دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تمضي الحكومة المصرية، في خطتها لحل أزمة النقد الأجنبي عبر مسارين؛ الأول، زيادة مواردها من الدولار عبر زيادة الصادرات من المنتجات السلعية مستهدفة الأسواق الإفريقية ودول إعادة الإعمار المجاورة، وتوطين بعض الصناعات.
أما المسار الثاني فيتمثل في خفض تكلفة استيراد السلع الاستراتيجية عبر تمويلات خليجية بفائدة ميسرة، أخرها الحصول على تمويل بقيمة 500 مليون دولار لتمويل واردات القمح.
وتواجه مصر أزمة نقص في النقد الأجنبي منذ شهر مارس/آذار من العام الماضي، وذلك في أعقاب ارتفاع مستويات التضخم وزيادة أسعار الفائدة عالميًا، مما أدى إلى خروج الاستثمارات الأجنبية باحثة عن عائد أعلى، وزيادة فاتورة واردات مصر من الخارج، عقب ارتفاع أسعار السلع الاستراتيجية نتيجة تداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية.
وقال محمد المهندس، رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات المصرية، إن رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي عقد اجتماعًا مع رؤساء الغرف الصناعية بالاتحاد؛ لبحث العمل على تعميق المكون المحلي، وتوطين بعض الصناعات، والتعرف على مقترحات وآراء المصنعين لزيادة الصادرات المصرية لدول إعادة الإعمار، مضيفًا أن الغرفة تقدمت بخطة عمل متكاملة لزيادة معدلات نمو الصناعات الهندسية، وننتظر نتائجها خلال الفترة المقبلة.
ويجتمع مدبولي بشكل دوري مع رؤساء الغرف الصناعية لبحث زيادة الاستثمارات الصناعية في البلاد، وكان آخر اجتماع، الأحد، وجدد خلاله مدبولي التأكيد على منح الفرصة الكاملة للقطاع الخاص، للمساهمة بنسبة أكبر في الاقتصاد الوطني، وطرح قائمة بـ152 منتجًا يستهدف توطينها محليًا، بحسب بيان رسمي.
وكشف المهندس، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، عن عزم وفد من أعضاء غرفة الصناعات الهندسية زيارة العراق، الثلاثاء، لبحث زيادة الصادرات المصرية لبغداد، والاستفادة بما تمتلكه المنتجات المصرية من ميزة تنافسية في السعر والجودة، مشددًا على أن الصناعة ستكون قاطرة التنمية الاقتصادية في مصر خلال السنوات المقبلة، من خلال زيادة الاستثمارات الصناعية لتوطين صناعات محليًا لخفض فاتورة الواردات وزيادة الصادرات المصرية، ولحل أزمة النقد الأجنبي.
ونمت صادرات الصناعات الهندسية بنسبة 1% فقط خلال النصف الأول من عام 2023 مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، لتسجل 2 مليار دولار، واستحوذت أسواق تركيا، وفرنسا، وهولندا، وألمانيا، وبلجيكا على أعلى نسبة نمو في الصادرات خلال أول 6 شهور من العام الحالي، حسب بيانات رسمية.
وقال محمد البهي، عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية، إن رئيس الوزراء عرض قائمة بمنتجات تستهدف الدولة تصنيعها محليًا لتخفيض فاتورة الاستيراد، في المقابل، عرض رؤساء الغرف الصناعية خطة كل غرفة لزيادة الصادرات المصرية؛ لأنها الحل الأمثل لأزمة نقص النقد الأجنبي في البلاد، خاصة لدول إعادة الإعمار، والأسواق الإفريقية.
ووجه رئيس مجلس الوزراء، بالعمل على البدء في تشغيل خطين ملاحيين منتظمين يربطان مصر بدول شرق وجنوب إفريقيا (دول الكوميسا) ودول شمال وغرب إفريقيا، كما وجه بعقد اجتماعات مع الغرف التجارية والمجالس التصديرية، والتوافق على الخطوط الملاحية التي سيتم تشغيلها، وكذا البضائع التي سيتم تصديرها لدول إفريقيا، بحسب بيان رسمي.
