الرباط (CNN)—يستخدم ملايين الناس موقع فيسبوك للبقاء على تواصل مع أصدقائهم والبحث عن الأخبار والمواضيع التي تهمهم والمشاركة في النقاشات الدائرة وغير ذلك من الاستخدامات التقليدية، بيدَ أن مجموعة من الشباب في المغرب، استخدموا هذا الموقع لأجل التنسيق بينهم في مشاركة الروايات الورقية، إذ استخدموا وسيطا إلكترونيا لتشجيع قراءة الكتاب المطبوع مع ما تكتنفه المبادرة من تحديات.
"روايات مسافرة"، هي المجموعة التي تضم هؤلاء الشباب، من خلالها يتم التنسيق لسفر الروايات من مدينة مغربية لأخرى حتى يتسنى للجميع قراءتها، إذ يتبادل شباب المجموعة أسماء الروايات التي بحوزتهم، وعبر المجموعة يمكنك أن تطلب قراءة الرواية المتوافرة التي ترغب فيها، فيتم وضع اسمك داخل قائمة تراتبية تجعلك تتوصل بالرواية عبر البريد حسب ترتيبك بالقائمة، إذ كلما ينهي من في الأعلى الرواية يقوم بإرسالها إلى من يوجد أسفل منه بالقائمة، وهكذا دواليك.
يضع شباب المجموعة قواعد صارمة لتنظيم هذه المبادرة، منها إرفاق كل
رواية مسافرة بورقة معلوامت تتضمن اسم المرسل واسم المرسل إليه وتاريخ
الإرسال وغير ذلك، وأن يعمل كل فرد متى توصل بالرواية على إعلان ذلك
في المجموعة، وعلى الرواية أن تعود لصاحبها بعد وصولها إلى المحطة
العاشرة من مسارها، وأن يتفرغ من وصلته الرواية على قراءتها حتى
يرسلها إلى مشارك آخر في أقرب وقت. وتعمل لجنة من داخل المجموعة على
وضع قوائم الروايات المسافرة وتتبع مسارها واستقبال طلبات الراغبين
بالقراءة.
شكيب أريج، أحد مسيّري المجموعة، يتحدث عن أن البداية جاءت بمجموعة
اسمها "إصدارات روائية:
قرأتها.. سأقرؤها..لن أقرأها"، تخصّ النقاش حول الروايات، وبعدما
حازت المجموعة على اهتمام استمر لأزيد من ثلاث سنوات وراكمت العديد من
الأعضاء، اقترح واحد منهم اسمه رشيد لبيز فكرة تبادل الروايات بدل
الاقتصار في تبادل الآراء، فكانت أوّل رواية مسافرة هي "أم النذور"،
لعبد الرحمن منيف في ذكرى وفاته، وبعد ذلك تعددت العناوين التي سافرت
عبر ربوع المغرب، إلى أن تقرّر إنشاء المجموعة لتكون بوابة مخصصة لسفر
الرويات.
ويتابع أريج في حديث لـCNN بالعربية، أن أهم درس تعلّمه أفراد المجموعة هو عدم المراهنة على الأرقام الكبيرة، فالمجموعة الأم يتجاوز عدد أعضائها 21500، بينما يصل عدد أعضاء مجموعة "روايات مسافرة" إلى 2100 فقط، لأن مسيّري المجموعة يؤمنون أن دائرة أعضائها لا يجب أن تشمل سوى من يحملون هم قراءة الروايات ومشاركتها، مبرزا أن المجموعة تمكنت لحد الآن من مشاركة 72 رواية عبر البريد.
لا ينفي أريج وقوع تحديات، منها أن ست روايات ضاعت في الإرسال، ومنها أن المجموعة تعمل بشكل تطوعي، زيادة على احتفاظ بعض الأعضاء بالروايات المرسلة لوقت طويل، فضلا عن بعض المشاكل في الإرسال التي لا تمنع الإشادة بما يبذله سعاة البريد من مجهود لإيصال الكتب، لكن كل هذه التحديات لا تُحبط أعضاء المجموعة، فـ"الرواية التي تغادر الرف وتُقرأ تعيش حياتها وتناضل لأجل البقاء مقروءة" يقول أريج.
يطمح أعضاء المجموعة إلى أن تنتقل الفكرة من بُعد مغربي إلى بعد إقليمي أو حتى عالمي، حتى تكبر عادة مشاركة الروايات، لكن أليس الكتاب الإلكتروني أكثر سهولة في المشاركة؟ يجيب أريج أن رواد المجموعة يلجؤون إليه عندما لا يكون الكتاب المطبوع متوافرا، وحتى إن أرادوا الاقتصار على الـPDF، فمجموعة من الكتب المطبوعة غير متوافرة إلكترونيا، كما أن الكثير من رواد المجموعة يفضلون تجربة قراءة الورقي للاستماع بالإبداع بشكل كلاسيكي بعيدا عن غزو التكنولوجيا.