أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) – عُلق إنشاء مشروع سري داخل ميناء يستقبل سفن الشحن الصينية قرب العاصمة الإماراتية، أبوظبي، مؤقتا على أقل تقدير، بعد ضغط شديد من الولايات المتحدة الأمريكية، حسبما قال مصدران مطلعان على الأمر لـCNN، واللذان أكدا أن المخاوف الأمريكية من الوجود الصيني في الإمارات لا تزال بعيدة عن الطمأنة.
وكان مشروع الميناء محط تركيز محادثات دبلوماسية مضطربة في الأشهر الماضية بين مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى ومشرعي الكونغرس وقد أثر ذلك سلبا على عملية بيع واشنطن أسلحة متقدمة وذخائر لأبوظبي.
وقال مصدر مطلع على المعلومات الاستخباراتية: "اطلعنا مؤخرا، لقد أقنعنا الإماراتيين بإقفال المشروع"، وأضاف: "لكنها لا تزال قضية قائمة"، حسب قوله، في حين كانت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أول من تحدث عن تعليق العمل في المشروع.
وتابع المسؤولون الأمريكيون ما اعتقدوا أنها منشأة عسكرية داخل ميناء خليفة التجاري، والذي يبعد 50 كم عن مركز مدينة أبوظبي، وتعتبر واشنطن الإمارات شريكا في محاربة الإرهاب ولديها آلاف الجنود الموجودون في قاعدة جوية تبعد 20 كم عن أبوظبي.
وقال المصدران إنه بالرغم من أن الصين والإمارات صورتا مشروع الميناء على أنه تجاري إلا أن الاستخبارات الأمريكية رصدت سفنا متنكرة بالصفة التجارية وهو ما قيمه المسؤولون الامريكيون على أنه أسلوب معتاد يستخدمه الجيش الصيني لإرسال إشارة بدخول قطعة حربية إلى الميناء.
ويبقى هناك انقسام بين المسؤولين الأمريكيين حول مدى علم الإمارات بالنوايا الصينية، وقال متحدث باسم السفارة الإماراتية في واشنطن ببيان له إن الإمارات "لم تُبرم قط أي اتفاقية، أو خطة، أو محادثات أو نوايا، لاستضافة قاعدة عسكرية صينية أو أي شيء من هذا القبيل"، حسب قوله، في حين لم تتستجب السفارة الصينية لطلب الحصول على تعليق حول الأمر.
ودأبت الصين على إنشاء موانئ حول العالم، لكن يُعتقد أنها تطور موانئ تجارية داخل قواعد عسكرية حول العالم في خطوة يعتبرها مسؤولون أمريكيون جهدا واضحا لوضع قدم عسكرية في هذه المناطق، فقد طورت الصين موانئ تجارية في باكستان وسريلانكا، بالإضافة إلى إنشاء أول قاعدة عسكرية لها خارج البلاد في جيبوتي عام 2017.
وفرضت إدارتا ترامب وبايدن ضغطا على الإمارات لوضع حد للمشروع الصيني في الميناء، والذي يديره تكتل شحن صيني.
وفاتح مشرعون أمريكيون ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بموضوع مشروع الميناء أثناء زيارة للمنطقة في يونيو/حزيران الماضي، إذ قال السيناتور جيم إنهوف عن ولاية أوكلاهوما، وهو كبير المشرعين الجمهوريين في لجنة الخدمات العسكرية بمجلس الشيوخ، في تغريدة له إنه ناقش "المخاوف المشتركة حول الأنشطة الصينية العسكرية في الشرق الأوسط" مع الشيخ محمد بن زايد.
ورغم أن المشروع الصيني في ميناء خليفة توقف، إلا أن مسؤولين أمريكيين سابقين وحاليين يؤكدون أن الوجود الصيني الأوسع في الإمارات من شانه تعريض صفقات مقاتلات "F-35" والطائرات المسيرة والذخيرة المتطورة، للخطر، وفق ما شرحه مصدران على اطلاع.
وقالت مساعدة نائب وزير الخارجية الامريكي، ميرا رزنيك: "مقاتلات F-35 هي أثمن جواهرنا (أفضل أسلحتنا)، وعلينا أن نحمي التكنولوجيا الخاصة بنا وأمن شركائنا كافة"، وأضافت: "هذه المحادثات التي نجريها مع الإماراتيين حول الخيارات التي يمكن أن يختاروها الآن ليتأكدوا أن بإمكانهم أن يكونوا جزءا من برنامج F-35".
ورغم كل شيء، تبقى حقيقة أن بايدن نجح بإيقاف بناء المنشأة تمثل نصرا دبلوماسيا محوريا ضمن جهود أمريكا للتنافس مع الصين على الصعيد الدولي، وفقا لمسؤولين سابقين وحاليين، ويشيرون إلى أمرين أثرا بالأمر، أولهما صفقة طائرات "F-35" الأمريكية، والتي قد تسير قدما بعد هذا القرار، والاتفاقيات الإبراهيمية للسلام بين الإمارات والبحرين من جهة وإسرائيل من جهة أخرى.
وكتب إنهوف عبر تويتر: "أنا سعيد جدا بهذا التطور اليوم"، وتابع: "أتطلع قدما للتأكد من أن إدارة بايدن ستواصل محادثاتها البناءة مع أصدقائنا الإماراتيين حول المضي قدما بصفقة F-35، والتي ستبني علاقة طويلة الأمد بيننا".
وقالت روزنيك الثلاثاء للصحفيين في إيجاز إن أمريكا ستبقى "شريك اختياري لجميع حلفائنا في المنطقة"، حسب قوله.
وأضافت: "لا منافس استراتيجي بإمكانه، ولا يمكنهم لن يستطيعوا توفير ما توفره الولايات المتحدة، وهذا ما يعلمه حلفاؤنا وشركاؤنا، ولهذا هم يختارون دائما الولايات المتحدة"، حسب قولها.