كيف تؤثر المشروبات الكحولية على الدماغ؟ دراسة تكشف الرابط بينهما

علوم وصحة
نشر
6 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- توصلت دراسة جديدة إلى أنّ استهلاك معدّل نصف ليتر من الجعة، أو كأس من النبيذ في اليوم، قد يطلق شرارة بدء عملية تقليص الحجم الكلي للدماغ، وهذا الضرر يزداد سوءًا كلّما زادت كمية المشروبات الكحولية المستهلكة يوميًا.

وكمعدل وسطي​، من هم في الخمسين من عمرهم وشربوا نصف لتر من الجعة، أو 6 أونصات من النبيذ (كأسان) يوميًا لمدة شهر، بدت أدمغتهم أكبر بسنتين ممّن استهلكوا نصف كوب من الجعة فقط.

أما من استهلكوا ثلاث وحدات من الكحول (وحدة الكحول تساوي 10 ملليغرامات أو 8 غرامات من الكحول النقي) يوميًا ضمن هذه الفئة العمرية، فعانوا من تراجع في كل من المادتين البيضاء والرمادية، فبدا عمر أدمغتهم أكبر بثلاثة أعوام ونصف العام.

وأظهرت الدراسة أنّ أدمغة الأشخاص الذين لا يستهلكون المشروبات الكحولية، وشرعوا بتناول وحدة كحول كمعدّل وسطي ​​يوميًا، تقدمًت بالعمر نحو نصف عام.

وللعلم، يزيد استهلاك أربع وحدات كحول يوميًا عمر دماغ الفرد أكثر من 10 أعوام.

وأشار المؤلف الأول للدراسة ريمي دافيت، الأستاذ المساعد للتسويق بكلية ويسكونسن للأعمال في جامعة ويسكونسن ماديسون، ببيان إلى أنّ الأمر يزداد سوءًا كلما استهلك الشخص المزيد من المشروبات الكحولية".

من جانبها، أوضحت باحثة الكحول إيمانويلا جاكيدو، أستاذة علوم المقاييس الصحية في جامعة واشنطن أن "مشكلة هذه الدراسة هي أن لديها معلومات فقط حول عادات الشرب لدى المشاركين لسنة واحدة قبل تصوير الدماغ".

وأضافت: "أعتقد أن هذا يضع حدًّا كبيرًا على الدراسة لأن من المحتمل أن الاستهلاك التراكمي للكحول طوال الحياة يرتبط بالدماغ، وليس فقط مستوى الاستهلاك قبل التقاط صور للدماغ مباشرة".

وأشارت إلى أنّ العلاقة بين الكحول والصحة معقدة، وفهمنا لتلك العلاقة يتطور مع مرور الوقت، مضيفًة أنّ "هذه الدراسة لا تساعدنا على استخلاص أي استنتاجات نهائية، لكن يمكنها القول إنّ مؤلفي الدراسة حددوا مجالات يجب أن تخضع لمزيد من الأبحاث".

هل هناك فوائد لاستهلاك المشروبات الكحولية؟

اعتاد الأطباء الاعتقاد أنّ استهلاك الكميات المعتدلة من المشروبات الكحولية قد تعود بفائدة صحية، خصوصًا على القلب والدماغ، لكن الأبحاث الحديثة جعلت هذا الافتراض موضع تساؤل.

وتوصلت دراسات عديدة إلى عدم وجود كمية "صحية" من الكحول، ونشر الاتحاد العالمي للقلب أخيرًا موجزًا أفاد أن "لا يوجد مستوى يكون فيه استهلاك المشروبات الكحولية آمنًا على الصحة".

وأوضحت جاكيدو أنّ استهلاك الكميات القليلة من المشرويات الكحولية يرتبط بفوائد صحية في بعض الحالات، مثل مرضى القلب الإقفاري، والسكري، لكنها، من جهة أخرى، قد تتسبّب بالضرر، مثل حوادث المرور على الطرقات ومرضى سرطان الثدي"، وأضافت أن هناك حالات أخرى، مثل السكتة الدماغية، حيث تكون النتيجة غير واضحة.

وأكدت أنه "استنادًا إلى ما نعرفه راهنًا، يعتمد الضرر أو الفائدة المتأتيان عن استهلاك كميات قليلة من المشروبات الكحولية على الحالة الصحية لهذا الشخص والمخاطر المعرّض لها. هل هم أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب، أو السرطان"؟ 

عمليات مسح الدماغ وحجم الدراسة الكبير

حلل التقرير بيانات تعود لأكثر من 36 ألف شخص شاركوا في دراسة البنك الحيوي في المملكة المتحدة، التي تضم معلومات وراثية وصحية متعمقة لأكثر من 500 ألف بالغ في منتصف العمر يعيشون في المملكة المتحدة.

وقدم الأشخاص في الدراسة معلومات عن عدد المشروبات التي قاموا باستهلاكها كل أسبوع في العام السابق، وخضعوا لفحص الدماغ بالرنين المغناطيسي.

وقارن الباحثون عمليات المسح التي أجروها بصور لأدمغة شيخوخة نموذجية، ثم تم التحكم بمتغيرات مثل العمر، والجنس، وحالة التدخين، والحالة الاجتماعية والاقتصادية، والنسب الجيني، والحجم الكلي للرأس.

وقال المؤلف المشارك في الدراسة جيديون نايف، أستاذ التسويق المساعد بكلية وارتون في جامعة بنسلفانيا، في بيان: "حقيقةَ أنّ لدينا عينة كبيرة بهذا الحجم يسمح لنا بالعثور على أنماط دقيقة، حتى بين شرب ما يعادل نصف بيرة وبيرة واحدة يوميًا".

وأضاف نايف أنّ امتلاك مجموعة البيانات هذه يشبه وجود مجهر أو تلسكوب بعدسة أكثر قوة.

وقال لـCNN إن هذا هو السبب في أن هذه الدراسة تمكنت من العثور على نمط ارتباط أكثر وضوحًا بين استهلاك المشروبات الكحولية وحجم الدماغ، مقارنة مع الدراسات السابقة.

رغم ذلك، أكد أنّ النتائج تقدم مجرد ارتباط، إذ لم تستطع الدراسة إثبات العلاقة السببية بينهما.

وأشار إلى أن هذه الدراسة هي البحث الأكبر في هذا الموضوع لأنه "يستخدم عينة عامة من السكان، ويتحكم بالإرباكات أكثر من ذي قبل، مضيفًا أنها على هذا النحو، توفر أدلة أكثر بكثير من أي أبحاث سابقة وتقرّبنا من تسوية الجدل".

لكن هذا لم يمنع الدراسة من إبقاء العديد من الأسئلة من دون إجابة، مثل التفاعل المعرفي لدى الشخص، حسبما قالته جاكيدو.

وتابعت: "أعتقد أن هناك أدلة كافية تشير إلى أن وظائف الدماغ تتدهور بشكل أسرع بين أولئك الذين لا يشاركون في أنشطة تحفيز فكري، سواء من خلال العمل أو الهوايات".

وأضافت "انتقادي الرئيس هو أنّ المؤلفين يفرطون في تفسير نتائج دراستهم، ويستخلصون استنتاجات لا يدعمها بالضرورة ما قُدم في الورقة البحثية"، في إشارة إلى أنها لم تقتنع باستنتاجات الدراسة.