القاهرة، مصر (CNN)-- سجل نظام انتخابات مجلس النواب أول حالة جدل بين جلسات الحوار الوطني في مصر، وانقسم المشاركون بين تأييد القائمة المغلقة المطلقة- المُطبقة حاليًا- مُبررين ذلك بأنها تحقق الالتزامات الدستورية من خلال ضمان تمثيل الفئات المحددة في الدستور.
وكان أبرز الداعمين لهذا النظام معظم الأحزاب الممثلة حاليًا في البرلمان، وهم مستقبل وطن، وحماة وطن، والشعب الجمهوري، والمؤتمر.
وفي المقابل، يرى آخرون أن القائمة النسبية تضمن تعبيرًا عادلا عن إرادة الناخبين، وتمثيلا لكل الأحزاب السياسية.
وأيد تطبيق هذا النظام أحزاب التجمع، الوفاق الوطني، الإصلاح والتنمية، النور، الحركة المدنية، العدل، والتي قدمت مقترحًا بتطبيق القائمة النسبية غير المنقوصة لضمان تمثيل الفئات المحددة بالدستور.
وانطلقت أولى جلسات الحوار الوطني، الأحد، بمناقشة قضايا المحور السياسي.
وانعقدت ثلاث جلسات متتالية للجان مباشرة الحقوق السياسية والتمثيل النيابي، وحقوق الإنسان والحريات العامة، والنقابات والمجتمع الأهلي وتناولت الأولى النظام الانتخابي لمجلس النواب.
وناقشت الجلسة الثانية القضاء على كافة أشكال التمييز، والثالثة تحدي التعاونيات ودور الجمعيات التعاونية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وقال عبد الناصر قنديل، الأمين العام المساعد لحزب التجمع - أحد الأحزاب اليسارية في مصر- إن بدء أولى جلسات الحوار الوطني بملف النظام الانتخابي لمجلس النواب هو أحد المطالب الهامة للأحزاب بهدف تهيئة البيئة السياسية والمناخ العام لوجود مجلس نيابي رقابي يستطيع ضبط أداء السلطة التنفيذية ومحاسبتها على سياستها، مما سينعكس مردوده على كافة مؤسسات الدولة المصرية، وكذلك على كافة الملفات سواء الاقتصادية أو الاجتماعية، ولذا شهدت الجلسة كثيرًا من الزخم وحضور العديد من الرموز وقادة الأحزاب السياسية، واهتمام أمناء الحوار الوطني.
ويشارك في الحوار الوطني، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، منذ عامين كل الأحزاب السياسية المؤيدة والمعارضة للنظام، ويتولى إدارته مجلس أمناء برئاسة ضياء رشوان، رئيس هيئة الاستعلامات، وعضوية 19 شخصية يمثلون فئات متنوعة.
وأكد قنديل، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن الجلسة الأولى للحوار الوطني لم تشهد محاولات لفرض قيود خلال المناقشات أو تمييز في عرض وطرح الرؤى والأفكار، مما نقل حالة ارتياح وطمأنه للمشاركين، مستشهدًا بطرح المشاركين مقترحات متعددة للأنظمة الانتخابية، ما بين القائمة المغلقة المطلقة أو النسبية الواحدة أو المزج بين أكثر نظام، مثل قائمة مغلقة مطلقة وأخرى نسبية أو قائمة مغلقة ومقاعد فردية.
وتنص المادة الثالثة في قانون مجلس النواب المصري، على أن يكون انتخابات مجلس النواب بواقع 284 مقعدًا بالنظام الفردي، و284 مقعدًا بنظام القوائم المغلقة المطلقة، ويحق للأحزاب والمستقلين الترشح في كل منهما.
وأشار عبد الناصر قنديل إلى أن حزب التجمع تقدم بمقترح متكامل لإجراء الانتخابات البرلماني بنظام قائمة نسبية مفتوحة (غير مشروطة) يتعامل مع مصر باعتبارها دائرة انتخابية واحدة وفي ذات الوقت قادر على استيفاء النسب الدستورية المنصوص عليها لبعض الفئات، لافتا إلى أن الأحكام بعدم دستورية بعض قوانين الانتخابات السابقة لم تكن بسبب النظام الانتخابي ولكن نتيجة وجود عوار في طريقة إدارته من حيث التفرقة بين الفئات والدوائر الانتخابية.
ويتيح نظام القائمة المغلقة المطلقة، للناخبين الاختيار بين القوائم المختلفة المشاركة في الانتخابات، وتنجح أكبر قائمة من حيث عدد الأصوات، أما القائمة النسبية تسمح للناخب باختيار مرشحين متنوعين من القائمة المشاركة، وتوزع المقاعد حسب ترتيب الأصوات التي حصدها المرشحون.
