هذا المقال بقلم کاملیا انتخابی فرد، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
بعد ثلاث سنوات تقريبا من الوصول إلى اتفاقية نووية مع إيران (15 يوليو 2015)، لا نعلم ما الذي يجعل السياسة الخارجية الإيرانية تتردد في التواصل مع الدول الإقليمية!
الاتفاقية النووية التي توصلت إليها إيران مع الغرب قد تتحول في الواقع إلى هزيمة إذا قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عدم المصادقة على التزام إيران بالاتفاقية في 12 مايو القادم.
في المقابل، يمكن أن تحقق هذه الاتفاقية الدولية التاريخية نجاحاً ساحقاً وانتصارا دبلوماسياً حقيقياً إذا فهم القادة في إيران أن الدول الإقليمية المجاورة أطراف مهمة يجب الاهتمام بالتواصل معها. هذه ملاحظة هامة على خلفية المؤتمر الأمني الذي عقد في ميونيخ مؤخراً وتحدث فيه كل من وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، وزير الخارجية السعودي عبد الله جبير، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بين مسؤولين دوليين آخرين، وعبروا فيه عن قلقهم إزاء الأمن الإقليمي.
بالطبع فإن جميع المشاركين في المؤتمر تحدثوا عن إيران على أنها العامل الرئيسي في حالة عدم الاستقرار في المنطقة، وأكدوا على الحاجة لتشكيل تحالف لمواجهة التهديدات التي تشكلها الميليشيات المتحالفة مع إيران.
السفيرة الأمريكية إلى الأمم المتحدة في نيويورك، نيكي هايلي، قالت إنها تعمل على مشروع قرار في مجلس الأمن لتمديد حظر تصدير الأسلحة إلى اليمن عاماً آخر، وكذلك تحميل إيران مسؤولية إرسال الصواريخ البالستيىة إلى ميليشيات المتمردين الحوثيين في اليمن. كما كرر الجنرال ماكماستر، مستشار الأمن القومي الأمريكي، نفس الاتهامات في ميونيخ ضد إيران وحذّر بأن الولايات المتحدة لن تتحمل ممارسات إيران التي تزعزع استقرار المنطقة.
يبدو أن مشروع القرار الذي تتحدث نيكي هايلي عن استصداره في مجلس الأمن ذكي إلى حد كبير ومن الممكن الحصول على موافقة أعضاء مجلس الأمن عليه لأنه لا يتحدث عن فرض عقوبات على إيران، لكنه يدين ممارسات إيران ومشاركتها في حرب اليمن. ويبدو أن هناك ما يكفي من التعاطف مع مشروع القرار الأمريكي بين دول الاتحاد الأوروبي. رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي التقت مع نظيرتها الألمانية انجيلا ميركل في برلين، وعبرت الزعيمتان الأوروبيتان عن قلق بلديهما من البرنامج الصاروخي الإيراني، وأشارت رئيسة الوزراء البريطانية أنها تتفهم القلق الأمريكي من سلوك إيران في المنطقة وأن بلادها مستعدة لاتخاذ أي إجراء مناسب لمواجهة ذلك.
وفي المقابل، قال وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف في المؤتمر الأمني في ميونيخ إن هناك قضايا أهم من "السيرك الهزلي" الذي قدمه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو أمام المؤتمر وهدد فيه طهران برد عنيف في حال شنت هجوما على إسرائيل انطلاقا من سوريا (نتنياهو كان قد أحضر معه قطعة معدنية قال أنها جزء من طائرة إيرانية بدون طيار أسقطتها إسرائيل بعد دخولها المجال الجوي الإسرائيلي وعرضها خلال خطابه أمام الحضور). ظريف تحدث عن موضوع الأمن في منطقة الخليج وحذر أن الظروف الحالية يمكن أن تقود إلى أزمة حقيقية. وطالب ظريف بالتوصل إلى ترتيبات أمنية جديدة بين إيران ودول الجوار العربية، لكنه لم يوضح نوعية الترتيبات التي يفكر فيها. علما أن إيران كان لديها أكثر من عامين للوصول إلى ترتيبات أمنية وتحسين العلاقات مع دول الجوار بعد توقيع الاتفاقية النووية، لكنها فشلت في تحقيق أي تقدم في هذا المجال.
لكن الوقت لم يفت بعد للوصول إلى ترتيبات مرضية، ويبدو أن الإيرانيين يبحثون عن مخرج آمن من المأزق الحالي بين طهران وواشنطن بغية إنقاذ الاتفاقية النووية من حالة الضياع التي تمر بها حالياً. ربما يكون من الصعب في هذه المرحلة الحديث عن "اتفاقية إقليمية" وعن تحسين العلاقات بين إيران ودول الجوار، خاصة السعودية ومصر، في الوقت الذي وصل فيه انعدام الثقة والعداء بين الأطراف إلى هذا المستوى من التأزم. ولكن، مع ذلك، لا يوجد أي طرف في المنطقة يرغب في حدوث أزمة أخرى، وربما تكون هناك حالة ترقب لرؤية خطة ظريف البديلة لإنقاذ الاتفاقية النووية الإيرانية، وربما عقد اتفاقية إقليمية.