أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- عندما قطعت السلطات الإيرانية الإنترنت في عام 2019 وسط احتجاجات مناهضة للحكومة، عانى المجتمع الدولي في عملية تتبع "المذابح" بحق المدنيين آنذاك.
خرج الشعب الإيراني إلى الشوارع للتظاهر بعد ارتفاع أسعار الوقود بنسبة تصل إلى 300٪ بين عشية وضحاها. ذكرت صحيفة نيويورك تايمز في ذلك الوقت أنه "ما بين 180 إلى 450 شخصًا وربما أكثر"، قُتلوا خلال 4 أيام من العنف، مع إصابة آلاف آخرين واحتجازهم، معظمهم أثناء غرق البلاد في الظلام الرقمي.
الآن، يشعر البعض بالقلق من أن التاريخ قد يعيد نفسه وسط تجدد الاضطرابات المدنية. تدفق المتظاهرون إلى الشوارع في الأيام الأخيرة بعد وفاة مهسا أميني، وهي فتاة تبلغ من العمر 22 عامًا، أثناء احتجازها لدى شرطة الأخلاق في طهران. زعم المسؤولون الإيرانيون أنها أصيبت بنوبة قلبية، لكن عائلتها قالت إنها لا تعاني من أمراض قلبية. وقال والدها أمجد أميني لـBBC فارسي: "ليس لدي أي فكرة عما فعلوه بها.. كل ما قيل كذب."
تم إغلاق شبكات الهاتف المحمول إلى حد كبير، وفقًا لمنظمة مراقبة الإنترنت Netblocks . وأكدت Meta أن الإيرانيين يواجهون مشكلة في الوصول إلى بعض تطبيقاتها، بما في ذلك واتساب وإنستغرام. على الرغم من أن هذا ليس كالإغلاق الكامل للإنترنت في عام 2019، إلا أن خبراء التكنولوجيا يقولون إنهم يرون نمطًا مشابهًا.
قال دوج مادوري، مدير تحليل الإنترنت في شركة Kentik إنه لا "يعتقد أن هناك أي شيء من شأنه أن يجعلنا نعتقد أن هذا الأمر جاء مصادفة"، وأضاف قائلا: "قراءتي للمشهد أن الهدف من هذا الإجراء منع الشعب من نشر مقاطع فيديو والتواصل مع العالم الخارجي"، حسب قوله.
من جانبه، أعرب مدير "نتبلوكس"، ألب توكر، عن قلقه إزاء الوضع قائلا إن انقطاع الإنترنت أصبح "التخوف الرئيسي الذي يجتاح أذهان الإيرانيين، خصوصا بعد أحداث 2019"، وتابع: "أكثر الأمور المقلقة في قطع تكنولوجيا المعلومات هي أننا لا يمكن أن نحدد حصيلة القتلى بدقة"، وأضاف: "لأن توثيق ما يحدث، على صعيد انتهاكات حقوق الإنسان وسوء استغلال السلطة، يصبح أكثر صعوبة".
تقول جماعات حقوق الإنسان إن ثمانية أشخاص على الأقل قتلوا في المظاهرات حتى الآن، وتدعو المجتمع الدولي - وقطاع التكنولوجيا على وجه الخصوص - لبذل المزيد لدعم الشعب الإيراني. أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يوم الجمعة عن خطوات تتخذها الإدارة الأمريكية لرفع بعض الإجراءات المرتبطة بالعقوبات على قطاع الاتصالات في إيران والسماح لشركات التكنولوجيا الأمريكية بمساعدة الشعب الإيراني في الوصول إلى الأدوات الرقمية.
وقال بلينكن: "سوف نساعد في التأكد من أن الشعب الإيراني ليس معزولا وليس في الظلام". هذه خطوة ملموسة لتقديم دعم حقيقي للإيرانيين للمطالبة باحترام حقوقهم الأساسية.
قد يكون الوقت هو الجوهر. قال مادوري إنه في حين أن التعتيم الحالي على الإنترنت "ليس شديداً مثل نوفمبر 2019" ، إلا أن هناك مخاوف من احتمال حدوثه في نهاية المطاف.
يعتقد الخبراء أن المسؤولين الإيرانيين يتبعون حاليًا كتيبًا مألوفًا، كونهم "أولاً، قاموا بإغلاق بيانات الهاتف المحمول، وهذا أمر معقد بما يكفي، وإذا استمرت الاحتجاجات في الازدياد، فحينئذٍ يبدأون في توسيع نطاق إغلاق الإنترنت، خطوة بخطوة حتى يصلوا إلى الاغلاق الكامل".
ولكن حتى كما هو الحال الآن، فإن الخيارات المتاحة للتغلب على انقطاع خدمة الإنترنت محدودة.
قال توكر إن أساليب تقييد الإنترنت وتعطيله متنوعة للغاية لدرجة أن الأدوات الأكثر تقدمًا للالتفاف على انقطاع الخدمة أصبحت أكثر صعوبة في الاستخدام. وأشار إلى أن الخيار الحقيقي الوحيد أثناء الانقطاع التام للإنترنت هو توثيق الأشياء على أمل أنه عندما تعود خدمة الإنترنت، يمكن توزيعها، كدليل على انتهاكات حقوق الإنسان، على سبيل المثال.
يدعو البعض الآن صناعة التكنولوجيا إلى بذل المزيد من الجهد للمساعدة.
على سبيل المثال ، قالت واتساب المملوكة لشركة Meta "ستفعل أي شيء في حدود قدرتنا التقنية للحفاظ على تشغيل خدمتنا." يطلب تطبيق الرسائل المشفرة Signal مساعدة الجمهور في إستخدام "خادم وكيل سيمكن الأشخاص في إيران من الاتصال بالتطبيق" وسط حالات انقطاع الخدمة.