صائدو الفيروسات في مهمة بحث محفوفة بالمخاطر بكهوف الخفافيش للتنبؤ بالجائحة التالية بعد فيروس كورونا

علوم وصحة
نشر
4 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يتجهز الفريق الصغير من العلماء، قبل الدخول إلى كهف الخفافيش، بارتداء بدلات المواد الخطرة، وأقنعة الوجه، والقفازات السميكة لتغطية كل شبر من جلدهم. إذ يمكن أن يؤدي اختلاطهم بروث الخفافيش أو بولها إلى تعرضهم لبعض أخطر الفيروسات غير المعروفة في العالم.

صائدوا الفيروسات يفتشون بكهوف الخفافيش للتنبؤ بالجائحة التالية
للإمساك بالخفافيش، يقوم علماء EcoHealth Alliance بإنشاء شبكات عند مدخل الكهف. ولتجنب أي تلامس مع الخفافيش، يرتدي الفريق بدلات المواد خطرة، وقناع التنفس، والقفازاتCredit: Smithsonian Institute

وبعد أن تجهزوا بالأضواء الكاشفة، يضع الفريق شباكه عند مدخل الفتحة المظلمة التي تتدلى منها أشجار البامبو، وهي جزء من نظام كبير من كهوف الحجر الجيري في مقاطعة يونان جنوب غرب الصين.

ومن ثم ينتظر الفريق بصبرٍ حتى ساعة الغسق. وعندما تغرب الشمس، تحلق الآلاف من الخفافيش من الكهوف بحثاً عن الطعام، لتلتقطها الشباك.

وبعد أن يجمع العلماء الشباك، يخدرون الخفافيش، قبل استخراج دمها بدقة من الوريد على أجنحتها.

صائدوا الفيروسات يفتشون بكهوف الخفافيش للتنبؤ بالجائحة التالية
يأخذ فريق EcoHealth Alliance عينات من الخفاش. وعلى مدى العقد الماضي، جمعوا 15 ألف عينة من الخفافيشCredit: Smithsonian Institute

ويقول بيتر دازاك الذي يرأس منظمة "EcoHealth Alliance"، وهي منظمة غير حكومية أمريكية متخصصة في الكشف عن الفيروسات الجديدة والوقاية من الجائحة إنهم يقومون بأخذ مسحات عن طريق الفم، والبراز، كما يجمعون الفضلات.

ويعد دازاك أحد صائدي الفيروسات، وقام بزيارة أكثر من 20 دولة، على مدى السنوات العشر الماضية، في محاولة لمنع وقوع الجائحة الكبرى التالية من خلال البحث في كهوف الخفافيش عن مسببات الأمراض الجديدة. وبالتحديد، فيروسات كورونا.

صائدوا الفيروسات يفتشون بكهوف الخفافيش للتنبؤ بالجائحة التالية
بمجرد أخذ العينات من الخفافيش ، يحفظ علماء EcoHealth Alliance القوارير في مادة النيتروجين السائل ويرسلونها إلى المختبر لتحليلهاCredit: Smithsonian Institute

وتعد نتائج دازاك، وآخرين مثله، بمثابة مكتبة مفتوحة المصدر لجميع فيروسات الحيوانات المعروفة، والتي يمكن للعلماء من خلالها توقع السلالات التي من المرجح أن تنتشر إلى البشر، من أجل تهيئة العالم لجائحة جديدة مثل انتشار فيروس كورونا.

وأوضح دازاك أنهم جمعوا أكثر من 15 ألف عينة من الخفافيش، "مما أدى إلى التعرف على حوالي 500 نوع جديد من فيروسات كورونا.

وإحدى تلك العينات، والتي عثر عليها في أحد كهف الصين عام 2013، كان سلفاً محتملاً لـ"كوفيد-19".

أبحاث الفيروسات التاجية

صائدوا الفيروسات يفتشون بكهوف الخفافيش للتنبؤ بالجائحة التالية
تقوم مؤسسة سميثسونيان بأخذ عينات من الخفافيش في ميانمار وكينيا، مما اتاح لها اكتشاف 6 أنواع جديدة من فيروسات كوروناCredit: Smithsonian Institute

وقبل وباء السارس عام 2003، لم تجذب الأبحاث حول فيروسات كورونا الكثير من الإهتمام.

وفي ذلك الوقت، تم التعرف على نوعين فقط من الفيروسات التاجية البشرية، تم اكتشافهما في الستينيات.

وفي عام 2009، تأسس مشروع "Predict"، بتمويل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، الذي قام بتطوير أداة تتبع الوباء.

وكلفت المبادرة بتحديد الأمراض حيوانية المنشأ الجديدة والإستجابة لها، بما في ذلك فيروسات كورونا، قبل أن تنتشر إلى البشر. 

ومنذ تأسيسها، حُددت خمسة فيروسات كورونا بشرية أخرى، بما في ذلك "كوفيد-19".

ويقدر دزاك أن الخفافيش تؤوي ما يصل إلى 15 ألف فيروس تاجي، وبضع مئات منها معروفة حالياً.

وتركز منظمة دزاك على منطقة جنوب غرب الصين، وبالتحديد على نظام كهف الحجر الجيري في مقاطعة يونان، والذي يعرف بتضمنه عدداً كبيراً من الخفافيش.

ويوضح دزاك: "لقد استهدفنا الصين في البداية لأننا كنا نبحث عن أصول السارس. ولكن بعد ذلك أدركنا أن هناك المئات من الفيروسات التاجية الخطيرة الأخرى هناك، لذلك قررنا تحويل انتباهنا إلى العثور عليها".

ويعمل مشروع "Predict" في 31 دولة، حيث بدأ فريق آخر من الباحثين عن الفيروسات، من مؤسسة سميثسونيان، التركيز على ميانمار وكينيا.

وتقول سوزان موراي، التي تقود برنامج الصحة العالمية التابع لمعهد سميثسونيان إنه حتى الآن، تمكنا من تحديد 6 فيروسات كورونا مستجدة في ميانمار".

ويوضح دون زيمرمان، الذي يقود بعض بعثات أخذ العينات من معهد سميثسونيان، أن "هذه مناطق تحتوي على الكثير من التنوع البيولوجي للحياة البرية، وفيها تزايد عدد السكان الذين يتعدون على الموائل الطبيعية، وأعداد كبيرة من الماشية، مما يعني وجود احتمال كبير لانتشار الفيروس بين الأنواع".