القاهرة، مصر (CNN)-- تراكمت الأعلاف في الموانئ المصرية مرة ثانية نتيجة نقص تدبير الدولار اللازم للإفراج عن الكميات المحتجزة، مما أثر سلبًا على حجم الإنتاج المحلي من الدواجن، وزيادة أسعارها لتستقر عند مستوى 70 جنيهًا (2.27 دولار) للكيلو في المزرعة.
ويأتي ذلك رغم انخفاض الاستهلاك بسبب ضعف القوة الشرائية، وفقًا لتأكيدات تجار ومربين، موضحين أن الحكومة تسعى لتدبير الدولار اللازم للإفراج الدوري عن الأعلاف وتوفيره للسوق المحلي لاستمرار معدلات الإنتاج وتوازن الأسعار.
وتعاني مصر من نقص الدولار منذ شهر مارس/أذار من العام الماضي، نتيجة موجة التضخم العالمية، والحرب الروسية- الأوكرانية التي أثرت على خروج الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، مما أدى إلى تراجع الاحتياطي النقدي في مصر، وحاولت الحكومة التغلب على هذه الأزمة من خلال تخفيض سعر الجنيه لوقف المضاربات على الدولار، والحصول على قرض من صندوق النقد الأجنبي لعودة الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة.
وقال عادل الألفي، عضو الاتحاد العام لمنتجي الدواجن العضو المنتدب لشركة القاهرة للدواجن، إن أزمة تراكم أعلاف الدواجن بالموانئ المصرية عادت مرة ثانية نتيجة نقص تدبير النقد الأجنبي اللازم للإفراج عن الكميات المستوردة، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الأعلاف في السوق المحلي لمستويات غير مسبوقة في ظل نقص المعروض، وهو ما انعكس على زيادة أسعار الدواجن في المزارع.
وزاد متوسط أسعار الدواجن في المزرعة إلى 69-70 جنيهًا (2.23-2.27 دولار) للكيلو، بختام الأسبوع الجاري، وقفز سعر كرتونة البيض الأبيض والأحمر إلى 104.75 جنيه (3.39 دولار)، والبيض البلدي 103.75 جنيه (3.36 دولار).
وأوضح الألفي، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن الحكومة المصرية نجحت في توفير النقد الأجنبي مع مطلع العام الحالي، والإفراج عن كميات ضخمة من الأعلاف المحتجزة في الموانئ، وانتظم تدفق الدولار في السوق خلال شهر يناير/كانون الثاني وحتى منتصف شهر فبراير/شباط، قبل أن يتراجع حجم المعروض من الدولار مرة ثانية تدريجيًا، مقابل الطلب اللازم لاستيراد الأعلاف ليواجه المنتجون والمربون أزمة في تدبير مستلزمات الإنتاج لدورة الإنتاج الحالية، هذا بجانب تحمل الشركات أعباء دفع غرامات لحجز الأعلاف في الموانئ.
وطبق البنك المركزي المصري، نظام الاعتمادات المستندية في استيراد المنتجات مطلع شهر أبريل/ نيسان من العام الماضي لتحجيم الاستيراد عقب التراجع الكبير في الاحتياطي النقدي الأجنبي للبلاد، وأدى هذا النظام إلى نقص كبير في المعروض من مستلزمات الإنتاج والمواد الخام من بينها الأعلاف، مما أثر على زيادة أسعار السلع، قبل أن تقرر الحكومة إلغاء هذا النظام مطلع العام الحالي، وتوفير النقد الأجنبي للإفراج عن السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج.
وقدر عادل الألفي، حجم كميات الأعلاف المحتجزة في الموانئ لتتجاوز 700 ألف طن من الذرة، وبنفس الكميات للصويا ومستلزمات الأعلاف الأخرى، مشيرًا إلى أن تأخر الإفراج عن الأعلاف قد يدفع الموردين في الخارج لمنع أو تقليل كميات التصدير لمصر مرة ثانية نتيجة حجز البضائع المستوردة في الموانئ لأكثر من 3 شهور، مما قد يؤثر سلبًا على مخزون السلع الأساسية والأعلاف، وبالتالي زيادة أسعار المنتجات.
وتراجع مخزون مصر من السلع الاستراتيجية، وبلغ رصيد مخزون القمح 2.3 شهر، وسيبدأ توريد القمح المحلي اعتبارًا من الشهر الجاري، ويكفي رصيد الأرز 3.5 شهر، ورصيد السكر 4 أشهر، ويكفي مخزون الزيت احتياجات السوق المحلي لمدة 4.3 شهر، وفقًا لتصريحات رسمية لوزير التموين علي المصيلحي.
