رأي.. ربات المنازل الحقيقيات في دبي… أسمى من برنامج ترفيهي بلا هدف

منوعات
نشر
5 دقائق قراءة
رأي سامية عايش
رأي.. ربات المنازل الحقيقيات في دبي… أسمى من برنامج ترفيهي بلا هدف
Credit: Courtesy of Bravo TV

هذا المقال بقلم سامية عايش، صحفية مستقلة تكتب عن السينما العربية والتلفزيون، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

تعرف مدينة دبي حول العالم بطرازها الحديث، والرفاهية بالعيش فيها، وهي المدينة التي تسعى بأن تكون قلب العالم الجديد. هذا كله نراه من خلال الصورة التي ترغب الإمارة برسمها لنفسها: أطول برج في العالم، وناطحات السحاب، وأحدث السيارات، والتقنيات الحديثة المتطلعة نحو المستقبل، والثقافات المتعددة التي تستقبلها المدينة من خلال سكانها وزوارها على السواء.. هذه هي الصورة من الخارج.

في الداخل، لا تختلف الصورة كثيرا، فنحن لا زلنا نرى فيها مدينة الثراء، والفرص، والمستقبل، ولا يخلو الأمر من صعوبات هنا وهناك تواجهنا بسبب الغلاء وارتفاع الأسعار وغيرها. لكن نحن أيضا أقرب للمجتمع من الداخل، والتحديات والصعوبات اليومية التي تواجه كل من يعيش هنا، وهذه هي طبيعة الحياة في أي مكان، لذا، كان مفاجأة أن أجد برنامجا يحمل اسم The Real Housewives of Dubai، وهو يحط رحاله في المدينة ليقدم قصص حياة 6 سيدات، إحداهن إماراتية، قدمن من بيئات وخلفيات مختلفة، ليحكين قصصهن، ولكن ما يجمع بينهن هو مستوى الحياة الفاره جدا، والتي لا تجدها إلا بين فئات قليلة جدا من المجتمع هنا.

ولمن لا يعلم ما هي سلسلة The Real Housewives of فهي نوع من برامج تلفزيون الواقع، الذي يقدم شخصيات حقيقية ويتتبعها ليقدم حياتها وجبة دسمة لعشاق هذا النوع من البرامج. البرنامج قدم شخصيات من مدن عدة مثل ميامي، وبيفرلي هيلز، وديربان، وأتلانتا، وحان الآن الموعد من دبي.

في بداية الحلقة الأولى، وقبل بدء الحلقة، تظهر رسالة على الشاشة مفادها:

"إن الآراء والمعلومات الواردة في هذا البرنامج تخص الشخصيات ضمنه فقط، ولا تمثل آراء المجتمع الإماراتي. الجهات المعنية ليست مسؤولة ولا تتحقق من دقة المعلومات الواردة في البرنامج. الغرض الأساسي من البرنامج هو الترفيه".

أزعجتني هذه الجملة كثيرا.. وتساءلت: هل أصبح الترفيه هو البوابة الجديدة لدخول الأخبار الكاذبة والتزييف والتلفيق؟ وهل يحق لأي جهة كانت أن تقدم مادة أو محتوى ولا تكون مسؤولة عن محتواها ودقته؟

بدأت الحلقة: واللقطة الأولى: كثبان رملية في صحراء الإمارات، الصورة التي قُدمت بها المدن العربية في الأفلام والمسلسلات في هوليوود، ولطالما لاقت انتقادات شديدة، ليأتي هذا البرنامج ويعيدها للواجهة من جديد.

نأتي إلى السيدات اللاتي يظهرن في البرنامج: كل واحدة منهن تعرف عن نفسها بأنها رائدة أعمال، أو مديرة شركة، أو مصممة أزياء أو غيرها، ولكن يصل بهن الحال إلى مستوى متدن جدا من الحوار، والألفاظ، والأفكار الغريبة، وغيرها. قد تكون هذه النماذج موجودة بالفعل، ولكن أن نسلط الضوء عليها بطريقة تقدمها وكأنها هي الغالبية، وأن "ربات المنازل الحقيقيات" في دبي هن بهذا الشكل، أمر مهين وفيه الكثير من الظلم.

قبل أيام جلست مع صديقة إماراتية تهوى السرد القصصي، وطلبت نصيحتي في الخطوة التالية التي يجب أن تخطوها في مسيرتها المهنية. من دون تردد، قلت لها: نحن بحاجة إلى أن نسرد قصصا عن هذا المجتمع الذي نعيش فيه، بعيدا عن الصورة التي تزينت بها المدينة لفترة طويلة، وما أجملها لو كانت هذه القصص بأصوات إماراتية حقيقية، يهمها أن تقدم روح البلد وروح المكان.

لن أقول أوقفوا هذه البرامج والتفاهات، فهي ستستمر ما حيينا، ولكن في المقابل، من الضروري أن يكون لدينا إنتاجات أخرى تركز على قصصنا الحقيقية التي تستحق أن تروى، وأن يكون للنساء فيها من داخل المجتمع حق وصوت، ليقدموا نماذج من الوجوه والأسماء التي نرغب أن نتعرف عليها أكثر.

لا بأس أن يكون هدف أي برنامج أو محتوى ترفيهيا، ولكن من المهم أن يبنى هذا الترفيه على الاحترام والقيمة والعمق، بدلا من الضحالة التي تنساق وراء الترند والمشاهدات، وأعتقد أنها كلها برأيي أصبحت موضة قديمة، وعفا عليها الزمن، حتى أن كلمة Real لم تعد منطقية في هذا السياق على الإطلاق.