وأكد البهي، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، على أهمية زيادة الصادرات المصرية لتوفير الدولار لاستيراد المواد الخام ومكونات الإنتاج اللازمة لزيادة الطاقة الإنتاجية للمصانع وانتظامها لتوفير مزيد من فرص العمل، وتلبية احتياجات السوق المحلي، مشيرًا إلى أن دول إعادة الإعمار الأقرب لاستقبال المنتجات المصرية، خاصة الدول التي تمتلك ثروات نفطية، مستدلًا على حديثه بالعراق التي تستورد بـ20 مليار دولار من تركيا، وترغب أن تكون المنتجات المصرية بديلا لنظيرتها التركية، خاصة وأنها أفضل من حيث السعر والجودة.
وزار رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، على رأس وفد حكومي، مصر منتصف شهر يونيو/حزيران الماضي، ووقع 11 اتفاقية شملت التعاون الاقتصادي في المشروعات الصغيرة والانضمام لمنظمة التجارة العالمية، والسياحة وتدريب الموظفين.
وقال محمد البهي، إن هناك طلبا مرتفعا على المنتجات المصرية في العديد من الأسواق، إلا أن الأزمة تتمثل في تراجع حجم الإنتاج الصناعي، نتيجة عدم توافر الدولار اللازم لاستيراد مكونات الإنتاج والخامات لزيادة الإنتاج الصناعي، لتلبية الطلب على المنتجات المصرية.
وزاد صافي الاحتياطيات الدولية لمصر للشهر الحادي عشر على التوالي بقيمة طفيفة لتصل إلى 34.9 مليار دولار أمريكي بنهاية يوليو/تموز الماضي.
في سياق متصل، قال الخبير الاقتصادي مصطفى بدرة، إن توقيع مصر اتفاقية مع مكتب أبوظبي للصادرات لتمويل استيراد القمح من الخارج بقيمة 100 مليون دولار، يحقق 3 أهداف رئيسية أولًا، توفير النقد الأجنبي اللازم لاستيراد القمح، ثانيًا، تلبية احتياجات السوق المحلي من أحد أهم السلع الاستراتيجية، ثالثًا، استغلال الإمكانيات الضخمة لصندوق أبوظبي السيادي في تحقيق استقرار مخزون القمح، وفي الوقت نفسه، منح الثقة للموردين في استقرار سعر الصرف.
وتقضي الاتفاقية الموقعة بين مصر ومكتب أبوظبي للصادرات بتوفير الأخير برنامج التمويل الدوار بقيمة 100 مليون دولار سنويًا لمدة 5 سنوات لتمويل واردات القمح.
وأكد بدرة، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أنه رغم محاولات الحكومة المصرية التوسع الأفقي والرأسي لزيادة إنتاجيتها من المحاصيل بصفة عامة والاستراتيجية بوجه خاص وعلى رأسها القمح، إلا أنه لا يمكنها أن تحقق اكتفاء ذاتيا من القمح، مما يجعلها مضطرة للاستيراد لتلبية احتياجاتها الداخلية، ويزيد من الأمر الحرب الروسية -الأوكرانية مما يرفع من تكلفة الاستيراد، غير أن الشركة الإماراتية ستتولى استيراد القمح من أسواق عدة لتوفيره لمصر بسعر وتكلفة ميسرة.
وحصلت مصر على تمويلات ميسرة من مؤسسات دولية متعددة، لتحقيق استقرار الأمن الغذائي للبلاد، منها تمويل إنمائي ميسر بقيمة 500 مليون دولار من مجموعة البنك الدولي، و271 مليون دولار من مجموعة البنك الإفريقي، و100 مليون دولار ضمن برنامج دعم الاتحاد الأوروبي للأمن الغذائي.