القاهرة، مصر (CNN) -- واصلت البورصة المصرية، رحلة الصعود القياسي التي بدأت منذ أغسطس/آب من العام الماضي، ليقترب المؤشر الرئيسي من أعلى مستوى سجله في التاريخ، مدفوعًا بمشتريات محلية لتحوط المستثمرين المصريين من انخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار، وكذلك مشتريات عربية مستغلة تدني الأصول المصرية بعد تراجع قيمة الجنيه، من جهة أخرى ثبتت الحكومة المصرية أسعار الكهرباء حتى مطلع العام المقبل، بهدف الحد من زيادة معدل التضخم.
وصعد المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية بنسبة 23.53% منذ بداية العام الجاري، وبأكثر من نسبة 70% منذ أكتوبر/تشرين أول من العام الماضي مع تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار، ليصل إلى مستوى 18033 نقطة بنهاية تعاملات الأحد.
وأرجعت داليا السواح، عضو مجلس إدارة البورصة المصرية، أسباب الصعود القياسي للبورصة المصرية، إلى عاملين؛ الأول مشتريات صناديق الاستثمار المحلية والعربية، خاصة بعد أن أصبحت أسعار الأسهم مغرية للاستثمار عقب انخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار، والثاني زيادة دور إدارة البورصة في الترويج لسوق المال كأحد الأوعية الادخارية المناسبة للمصريين لتحقيق أرباح مرتفعة تفوق الشهادات البنكية، وتصبح أداة للتحوط من انخفاض سعر الصرف، مما انعكس على زيادة أعداد المستثمرين بالبورصة.
وحسب بيانات البورصة المصرية، بلغ عدد المستثمرين الجدد بسوق المال المصري 224 ألف مستثمر جديد خلال النصف الأول من عام 2023، ليصل إجمالي عدد الأكواد المسجلة بالبورصة 740 ألف كود، وهو رقم مازال صغيرًا مقارنة بإجمالي عدد سكان مصر والذي يتجاوز 105 ملايين نسمة.
وتوقعت "السواح"، في تصريحات خاصة لـ"CNN بالعربية"، أن يواصل المؤشر الرئيسي للبورصة رحلة صعوده ليختبر مستوى 20 ألف نقطة على المدى المتوسط، على أن يمر خلالها بمراحل تصحيح اعتيادية، على أن تختبر هذا المستوى قبل نهاية العام الجاري.
ووفقًا لتقرير البورصة المصرية، نهاية الأسبوع الماضي، سجل المستثمرين العرب صافي شراء منذ بداية العام بقيمة 2.1 مليار جنيه (69.4 مليون دولار)، إلا أن المستثمرين الأجانب مازالوا يسجلون صافي مبيعات منذ بداية العام بقيمة 8.6 مليار جنيه (277.9 مليون دولار).
واتفقت معها خبيرة أسواق المال حنان رمسيس، على أن الصعود القوي لمؤشرات البورصة المصرية جاء مدفوعًا بفضل رغبة المصريين في التحوط من انخفاض جديد للجنيه عبر الاستثمار في سوق المال، إضافة إلى عوامل أخرى أبرزها نتائج الأعمال القوية للشركات المقيدة خاصة التي لديها موارد دولارية من تصدير منتجاتها للخارج، مثل شركات الأسمدة والبتروكيماويات، وكذلك الاستحواذ العربي على عدد من الشركات المدرجة مما ساهم في زيادة مستوى الزخم بسوق المال، وزيادة أحجام التداول من المستثمرين الأفراد والمؤسسات على المؤشر الرئيسي ومؤشر الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وسجل حجم التداول بالبورصة المصرية، الأسبوع الماضي 4 مليارات ورقة منفذة بقيمة 13.4 مليار جنيه (434.1 مليون دولار) عبر 397 ألف عملية، وفقًا لبيانات البورصة.
وأضافت "رمسيس"، في تصريحات خاصة لـ"CNN بالعربية"، أن هناك عدد من القطاعات نجحت في جذب استثمارات عربية وأجنبية بشكل لافت خلال الفترة القليلة الماضية، حتى أنها قادت المشتريات خلال الأسبوع الماضي، وعلى رأسها قطاع الخدمات المالية غير المصرفية بقيادة سهم بلتون المالية القابضة، والبنوك بقيادة البنك التجاري الدولي الذي بدأ التخلي عن رحلة التحرك العرضي، ويتجه لرحلة ارتداد لمستوى أعلى من 53 جنيه، إضافة إلى أن شركات التطوير العقاري التي لديها عوائد من السياحة حققت طفرة قوية.
وقادت شركة شيميرا للاستثمار الإماراتية، خلال شهر يوليو/تموز الماضي الاكتتاب لزيادة رأس مال شركة بلتون بقيمة 10 مليارات جنيه (324 مليون دولار) ليصبح أكبر اكتتاب مدفوع في تاريخ البورصة المصرية، ويصبح رأس مال الشركة المصدر 10.9 مليار جنيه (353.1 مليون دولار).
وتوقعت أن يختبر المؤشر الرئيسي مستوى 18100 نقطة، وهو مستوى مقاومة حال تجاوزه سيواصل رحلة الصعود حتى مستوى 19 ألف نقطة، وذلك في حال عدم حدوث خفض جديد للجنيه، مع تعرضه لمراحل مختلفة من جني الأرباح من قبل المؤسسات، ونفس الأمر لمؤشر الشركات الصغيرة والمتوسطة "إيجي إكس 70"، والذي يواجه عمليات جني أرباح متكررة من الأفراد الذين تتركز تعاملاتهم على أسهم المؤشر.
وفي سياق آخر قال عبد المنعم إمام، رئيس حزب العدل، ووكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إن الحكومة اتخذت قرارًا بتأجيل زيادة أسعار الكهرباء لمدة 6 أشهر أمرًا جيدًا على المدى المتوسط، ولكن على المدى البعيد قد تكون له تداعيات سلبية سواء من حيث تحمل المسؤولية تكلفة إضافية لزيادة الدعم، ولكنها في إطار الاحتياطات الموضوعة بالموازنة أو من حيث عدم إعادة تقدير شرائح أسعار بيع الكهرباء المطبقة حاليًا؛ لإعفاء الشرائح الأقل دخلًا.
وهذه هي المرة الثالثة التي تؤجل الحكومة خطتها لزيادة أسعار بيع الكهرباء، حيث سبق أن أقرت في 15 يونيو من العام الماضي تأجيل زيادة الأسعار 6 أشهر مقدرة وقتها تكلفة التأجيل بقيمة 10 مليارات جنيه (324 مليون دولار)، وفي نوفمبر الماضي جددت نفس القرار بذات المدة، وقدرة التكلفة بقيمة 43 مليار جنيه (1.4 مليار دولار) تمثل تكلفة تحمل عدم زيادة السعر مع إضافة فروق سعر الدولار.
وأضاف "إمام"، في تصريحات خاصة لـ"CNN بالعربية"، أن تأجيل زيادة أسعار الكهرباء قد يسهم في السيطرة على معدل التضخم المرتفع، إلا أنه ليس أحد العوامل المؤثرة لزيادة المعدل، مستبعدًا أن يكون سبب التأجيل نتيجة انقطاع الخدمة بسبب تطبيق خطة تخفيض الأحمال.
وسجل معدل التضخم السنوي العام في مصر مستوى قياسي ليصل إلى 36.5% خلال شهر يوليو الماضي، وزاد معدل التضخم الشهري إلى 1.9% في الشهر ذاته، وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.