القاهرة، مصر (CNN) -- أعفت ألمانيا مصر من سداد ديون بقيمة 54 مليون يورو مقابل تمويل إنشاء مشروع ربط مزرعتي رياح بطاقة 500 ميغاوات لكل منهما بشبكة نقل الكهرباء، لتحقيق مستهدف الحكومة المصرية المتمثل في إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بنسبة 42% بحلول عام 2030.
وأكد خبراء أهمية برنامج مبادلة الديون في تخفيف عبء سداد الديون الخارجية، وتمويل مشروعات تنموية بالعملة المحلية تسهم في توفير فرص عمل وزيادة معدلات النمو، زيادة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني.
وبدأ برنامج مبادلة الديون بين مصر وألمانيا عام 2011، حيث تم الاتفاق على إلغاء ديون بقيمة 240 مليون يورو لتمويل مشروعات تنموية في مصر، وتم الانتهاء من إتاحة المرحلة الأولى بقيمة 70 مليون يورو أنفقت على مشروعات التغذية المدرسية، وتحسين جودة التعليم وإعادة تأهيل المحطات الكهرومائية، والحد من التلوث البيئي الناتج عن محطات التوليد الحرارية، وتطوير قناطر أسيوط، وتحسين خدمات مياه الشرب والصرف الصحي.
كما تم إتاحة الشريحة الأولى من المرحلة الثانية بقيمة 80 مليون يورو لتمويل مشروعات تنموية في قطاعات التعليم الفني والتدريب المهني والصرف الصحي وخلق فرص عمل جديدة، وتم إتاحة جزء منها بقيمة 26 مليون يورو في مشروع التغذية المدرسية لمكافحة التسرب من التعليم، والشريحة الثانية بقيمة 54 مليون يورو لدعم تنفيذ مشروعات تتعلق بالمناخ والاقتصاد الأخضر، وباقي مبلغ البرنامج تم تخصيصه لمبادرة برنامج "نوفي" ضمن اتفاقية لتمويله بقيمة 250 مليون يورو، وفقا لبيانات رسمية.
وقالت الدكتورة نهى بكر، أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأمريكية، وعضو المجلس الاستشاري للمركز المصري للدراسات الاستراتيجية، إن مصر تشارك في برامج مبادلة الديون مع ألمانيا وإيطاليا، وتهدف هذه البرامج إلى تخفيف عبء الديون الخارجية من خلال إتاحة الدول المدينة أن تستبدل مصر سداد ديونها بتمويل مشروعات تنموية، مشيرة إلى تجربة سابقة لمصر مع إيطاليا، وحقق البرنامج بين البلدين نتائج إيجابية فيما يتعلق بتوفير التمويل مشروعات تنموية.
وتعمل برامج مبادلة الديون، وفقًا لآلية تسمح باستخدام مقابل الديون بالعملة المحلية في تمويل مشروعات تنموية متفق عليها بين الطرفين، مما يسهم في تعزيز التمويل المتاح للمشروعات التنموية، وتخفيف عبء الديون الخارجية، وتحقيق التنمية المستدامة.
وأضافت بكر، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن ألمانيا تركز في برنامجها لتبادل الديون مع مصر على الطاقة الخضراء؛ لتأثيرها الإيجابي على الحفاظ على البيئة وتقليل الانبعاثات الكربونية مقارنةً بالطاقة الأحفورية التي تتسبب في ضرر بالغ على البيئة، ولذا تسعى لتوفير جزء كبير من البرنامج لتمويل مشروعات تسهم في زيادة الطاقة المنتجة من المصادر المتجددة غير الملوثة للبيئة، ويشجعها على ذلك إطلاق مصر مشروعات ضخمة خلال الفترة الماضية لإنتاج الطاقة النظيفة ومنها مشروع بنبان لإنتاج الطاقة الشمسية، وهو من أكبر مشروعات إنتاج الطاقة الشمسية في العالم، والهيدروجين الأخضر، والطاقة الكهرومائية.
