تقرير من إعداد نادين إبراهيم وإليزابيث ويلز، ضمن نشرة الشرق الأوسط البريدية من CNN. للاشتراك في النشرة (اضغط هنا)
(CNN)-- قال مسؤولون أمريكيون إن إيران قد تكون على بعد أسابيع فقط من الحصول على ما يكفي من اليورانيوم المستخدم في صنع أسلحة نووية لصنع قنبلة، والآن، تم تهميش الرجل الذي كلف بإحياء الاتفاق النووي لتقييد هذا البرنامج.
فقد مُنح روبرت مالي الدبلوماسي البارز الذي كان يقود محادثات إدارة جو بايدن النووية مع إيران، الشهر الماضي، إجازة بدون أجر، بعد تعليق تصريحه الأمني في وقت سابق من هذا العام خلال التحقيق بشأن تعامله مع الوثائق السرية.
وذكرت شبكة CNN، في وقت سابق، أن مالي ظل في منصبه لفترة من الوقت حيث كان التحقيق جاريا، لكن لم يُسمح له بالوصول إلى معلومات سرية.
وفي الوقت الذي أُعلن فيه عن مغادرته في يونيو/ حزيران، قال مالي لشبكة CNN إنه قيل له إن تصريحه الأمني "قيد المراجعة"، وقال إنه يتوقع انتهاء التحقيق "قريبا بشكل إيجابي".
لكن يوم الجمعة، تولى نائب المبعوث أبرام بالي إدارة مكتب المبعوث الخاص لإيران، وكتب بالي، على تويتر: "يظل الفريق بأكمله في وزارة الخارجية منخرطا في تنفيذ سياستنا بشأن إيران"، كما أزال موقع وزارة الخارجية الأمريكية اسم مالي من منصب الممثل الخاص لإيران.
وفي مقابلة أجريت يوم الأحد، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان إنه "لا يستطيع التحدث عن الظروف الحالية" حول ما إذا كان مالي سيعاد إلى منصبه.
ووفقا لتقييم استخباراتي أمريكي نُشر الأسبوع الماضي، وسعت إيران نطاق برنامجها النووي بسرعة منذ اغتيال أحد علمائها الرئيسيين في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، لكنها لا تقوم بأنشطة قد تكون ضرورية لإنتاج سلاح نووي قابل للاختبار.
وأثار تهميش مالي تساؤلات حول مصير الاتفاق النووي المتوقف منذ فترة طويلة مع إيران، والذي يُنظر إليه على أنه أكثر إلحاحا من أي وقت مضى مع استمرار طهران في تخصيب اليورانيوم، ومع استعداد كل من الولايات المتحدة وإيران لإجراء انتخابات مهمة العام المقبل.
وستجري الجمهورية الإسلامية انتخابات برلمانية العام المقبل، ومن المقرر أن تجري الولايات المتحدة انتخابات رئاسية.
وقال محللون إن إحراز تقدم في المحادثات النووية، وكذلك مصير الأمريكيين المحتجزين في إيران، من المرجح أن يعزز من موقف شاغلي المناصب في استطلاعات الرأي.
وكان مالي أحد مهندسي الاتفاق النووي الذي أبرمته إدارة باراك أوباما مع إيران عام 2015، والذي تم الانسحاب منه في عام 2018 من قبل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
وبعد انتخاب بايدن، أعيد مالي في عام 2021 كمبعوث لإيران وأصبح شخصية بارزة في المحادثات الخاصة بإحياء الاتفاق.
وفي العام الماضي، برز عدد من النقاط العالقة في المحادثات، وتوقفت بحلول سبتمبر/ أيلول.
وساءت العلاقات فقط مع قيام النظام الإيراني بقمع حركة احتجاجية بوحشية في الداخل، وبعد أن بدأ بتزويد روسيا بطائرات بدون طيار في حربها مع أوكرانيا.
شخصية مستقطبة
كان مالي شخصية مستقطبة حتى قبل تعيينه مبعوثا لإيران، ففي عام 2008، استقال من حملة باراك أوباما الرئاسية بعد أن تبين أنه التقى بأعضاء في حركة "حماس" الفلسطينية المسلحة أثناء عمله في مجموعة الأزمات الدولية (ICG)، وهي مؤسسة بحثية، حيث كان رئيسا ومديرا تنفيذيا لها.
ويتهم منتقدو مالي، ومن بينهم الإيرانيون المناهضون للنظام في الخارج، والمحافظون الأمريكيون وأنصار إسرائيل، بالتعاطف الشديد مع الجمهورية الإسلامية وبالتعامل بقسوة شديدة مع عدوها اللدود، إسرائيل.
وردا على سؤال حول تهميش مالي، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني في 3 يوليو/ تموز: "نحن لا نعلق على القضايا الداخلية للدول الأخرى" ، في إشارة إلى الولايات المتحدة.
وكان مسؤول إيراني سابق أقل تحفظا، ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن جاويد قربان أوغلي، وهو دبلوماسي متقاعد، قوله إن مالي لديه "ميول تجاه إيران"، والتي، كما قال "حولت جماعات الضغط المقربة من إسرائيل ضده".
