هذا المقال بقلم کاملیا انتخابی فرد، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
انشغلت وسائل الإعلام العالمية إلى حد كبير بأول زيارة رسمية يقوم بها ولي العهد السعودي الشاب الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة، وهي زيارة مطولة يزور فيها مناطق متعددة من الولايات المتحدة. بدأت رحلة الأمير الشاب في واشنطن حيث زار الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض، ومن ثم انطلق إلى بوسطن حيث يلتقي مع كبار الأكاديميين ورجال الصناعة. وبعد ذلك تستمر رحلة ولي العهد السعودي حيث ستكون محطته التالية هوليوود. ومن المتوقع أن يعود الأمير محمد بن سلمان إلى بلاده مع حفنة من الإنجازات التي سيقدمها إلى أبناء شعبه الذين ينتظرونه مع ما حققه من إنجازات.
الأمير محمد بن سلمان يسعى من خلال زيارته، من بين أمور أخرى، إلى حشد الكثير من الدعم الإقليمي والعالمي لنفسه. ويتوقع الكثيرون أن خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، قد يتنازل عن العرش لابنه ولي العهد الشاب خلال فترة رئاسة دونالد ترامب، حيث سيقود بلاده كأصغر ملك للبلاد منذ تأسيسها.
وقد أصبح من الواضح من مجريات الأحداث على الساحة السعودية والإقليمية والدولية أننا نشهد حالياً فترة وصلت فيها العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق. ويرتبط ذلك بعدة عوامل، بما في ذلك شخصية كل من الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب وولي العهد السعودي الشاب الذي يقود حملة سريعة للإصلاح في المملكة.
قد يهمك أيضا: ترامب يتحدث كثيرا عن أموال السعودية.. كم تبلغ الاستثمارات الأمريكية بالمملكة؟
السعودية كانت ترى أن الرئيس الأمريكي السابق باراك اوباما تخلى عن العلاقة الخاصة التي تربط بين أمريكا والمملكة، بينما ترى أن الرئيس ترامب، الذي جعل السعودية الوجهة الدولية الأولى في رحلاته الخارجية، استعاد تلك العلاقة وعززها. أما مهمة ولي العهد الشاب فإنها الاستمرار في برنامجه الإصلاحي المتسارع لما فيه مصلحة بلاده وشعبه وتغيير صورة بلاده على الساحة الدولية.
في مقابلة أجراها الأمير محمد بن سلمان مع برنامج (60 دقيقة) الشهير على قناة CBS الأمريكية، والتي عرضت في يوم الأحد 18 مارس قبيل بدء زيارته إلى الولايات المتحدة، اتهم ولي العهد السعودي إيران وسلوكها منذ ثورة 1979 بالتشجيع على ظهور التطرف في مناطق مختلفة من العالم الإسلامي، بما في ذلك في السعودية. وأكد بن سلمان أن المجتمع السعودي قبل 40 عاماً، أي قبل قيام الثورة الإيرانية، كان مجتمعاً معتدلاً، حيث كانت النساء قادرات على قيادة السيارة وكان هناك دور سينما في المملكة، لكن المجتمع السعودي تحول إلى التطرف بسبب تغير السلوك الإيراني في المنطقة.
وبالطبع فإن القيادة السعودية لديها مشكلة من نوع خاص مع الملف النووي الإيراني والاتفاقية النووية الإيرانية. فقد وقفت الرياض منذ البداية ضد التقارب بين واشنطن وطهران لأنها لم تكن ترى أي تغير في السلوك الإيراني على مستوى المنطقة منذ الثورة الإيرانية، حتى بعد توقيع الاتفاقية النووية.
والآن لدى الأمير الشاب الكثير من الملفات التي ناقشها مع الرئيس دونالد ترامب، بما في ذلك إيران واليمن، لكن الملف الأهم ربما كان ملف الإصلاحات في السعودية والتوقعات التي يأمل ولي العهد السعودي تحقيقها في بلاده بحلول عام 2030.
الأمير محمد بن سلمان يفهم جيداً أن الدعم الأمريكي للمملكة ليس مضموناً إلى الأبد. فبعد حوالي ثلاث سنوات ستكون هناك انتخابات رئاسية أمريكية قد تجلب رئيساً جديداً إلى البيت الأبيض يحمل معه خطة عمل مختلفة حول الشرق الأوسط. لكن التغييرات والإصلاحات التي يجريها ولي العهد في بلاده هي التي يمكن أن تضمن له استمرار حكمه ربما لعقود قادمة دون أن يكون اعتماده الرئيسي على الدعم الغربي.