دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- لا تنفك الحرائق المتتالية تندلع في محيط إهراءات (صوامع) القمح إلى الجهة الشمالية من مرفأ بيروت، عقب انفجار 4 آب 2020، الذي دمّر جزءًا كبيرًا منه ومن مدينة بيروت، وأسفر عن وقوع 207 ضحايا و5 آلاف جريح. وآخرها، الحريق الذي اندلع منذ نحو 7 أيام.
لم يُعمل على إطفاء الحريق إلى الآن بانتظار "الحلول الأنسب لكيفية التعامل مع الحريق" التي سيتضمنها التقرير الرسمي المرتقب صدوره عن اللجنة التي تضم خبراء محليين وأجانب وتقنيين، بالتعاون مع لجنة وزارية تتابع شؤون صوامع القمح وبنيتها التحتية، وفق ما قال العقيد ماهر عجوز، قائد فوج الإطفاء لـCNN بالعربية.
وحاولت CNN بالعربية التواصل مع العميد ريمون خطار، مدير عام المديرية العامة للدفاع المدني، للوقوف على آخر المستجدات التقنية التي تعيق إطفاء الحريق، فاكتفى بإرسال البيان الصادر عن المديرية قبل يومين، الذي يفيد بـ"أنه في إطار الرصد والمتابعة تمّ التشاور مع فوج إطفاء بيروت وتالياً مع الخبيرين اللذين يتابعان الوضع في محيط الإهراءات الأول من التابعية السويسرية ويدعى Emmanuel Derande الذي حذّر من مخاطر الإقتراب من المكان الموضوع تحت المراقبة الفنية بواسطة حسّاسات (Sensors) والتي تمّ تركيزها بعد الإنفجار تبعاً لمقتضيات المتابعة. والثاني هو خبير الحرائق Francois Poichotte وهو من التابعية الفرنسية والذي أكّد ان هذا الحريق تكرّر سابقاً ومن غير الممكن السيطرة عليه نهائياً لأن محاولة إطفائه بواسطة أي سائل سوف تؤدي إلى تخمير جديد تنتج عنه غازات أخرى لا تلبث أن تشتعل من جديد بفعل ارتفاع درجات الحرارة".
وتواصلت CNN بالعربية مع العقيد ماهر عجوز، قائد فوج الإطفاء الذي أكّد أنّ ثمة "حلولًا دومًا، ونحن في طور البحث عن الحل الأفضل والأسلم." وأشار إلى أنه شارك في اجتماع اللجنة الوزارية الذي عقد بالأمس، في وزارة الداخلية اللبنانية للنظر بالطريقة الأنسب للتعامل مع الحريق ولحماية الصوامع، مضيفًا "أننا في انتظار التقرير الرسمي الذي سيصدر عن لجنة الخبراء الأجانب والمحليين للتصرّف بموجبه".
وأوضح عجوز أن عناصر الدفاع المدني والإطفاء لا يمكنهم الاقتراب من موقع الحريق وتخطي حزام الأمان لأن الأمر يشكل خطرًا عليهم، لا سيما أن خبير البنية التحتية للصوامع حذر من الردم وتساقط الحجارة.
ولفت إلى أن "كمية القمح الموجودة في الإهراءات هائلة، وإطفاء حريق أشبه بإبرة مخدّر، لأنّ حريقًا آخر سينشب جراء عوامل عديدة بينها الحرارة، والرطوبة، والتخمّر، إلى العوامل الطبيعية".
جولة وزير الاقتصاد في المرفأ
وكان وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، أمين سلام، قام بجولة في مرفأ بيروت بالأمس، وصرّح أمام الإعلاميين بأنه "بعد مطالعة مجلس الوزراء للتقارير الهندسية التي رُفعت إليه، ونظرًا لظروف صوامع القمح، نحن ندرك أنّ حوادث من هذا النوع ستستمر إن لم يتم استخراج القمح، غير أنّ ذلك مستحيل إن لم تُهدم". وأشار إلى أنّ مجلس الوزراء تريّث بأخذ قرار الهدم تضامنًا مع أهالي الضحايا ومناشداتهم، لا سيّما أن التحقيقات باتت في مرحلة متقدمة مضيفًا "أنا كنت من هذا الرأي إذا لم يكن من ضرورة لذلك".
ولفت إلى أن الحريق الناشب اليوم يُشكّل خطرًا لأنه ناجم عن عوامل طبيعية، وعملية تخمير حبوب القمح والذرة، وأنّ ذلك سيستمر "حتى تفرغ كميات القمح أسفل الصوامع ما قد يوصلنا إلى النتيجة عينها وهي هبوط الهيكل تلقائيًا".
وأشار إلى أن موضوع السلامة العامة والموضوع البيئي يشكلان أولوية بالنسبة للجنة الوزارية، التي يبحث أعضاؤها عن أفضل خيار لمعالجة الأمر، بعيدًا عن أي قرار عشوائي، أو قرار بالهدم، أو قرار غير تقني ومدروس.
استياء الأهالي.. والحرائق مفتعلة؟
لكن التأخر بإطفائه أثار استياء سكان بيروت وأهالي ضحايا انفجار المرفأ، نظرًا للضرر البيئي الناجم عنه والخوف من أي تداعيات أخرى على السلامة العامة.
وفي حديث إلى موقع CNN بالعربية قال المهندس بول نجار، والد الطفلة ألكسندرا التي قضت في انفجار 4 آب: "تقنيًا هناك حلول لكل شيء ولا أدري كيف لم تتمكّن الدولة من التوصّل إليها لإطفاء هذا الحريق بعد؟". وأردف أنّه "من منظور السلامة العامة والبيئة، يتنشّق أهالي بيروت موادًا كيمائية خطرة.. هل من المعقول ألا تصدر أي تعليمات عن وزارة البيئة والحكومة تخبر السكان بكيفية التصرّف لحماية أنفسهم؟".
وسبق أن حدّدت السلطات المعنية حزام أمان يغطي مساحة 150 مترًا من محيط الإهراءات. وعليه لن تتمكن بحسب ما قال وليم نون، شقيق جو نون أحد ضحايا فوح الإطفاء لموقع CNN بالعربية، عناصر الدفاع الوطني وفوج الإطفاء من الاقتراب من موقع الحريق لإطفائه.
لكنّه ونجّار لم يستبعدا إمكانية أن يكون الحريق "مفتعلًا"، وأكدا أنّ على الدولة إيجاد حل لذلك. وزعم نجار أنهم "يريدون تدمير الصوامع لمحوها من الذاكرة المشتركة" مشيرًا إلى أنه يتم التنسيق مع نقابة المهندسين في لبنان من أجل المحافظة عليها من خلال تدعيمها."