وقال غابرييل نورونها، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية في إدارة ترامب، وهو الآن زميل في المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي ، لشبكة CNN. إن نهج مالي هو "السبب، حيث كان يقوم بتقديم تنازلات لإيران مقدما في شكل تعليق العقوبات في محاولة لبناء النوايا الحسنة، ورفض فكرة أن الضغط من شأنه أن يولد المزيد من النفوذ".
وأضاف: "في الوقت نفسه، كانت إيران تعيد بناء اقتصادها وتقوي برنامجها النووي بشكل فائق"، وتابع أن "طهران تعتقد بالتالي أنها زادت من نفوذها على الولايات المتحدة، ونتيجة لذلك، فشل في كسب احترام الإيرانيين أو خوفهم ، مما أدى إلى تدمير رؤيته التفاوضية".
لكن أولئك الذين عملوا عن كثب مع مالي لا يوافقون على أن الرجل البالغ من العمر 60 عاما كان متساهلا للغاية مع إيران.
وقال علي فائز ، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية، إن تصرفات مالي كانت تتماشى مع استراتيجية الأمن القومي للإدارة الأمريكية.
وأضاف فائز، الذي يعرف مالي منذ أكثر من عقد وقدم تقارير له مباشرة في مجموعة الأزمات الدولية: "في وجود روبرت مالي أو بدونه، تعتقد إدارة بايدن أن الحل الوحيد الدائم للأزمة النووية مع إيران هو حل دبلوماسي".
وتابع: "أولئك الذين يتهمون هذه الإدارة بالتساهل الشديد مع إيران سيجدون صعوبة في تفسير سبب فرض الولايات المتحدة الآن عقوبات أكثر، وليس أقل، على إيران مما كانت عليه عندما تولى الرئيس بايدن منصبه".
وتواصلت CNN مع روبرت مالي طلبا للتعليق من خلال وزارة الخارجية الأمريكية.
وقال فؤاد إزادي، الأستاذ المشارك في كلية الدراسات العالمية بجامعة طهران، إن "الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي يريد اتفاقا، وربما كان يأمل في التوصل إلى اتفاق مع مالي كمبعوث".
وأضاف: "حقيقة أن مالي كانت على الجانب الآخر كانت علامة على أنه ربما يمكن تكرار وضع مماثل (مثل الجولات السابقة من المحادثات التي أدت إلى اتفاق) بعد أن أصبح بايدن رئيسا، لكننا نعلم الآن بعد أكثر من عامين ، أن هذا كان تفكيرا إلى حد ما بالتمني."
أين تقف المحادثات الآن؟
تجري محادثات الولايات المتحدة مع إيران بدون مالي، بينما يعمل بالي كمبعوث خاص بالإنابة لإيران، وتم اختيار بريت ماكغورك، المسؤول في مجلس الأمن القومي الأمريكي والمخضرم في سياسة الشرق الأوسط، كمسؤول رئيسي لتقييد برنامج إيران النووي.
وعندما تولى بايدن منصبه في عام 2021، عين ماكغورك منسقًا لقضايا الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجلس الأمن القومي.
وبدأت الإدارة الأمريكية مفاوضات إحياء الاتفاق النووي الإيراني في وقت لاحق من ذلك العام.
ذكرت شبكة CNN أن المحادثات غير المباشرة استؤنفت بهدوء قرب نهاية العام ، وكان ماكغورك في محورها، ومنذ ذلك الحين، قام ماكغورك بعدة رحلات إلى سلطنة عمان لإجراء مناقشات غير مباشرة مع المسؤولين الإيرانيين، وكان آخرها في مايو/ أيار من هذا العام ، ويبدو أن مالي قد تم تهميشه من تلك المحادثات.
وأشار ماكغورك إلى أنه حريص على رؤية اتفاق يتشكل مرة أخرى، لكن من غير الواضح كيف يمكن أن تختلف تكتيكاته عن تكتيكات مالي.
وانتقد حملة "الضغط الأقصى" الذي مارستها إدراة ترامب في عام 2019 ضد إيران، والتي زادت من عزلة الجمهورية الإسلامية وشلت اقتصادها لكنها فشلت في وقف برنامجها النووي من التقدم، وقال إن العقوبات المغلظة جعلت إيران تتصرف "بشكل أكثر استفزازية وليس أقل"، كما انتقد ماكغورك سياسات ترامب الأخرى في الشرق الأوسط ، بما في ذلك تلك المتعلقة بسوريا.
ولا يتوقع فائز من مجموعة الأزمات الدولية أي تغيير في سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران، وقال: "السياسة الأمريكية تستند إلى حسابات الأمن القومي للإدارة، وليس أي شخص واحد".
وذكر نورونها أن رحيل مالي المحتمل يعني على الأرجح أنه لن يتم التوصل إلى "اتفاق كبير مع إيران، لكن جهود الإدارة للتوصل إلى اتفاق محدود ما زالت مستمرة".