وأشار عضو الاتحاد العام لمنتجي الدواجن، إلى أن أزمة تراكم الأعلاف يؤثر سلبًا على كل الأطراف سواء المستهلك من خلال زيادة أسعار الدواجن، وهو ما حدث في شهر يناير/كانون الثاني الماضي وسجل سعر الكيلو 80 جنيهًا (2.59 دولار)، أو المنتجين خاصة صغار المربين، والذين لا يملكون الملاءة المالية لتحمل ارتفاع تكلفة الإنتاج مما يؤدي لتوقفهم عن التربية وبالتالي خفض الإنتاج المحلي، ومن ثم نقص المعروض من الدواجن في السوق.
ويبلغ حجم الإنتاج الداجني في مصر 1.4 مليار طائر، و13 مليار بيضة بما يكفي الاستهلاك المحلي، ويصل حجم الاستثمار الداجني إلى أكثر من 100 مليار جنيه (3.3 مليار دولار)، ووفقًا لبيانات وزارة الزراعة.
وحذر عضو الاتحاد العام لمنتجي الدواجن، من استمرار تراجع حجم الإنتاج المحلي من الدواجن نتيجة الزيادة الكبيرة في التكلفة سواء نتيجة ارتفاع أسعار الأعلاف عالميًا أو نقص حجم المعروض منها، ولانخفاض القوة الشرائية للمواطنين، التي أثرت بشكل كبير على حجم الاستهلاك، مستبعدًا تأثير الكميات المستوردة من الدواجن البرازيلية على تراجع سعر الدواجن في السوق.
واستوردت مصر 50 ألف طن من الدواجن البرازيلية لتوفيرها للمواطنين عبر منافذ وزارة التموين من خلال بطاقات التموين، وذلك للسيطرة على زيادة الأسعار.
غير أن عادل الألفي، أشار إلى أن الأزمة التي تواجه نشاط الإنتاج الداجني، دفعت المستوردين والحكومة للبحث عن بدائل تصنيع الأعلاف محليًا، مما يسهم في استدامة توفيرها للإنتاج الداجني، وخفض فاتورة الاستيراد من الخارج، خاصة وأن ارتفاع سعر الدولار ساهم في منح الأعلاف المنتجة محليًا ميزة تنافسية في السعر عن مثيلتها المستوردة.
وسجلت واردات مصر من الخارج زيادة خلال عام 2022 لتصل إلى 94.5 مليار جنيه بنسبة نمو 5.9%، وبلغت قيمة المستورد من الذرة وفول الصويا 5.7 مليار دولار خلال العام الماضي.
ومن جانبه قال سامح السيد، رئيس شعبة الدواجن باتحاد الغرف التجارية بالجيزة، إن السوق المحلي يعاني من نقص في الأعلاف اللازمة للإنتاج الداجني خاصة من فول الصويا، نتيجة تأخر الإفراج عن الأعلاف المستوردة، سواء لزيادة أسعارها عالميًا، ونقص تدبير النقد الأجنبي، ولذا، يتم تأخير الإفراج عنها على مراحل، وليس أولًا بأول مما أدى إلى انخفاض المعروض.
ووفقًا لبيان رسمي لوزير الزراعة المصري السيد القصير، بلغ حجم كميات الأعلاف المفرج عنها من الموانئ المصرية 3.8 مليون طن خلال الفترة من 16 أكتوبر/ تشرين الأول عام 2022 حتى 6 أبريل/ نيسان عام 2023 موزعة بين 2.7 مليون طن ذرة، و1.054 مليون طن فول صويا، وإضافات أعلاف بإجمالي مبلغ 1.85 مليار دولار.
وأضاف سامح السيد، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن اتحاد الغرف التجارية بالتعاون مع منتجي الدواجن يتشاورون مع الحكومة لسرعة الإفراج عن السلع الاستراتيجية والأعلاف فورًا، مع تشجيع الزراعات التعاقدية لزيادة الإنتاج المحلي من الأعلاف، مقدرًا حجم كميات الأعلاف المتراكمة في الموانئ بحوالي 350 ألف طن من الذرة الصفراء، وحوالي 250 ألف طن من فول الصويا.
وتحاول وزارة الزراعة، بالتنسيق مع البنك المركزي، الإفراج عن كميات مناسبة من الذرة وفول الصويا وخامات وإضافات الأعلاف في الموانئ المصرية لدعم صناعة الدواجن.
فيما يرى سامح السيد، أن الدواجن البرازيلية المستوردة ساهمت في استقرار الأسعار قبل موسم ارتفاع الطلب مع مطلع شهر رمضان، كما ساهمت في إتاحة المزيد من الدواجن المجمدة في المنافذ الحكومية.