الحديث عن نزاع قضائي حول ملكية العمل أطرافه المنتج محمد قبنض، والكاتب قاووق، وبسّام الملّا مخرجاً ومنتجاً (ممثلاً بشركة ميسلون)، إلا أن الخلاف تم حلّه وديّاً بين المُنتجين مؤخراً.
- نتوجه بالسؤال لـ الملّا: ماهي تفاصيل الخلاف بينك وبين المنتج قبنض حول الأحقيّة بإنتاج الجزأين الجديدين من "باب الحارة"؟
.المسألة لا تتعدى كونها سوء تفاهم، فالأستاذ محمد قبنض ظّنَ أنني أنهيت مشروعي بالجزء السابع، وربمّا ما ساهم بتشكيل هذه القناعة لديه أنني مُقّلْ في التواصل والإطلالات الإعلاميّة، ومن حُبّه بالمسلسل قرّر الاستمرار من جانبه."
- ولكن الجميع يعلم بأن هذا المشروع مرتبط بك، فكرةً وإنتاجاً وإشرافاً، والكل ربما كان لديه قناعة بأنّه لن يتوقف؟
.لا لم يكن واضحاً للجميع إذا كنت سأوقفه أم لا؟ لأنني أخرت البتَ بالموضوع، وحينما أعلنت بأنني سأنتج (باب الحارة 8 و9)، التقينا أنا والرجل في دبي واستمر الحديث بيننا ربع ساعة فقط، كانت كفيلة باتخاذه قرار إيقاف نسخته من العمل، والتي كان مقرراً الانطلاق بتصويرها في اليوم التالي.
والحقيقة أنّ المشكلة لم تكن بيننا، بل بينه وبين الكاتب مروان قاووق الذي باعه نص للجزء الثامن، وقام قبنض برفع دعوى قضائية عليه لتثبيت ملكية العمل وكَسِبَها، لكنّه لم يكسب الأحقيّة بإنتاج أجزاء جديدة من العمل فعلياً، خاصّةً انّ اسم (باب الحارة) مسجل باسمي كعلامة تجارية، ولدي وثائق رسمية صادرة عن الحكومة السوريّة تثبت ذلك."
- كيف تمتّ التسوية أو الصلح بينك وبين المنتج محمد قبنض؟
.وصلني عنه، أنني لو أنني كنت قد تواصلت معه، فإنه سيتراجع عن المشروع، وهذا ما حدث بالفعل، دعوته إلى العشاء في دبي، لبى دعوتي، وبدا موقفه نبيلاً بالالتزام بكلمته."
- هل ترتّبَ على هذه التسوية أيّة مبالغ مالية قمتم بدفعها له؟
.لا أبداً، لم تدفع شركة (ميسلون) أي مبلغ لشركة (قبنض) مقابل الصلح الذي تم توثيقه مؤخراً أمام كاميرا تلفزيون mbc، بل على العكس هو من تكبدّ مصاريف التحضيرات، والتعويض لمن تضرروا بسبب إيقاف عمله، وهذا موقف نبيل منه يتوافق مع قناعاته."
- اتفقتم على الشراكة على إنتاج الأجزاء ما بعد التاسع، لماذا لم يشمل الاتفاق الجزأين الحاليين؟
.لأنني مرتبط مع شركاء لإنتاج الجزأين الثامن والتاسع."
- ولكن هل يحتمل "باب الحارة" المزيد من الأجزاء؟
.العمل سيستمر، طالما أنّه يحقق نسب مشاهدة عالية، ويستقطب المعلنين، وتطلبه المحطّات بناء على طلب الجمهور، تلك آلية صناعة الدراما التلفزيونية المعمول بها على مستوى العالم اليوم."
- ألم يصادر "باب الحارة" مشروعك الإبداعي كمخرج خاصّة أنّك قدمت الكثير من الأعمال الناجحة قبله؟ لماذا لا تبحث عن الجديد لتقدمّه للجمهور؟
.ربمّا صادر حياتي كلها، نعم أنا أسير هذا العمل، ولكن بسبب التقاليد التي تحكم آلية صناعة الدراما التلفزيونية، ولا يعرفها إلا مَنْ اختبرها خاصّة في مسألة التوزيع، وما يتعرّض له المنتج أحياناً من خسائر، وضغوطات قد تصل حد الإذلال، بينما يسّوق هذا المسلسل نفسه بنفسه، والمحطات تقصدني لأجله، وليس العكس، والحمد لله، بالتأكيد لدي مشاريع جديدة أخرى، لكنّ (باب الحارة) هو الرائج اليوم."
- هل كان مسلسل "الزعيم 2011" هو محاولة للخروج من أسر هذا المشروع؟
.ليس تماماً، بل كان مشروع بيئة شاميّة، من جملة المشاريع التي قدمتها، تصبُّ في إطار الحديث عن القيم أكثر من البيئة، كتجربة جديدة، بممثلين جدد، معظمهم ليسوا من فريق (باب الحارة) الذي أسر كل الفنانين المشاركين فيه ضمن إطار شخصياته، وتوقف المشروع بسبب عدم تحقيقه نسب مشاهدة عالية."
- في ختام المقابلة التي خصّ بها بسّام الملا موقع CNN بالعربية، نسأله عن سبب إقلاله من الإطلالات الإعلاميةّ، وما يقال عن علاقته المتوترة بالصحفيين؟ فيجيب.
.خلال فترة من الفترات أصبح معظم الصحفيين الذين يتناولون الشأن الفني مجرد مرتزقة، يكتبون بناءً على أهواء مموليهم، بحسب قناعتي، وتحولت الصحافة الفنيّة على يديهم إلى صفراء، وتعرضت لأكثر من حادثة تم فيها تحوير تصريحاتي، وكان لذلك تداعيات على علاقتي مع أناسٍ خسرتهم بسبب التلفيق.
إلا أنّ البلبلة التي أثيرت حول "باب الحارة8" اضطرتني للتعاطي مع عددٍ محدد من الصحفيين ممّن أثق بهم، لإيصال وجهة نظري، وأعترف أنني كنت أشعر بالفوقية على كل الأحداث، لكن هناك من نبهني إلى ضرورة عودة التوجه إلى الرأي العام من خلال الصحافة."
ووجدَ المخرج الملقّب بـ "الآغا" في مقابلته لـ CNN بالعربية مناسبةً للتأكيد، بأنّه لا يملك أي حساب على مواقع التواصل الاجتماعي، واعتبر أنّ هذه التقنية التي اجتاحت العالم مؤخراً: "الصورة المعاصرة للطابور الخامس الذي كانت تصرف عليه الدول المتحاربة، المليارات في الحربين العالميتين الأولى والثانية، وأنا لا أحبها وأرفض استخدامها، مع أنها أصبحت في متناول الجميع اليوم، بما فيهم أولادي، وأنظر إلى الأمر برمته على أنه أكبر خرق أمني للخصوصية، سهلّ عمل وكالات الاستخبارات العالمية، بما يفوق تطلعّاتها."