عمان، الأردن (CNN)-- قطعت أزمة فيروس كورونا أوصال عائلات أردنية علق أفرادها خارج البلاد، وذلك خلال إقامة عمل أُنهيت بسبب تداعيات الإغلاق، أو زيارات عائلية أو طلبا للعلم، فيما حالت قرارات السلطات الأردنية دون عودة بعضهم، رُغم وجود حالات إنسانية، ودفع انقطاع عمل بعضهم إلى تلقيهم معونات من مجموعات مساندة في جالياتهم.
وأعلن وزير الدولة لشؤون الإعلام في الحكومة، أمجد العضايلة، السبت، عن بدء العمل على المرحلة الثانية لعودة الأردنيين من الخارج، بداية من 15 مايو أيار، لمن تقطعت بهم السبل.
وفي حين يتوقع أن تشمل المرحلة الثانية إعادة 3 آلاف أردني من الخارج، إلا أن ارتفاع تكاليف العودة التي تصل إلى 1600 دينار أردني، يحول دون عودة الكثيرين.
وقال مصدر رفيع في الحكومة الأردنية الأحد، لـ CNN بالعربية، إن الأولوية الآن لمن تقطعت بهم السبل ولحملة الجوازات الأردنية، مشيرًا إلى أن تكاليف العودة وإقامة الحجر مفروضة على العائدين، وأن الحكومة إلى الآن لن تتحمّل هذه التكاليف.
وفي سؤال لـCNN بالعربية حول دعوات بعض المغتربين من حملة الجوازات الأردنية المؤقتة أو أبناء الأردنيات لشمولهم بالعودة، قال المصدر إن قضيتهم قد تُدرس لاحقا.
لكن الأردني صالح تيّم، من مواليد 1972، الذي ذهب في إقامة عمل إلى الرياض منذ أكتوبر تشرين الأول 2019 كمدير للعمليات في شركة مطاعم، توقف عن العمل وتم تسريحه وإصدار تأشيرة خروج نهائي له، صالحة لستين يومًا مع إمكانية تجديدها لمدة 3 شهور فقط.
ويشكو تيّم وآلاف الأردنيين من تقطع السبل بهم. وقال لـCNN بالعربية: "الآن لا يمكن لنا أن نعمل ولابد من نقل الكفالة من صاحب عمل لآخر وهو غير متاح، الآن أنا أمكث مع 3 من الطباخين الأردنيين في نفس السكن ولا معيل لنا سوى بعض أولاد الحلال الأردنيين العاملين.
ويضيف تيّم: "عايشين على الصدقات ونخجل أن نقول ذلك، والله راحمنا أن عائلاتنا ليست معنا، لدي عائلة و3 أبناء في الأردن في مدارس خاصة، أنا معيلهم الوحيد وبيتي مستأجر، ولدى ابنة في مرحلة الثانوية العامة.. الوضع بالحضيض".
ويناشد تيّم مسؤولي الحكومة بتسهيل إجراءات عودتهم عن طريق البر، في ظل التكاليف المُرهقة التي تتطلب حجز طيران وإقامة فندق، وقال:"كل يوم يمر علينا وكأنه سنة والله أعلم بالحال".
ويخشى تيّم من بقائه لفترة أطول، في وقت لا تتوفر فيه تكاليف الحجر الصحي الإجباري، داعيًا إلى الاستفادة من مبادرة أطلقها 4 أردنيين باسم #راحتي_بين_أهلي في السعودية، لمتابعة قضية 4 آلاف أردني عالق.
واستطاعت السفارة الأردنية في الرياض عبر السفير علي الكايد، إدخال 200 أردني عبر الحدود البرية للأردن على دفعات، وذلك بالتنسيق مع مركز إدارة الأزمات في عمّان كحالات طارئة إنسانية وبمتابعة تطوعية مع الأهالي من المبادرة، بحسب ما قال أحد مؤسسيها معتصم أرشيدات.
ويقول أرشيدات: "نجحت المبادرة للآن في إدخال 200 أردني، من بينهم نساء وعائلات، منهم من انتظر على الحدود فترة طويلة، ومنهم من دخل إلى الأردن مؤخرًا، ويقع على عاتقهم تحمّل تكاليف الإقامة في الحجر الصحي في عمّان حيث تم تخصيص فندقين".
ومن المتوقع أن تستمر المبادرة تباعًا في عملها لإدخال المزيد من العالقين، وفقا للطاقة الاستيعابية التي ستسمح بها الحكومة الأردنية، بحسب ارشيدات.
أما عبير الأفيوني، وهي سيدة أردنية مُتزوجة مقيمة في الكويت، ولديها ابن وابنة يدرسان في بريطانيا، فإنها علقت وتشتت شمل عائلتها بعد قدومها للأردن في زيارة لمتابعة بعض الأعمال الاستثمارية لها، منذ أكثر من شهرين.
وتشعر الأفيوني القلق حيال بقاء زوجها ووالدتها المسنة في الكويت، لكن هاجسها الأكبر حاليًا هو ابنتها "ليان"، البالغة من العمر 20 عامًا، التي تحمل الجنسية الأسترالية لأب من أًصول فلسطينية، وتعاني من مرض التصلب اللويحي، وترغب بالعودة إلى الأردن لتكون برفقة والدتها، كأبناء أردنيات.
وتقول الأفيوني لـ CNN بالعربية: "ابنتي أنجبتها بعد 12 عامًا من الانتظار، وظهرت عليها أعراض التصلب اللويحي منذ عام ونصف، وتعيش الآن حالة من الرعب الدائم بسبب مناعتها في بريطانيا خشية انتقال الفيروس لها، كل يوم نعيش في صراع، وهي حالة إنسانية أدعو الحكومة الأردنية بالسماح لها بالتسجيل للعودة إلى الأردن، ومعاملتها كأبناء أردنيات".
حال الأردنية شذى، من مواليد 1981، لا يقل صعوبة، حيث غادرت إلى قطر في 12 مارس آذار الماضي في زيارة لزوجها الجديد مع حجز موعد مسبق للعودة في 9 نيسان إبريل، إلا أنها واجهت حالة من الصدمة بعد حدوث خلاف بينهما، ما اضطرها إلى اللجوء إلى بعض المحسنين للمكوث في منزل آخر، مناشدة السلطات الأردنية مساعدتها العودة إلى بلدها.
وقالت شذى، التي اطلعت CNN بالعربية على وثائقها: "تقطعت بي السبل ولا أملك أي أموال لأحجز وأعود وقد تركت 3 أبناء من زواجي الأول في عمّان، أصغرهم 10 سنوات. أهل الخير أمنوا لي استوديو للسكن وأعيش على المساعدات وأخشى من منعي من السفر أيضًا".
وتناشد شذى السلطات الأردنية تسهيل إجراءات عودتها إلى بلدها وعائلتها، وقالت: "حالتي النفسية تزداد (سوءً) يومًا بعد يوم والخوف يسيطر علي، وقد تواصلت مع السفارة وسجلت عبر المنصة لكنني لا أستطيع تحمّل هذه التكاليف في حال تسيير رحلات من قطر".