وتقدم ألمانيا تمويلات لمصر بقيمة 1.7 مليار يورو تتنوع ما بين قروض ميسرة ومنح دعم فني ومساهمات مالية لتمويل 30 مشروعا في العديد من القطاعات أبرزها كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة، والصرف الصحي، والري، والدعم المائي، وإدارة المخلفات الصلبة، والهجرة، وسوق العمل، والابتكار بالقطاع الخاص، والتعليم الفني، وفقا لبيانات رسمية لوزارة التعاون الدولي.
وأشارت نهى بكر إلى أهمية برنامج مبادلة الديون مع ألمانيا لتخفيف العبء على مصر في سداد ديونها الخارجية، مما يخفف من الضغط على النقد الأجنبي، وفي الوقت نفسه يتيح لمصر استخدام هذا الدين لتمويل مشروعات تنموية بالعملة المحلية، مما يسهم في زيادة معدلات النمو، مشددا على ضرورة أن تتبنى كل الدول المتقدمة مبادرات مماثلة مع مصر والدول الناشئة في ظل معاناة الاقتصاد العالمي من وطأة الديون، والتأثيرات السلبية للتغير المناخي.
ودعا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، خلال مشاركته في قمة ميثاق التمويل العالمي الجديد في باريس، نهاية الأسبوع الماضي، مؤسسات التمويل الدولية والدول الكبرى لاتخاذ قرارات تحول دون اندلاع أزمة ديون كبرى، من خلال استحداث آليات شاملة ومستدامة لمعالجة ديون الدول المنخفضة ومتوسطة الدخل، والتوسع في مبادلة الديون من الأجل الحفاظ على البيئة.
وقال الدكتور فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري، إن برامج مبادلة الديون تعد أحد الآليات للتخفيف عن الدول من تداعيات وطأة أزمة الديون نتيجة جائحة كورونا المستجد، وارتفاع مستويات التضخم العالمي، وتمتلك مصر برنامجين لمبادلة الديون مع إيطاليا وألمانيا يقضي بإعفاء مصر من سداد الديون مقابل تمويل مشروعات تنموية بالعملة المحلية تشرف عليها الجهات المانحة لهذه الدول بالشراكة مع الحكومة المصرية.
ووقعت 3 اتفاقيات لبرنامج مبادلة الديون المصرية مع إيطاليا؛ الأول في عام 2001 بقيمة 149.1 مليون دولار لتمويل 54 مشروعا، والثاني في عام 2007 بقيمة 100 مليون دولار لتمويل 32 مشروعا، والثالث عام 2012 بقيمة 100 مليون دولار لتمويل مشروعات في قطاعات التعليم، والأمن الغذائي، والبيئة.
وعدد الفقي، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، مزايا برامج مبادلة الديون المصرية، وأهمها أولا تخفيف عبء الديون الخارجية مما يقلل من الضغط على النقد الأجنبي، وثانيا تمويل مشروعات تنموية بالعملة المحلية تسهم في توفير فرص عمل وزيادة معدلات النمو، وثالثا زيادة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني من خلال مشاركته مع الجهات المانحة في تنفيذ المشروعات التنموية، والاستفادة من خبرات الشركات الألمانية، مشيرا إلى مشروع بنبان لإنتاج الطاقة الشمسية، والذي ساهم في زيادة القدرات الكهربائية لمصر بإضافة 1.5 غيغاوات، وتخفيف عبء التمويل عن كاهل الموازنة العامة.
ووفقا لبيانات البنك المركزي المصري، تراجع حجم الدين الخارجي إلى 155 مليار دولار بنهاية شهر سبتمبر/ أيلول عام 2022 بقيمة 700 مليون دولار عن شهر يونيو/ حزيران من نفس العام بنسبة انخفاض 0.5%.