القاهرة، مصر (CNN)-- أقرت الحكومة والبرلمان في مصر، خلال أقل من 24 ساعة، مشروعات قوانين وقرارات تلغي الإعفاءات التفضيلية الممنوحة للشركات الحكومية، وتمنح تسهيلات عدة للقطاع الخاص أبرزها التوسع في نظامي المناطق الحرة والرخص الذهبية.
كما تشمل القرارات زيادة الحوافز للمشروعات الاستثمارية، وتمديد مدة تأسيس الشركات، وإنشاء منصة إلكترونية موحدة لتأسيس وتشغيل وتصفية المشروعات.
ووافقت لجنتا الخطة والموازنة، والشئون الاقتصادية بمجلس النواب المصري، الأربعاء، على مشروعي قانون بإلغاء الإعفاءات المقررة لجهات الدولة في الأنشطة الاستثمارية والاقتصادية، وتعديل بعض أحكام قانون الاستثمار الصادر بالقانون رقم 72 لسنة 2017.
وفي نفس اليوم، وافق مجلس الوزراء في اجتماعه الأسبوعي، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 121 لسنة 1982 الخاص بسجل المستوردين، بما يسمح بقيد المستثمر الأجنبي، إضافة إلى التصديق على عدة قرارات لتفعيل الحوافز والتسهيلات لتهيئة المناخ الجاذب للاستثمارات في مختلف القطاعات، بهدف مضاعفة استثمارات القطاع الخاص.
وقال ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري، إن اللجنة وافقت نهائيًا على مشروع قانون يلغي الإعفاءات الضريبية والرسوم لشركات وأجهزة الدولة ومؤسساتها عند ممارسة أية أنشطة استثمارية، وذلك بهدف تحقيق المساواة مع القطاع الخاص، مما يسهم في تحسين مناخ الاستثمار، ويتماشى مع توجهات الدولة في توفير الحياد التنافسي واقتصاديات السوق الحر، بما يشجع على ضخ المزيد من الاستثمارات خلال الفترة المقبلة.
وفي يونيو/ حزيران من العام الماضي، أطلقت مصر استراتيجية الحياد التنافسي، لدعم وتعزيز حرية المنافسة، وضمان المساواة وتكافؤ الفرص والشفافية بين كافة الجهات التي تمارس نشاطًا اقتصاديًا داخل مصر، الأمر الذي يعود بالنفع على الاقتصاد القومي ورفاهية المستهلك، وفقًا لما ذكرته وثيقة حكومية.
وأضاف عمر، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أنه من المقرر عرض مشروع قانون إلغاء الإعفاءات المقررة لجهات الدولة في الأنشطة الاستثمارية والاقتصادية على اللجنة العامة بالبرلمان، للتصويت والموافقة عليه نهائيًا، ليصبح ساريا بعد تصديق رئيس الجمهورية، مما يفتح الباب أمام القطاع الخاص لزيادة مساهماته في الاقتصاد الوطني، تطبيقًا لما نصته عليه وثيقة سياسة ملكية الدولة.
وأطلقت الحكومة المصرية، العام الماضي وثيقة سياسة ملكية الدولة، وتهدف إلى حوكمة تواجد الدولة في الأنشطة الاقتصادية، وزيادة نسبة مشاركة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي بهدف زيادة معدلات النمو.
من جانبه، أكد الدكتور محرم هلال، رئيس الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين، على أهمية قانون إلغاء المزايا التفضيلية سواء الرسوم والضرائب للشركات والجهات الحكومية العاملة في الأنشطة الاقتصادية المختلفة لضمان توفير فرص متساوية في المنافسة مع القطاع الخاص، مشيرًا إلى أن هذا القانون طالبت به جمعيات المستثمرين لسنوات طويلة، لتحقيق الحياد التنافسي في السوق المصري.
ويتضمن مشروع قانون إلغاء الإعفاءات المقررة لجهات الدولة في الأنشطة الاستثمارية والاقتصادية 3 مواد، تنص المادة الأولى على "إلغاء الإعفاءات المقررة بموجب نصوص القوانين واللوائح والقرارات الصادرة لجهات الدولة، أو الهيئات العامة والأجهزة التي لها موازنات خاصة ووحدات الإدارة المحلية، والكيانات والشركات المملوكة للدولة أو التي تساهم في ملكيتها، وذلك فيما يتعلق بالأنشطة الاقتصادية أو الاستثمارية التي تباشرها، وتخضع للقوانين المنظمة لهذه الأنشطة".
وأضاف هلال، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن إلغاء الامتيازات التفضيلية للشركات الحكومية، ومنح تسهيلات متنوعة للقطاع الخاص من خلال تشريعات وقوانين متعددة، سينعكس على زيادة الاستثمارات المباشرة داخليًا وخارجيًا، مما يسهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي، إضافة إلى توفير أفضل خدمة للمستهلك، حيث ستسعى الشركات سواء الحكومية أو الخاصة، لتقديم أعلى مستوى من الخدمة وبسعر مناسب لإرضاء المستهلك.
وتابع محرم هلال، أن الحكومة نفذت جزءا كبيرا من القرارات التي أقرها المجلس الأعلى للاستثمار في أول اجتماع له برئاسة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وآخرها السماح بقيد المستوردين الأجانب في سجل المستوردين، وكذلك السماح للأجانب بتملك العقارات، وبدأنا نلمس تحسنا في مناخ الاستثمار وطرح الفرص الاستثمارية المتنوعة، ونتوقع زيادة ملحوظة في حجم الاستثمارات خلال الفترة المقبلة.
ووفقًا لبيان رسمي، وافق مجلس الوزراء على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 121 لسنة 1982 الخاص بسجل المستوردين، بما يسمح بقيد المستثمر الأجنبي، ضمن جهود الدولة لجذب الاستثمارات الأجنبية، في إطار تنفيذ القرارات الصادرة عن اجتماع المجلس الأعلى للاستثمار برئاسة رئيس الجمهورية بتاريخ 16 مايو/ أيار عام 2023.
كما أكد الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى بدرة، على أهمية إلغاء المزايا التفضيلية للشركات الحكومية، استجابةً لمطالب كبار المستثمرين بإلغاء الإعفاءات الضريبية لهذه الكيانات لتوفير منافسة متكافئة في الاقتصاد الوطني، مشيرًا إلى أن زيادة دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، يسهم في زيادة معدل النمو، وتوفير فرص عمل مما يسهم في خفض معدل البطالة.
وسبق أن طالب كبار رجال الأعمال المصريين، بخفض نسبة مساهمة الشركات الحكومية في الاقتصاد، ومن بينهم رجل الأعمال نجيب ساويرس، والذي أشار إلى عدم وجود منافسة متكافئة بين الشركات الخاصة ونظيرتها الحكومية.
غير أن بدرة، شدد في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، على ضرورة أن تستكمل الدولة منظومة تحسين مناخ الاستثمار في مصر من خلال حل أزمة نقص النقد الأجنبي، وإلغاء وجود سعرين للعملة في السوق، مشيرًا في الوقت نفسه، إلى أن سعر الصرف المحلي مغري لجذب استثمارات أجنبية مباشرة؛ لأن الفرصة الاستثمارية المحلية أصبحت غير مكلفة، ويمكن للشركات الأجنبية الراغبة في الاستثمار في مصر شراء أصول تدر عائدا ضخما بسعر مغري.