وتابع قنديل أن مقترح حزب التجمع تضمن رؤية متكاملة لكيفية تطبيق النظام النسبي في الانتخابات البرلمانية متضمنًا جداول إحصائية ورقمية، كما تضمن نموذج محاكاة كامل لكيفية توزيع المقاعد النسبي في دائرة واحدة بما يعزز مكانة الفئات المنصوص عليها في الدستور، قائلا إن الحزب رفض نظام القائمة النسبية متعددة التمثيل لصعوبة تطبيقها في ظل اختلاف التوزيع السكاني في مصر، ومن ثم قد يهدد بعدم دستورية النظام الانتخابي.
وينص الدستور المصري في مادتيه 243 و244 على أن يمثل العمال والفلاحين والشباب والمسيحيين والأشخاص ذوي الإعاقة والمصريين المقيمين في الخارج تمثيلًا ملائمًا في مجلس النواب، فيما تنص المادة 102 على أن يخصص للمرأة ما لا يقل عن ربع إجمالي عدد أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 450 عضوًا.
وقال الأمين العام المساعد لحزب التجمع إن مقترح الحزب يرفض تخصيص مقاعد للنظام الفردي بانتخابات مجلس النواب، بسبب عدم وجود تراكم لنظام حزبي واضح في مصر ليجعل نظام الاقتراع على المقاعد الفردية وفقًا لتوجهات المرشحين، مثل المطبق في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا، إذ يعتمد المرشحين على الأحزاب السياسية في التصويت الانتخابي
وضرب عبد الناصر قنديل مثالا بالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي حصد نسبة تصويت ضعيفة عندما خاض الانتخابات الرئاسية بعيدًا عن أحد الحزبين الرئيسين، ولكن في المرة الثانية عندما ترشح عن أحد الحزبين استطاع أن يصبح رئيسًا للولايات المتحدة.
وتنص المادة 102 بالدستور المصري على أن قانون الانتخابات هو المسؤول عن وضع شروط الترشح، ونظام الانتخاب، وتقسيم الدوائر الانتخابية.
وانتقد قنديل نظام الانتخاب بالقائمة المغلقة المطلقة لسببين، الأول إقصاء المرشحين المنافسين؛ لأنه يمنح القائمة الفائزة بأعلى عدد من الأصوات حتى ولو بفارق ضئيلة كامل المقاعد، مما يؤدي إلى حالة عدم رضاء مجتمعي عن نتيجة الانتخابات، ولا يخلق تنافسية بين المرشحين.
وربط عبد الناصر قنديل السبب الثاني بانعدام الكفاءة، مضيفًا أن التجربة المصرية مع نظام القائمة المغلقة أثبتت أن البرلمان الحالي هو الأضعف من حيث الأداء نتيجة اختيار أعضاء بالقائمة ليس لديهم خبرة في العمل البرلماني.
ويستحوذ حزب مستقبل وطن على أغلبية المقاعد المخصصة لنظام القائمة المغلقة بالبرلمان الحالي بإجمالي 145 مقعدًا، يليه حزب الشعب الجمهوري (28 مقعدًا)، والأعضاء المستقلون (22 مقعدًا)، والوفد (21 مقعدًا)، وحماة وطن (19 مقعدًا)، ومصر الحديثة (12 مقعدًا)، وحزب الإصلاح والتنمية (9 مقاعد)، وحزبي الديمقراطي الاجتماعي والمؤتمر (7 مقاعد لكل منهما)، وحزبي الحرية والتجمع (5 مقاعد لكل منهما).
من جانبه، قال محمد صلاح أبوهميلة، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري بمجلس النواب، إن هناك أنظمة انتخابية عديدة مطبقة حول العالم، ولكل نظام إيجابياته وسلبياته.
وأضاف أبوهميلة، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن حزب الشعب الجمهوري أيد تطبيق القائمة المغلقة المطلقة، المطبقة في البرلمان الحالي بنسبة 50% في الانتخابات البرلمانية المقبلة، بعد تشاور بين أعضاء الحزب لأن هذا النظام يضمن تمثيل الفئات المستثناة المنصوص عليها في الدستور المصري، في حين يصعب تطبيقها في القائمة النسبية، كما توفر اختيار أعضاء بالبرلمان لديهم خبرات سياسية واقتصادية وفي مختلف المجالات، مما يسهل اختيار أعضاء أصحاب كفاءة في اللجان المتخصصة بالبرلمان مما يقوي من الدور الرقابي والتشريعي للمجلس.
وذكر أبوهميلة أن القائمة المطلقة تسمح بتمثيل الأحزاب التي ليست لديها قاعدة شعبية، مما يقوي من دورها في المستقبل، مستشهدًا بوجود تمثيل لأعضاء 13 حزبًا في البرلمان الحالي، أغلبها غير معروفة لدى المواطنين، لكن نتيجة تمثيل أعضاءها في البرلمان فإنها تصبح رائجة بين المواطنين.
وأكد محمد صلاح أبوهميلة أن حزب الشعب الجمهوري اقترح خلال جلسات الحوار الوطني تخصيص نسبة 50% للمقاعد الفردي، التي لها أهمية في توصيل مشاكل ومقترحات المواطنين للبرلمان من خلال نواب الفردي، والعمل على حلها بالتعاون مع الجهات التنفيذية.