القاهرة، مصر (CNN) – يُرتقب قرار الحكومة المصرية بشأن سعر صرف الجنيه في أعقاب الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية 2024، الإثنين المقبل، وسط توقعات بخفض جديد في سعر الجنيه مما أدى إلى زيادة سعره في السوق الموازية ونمو البورصة لمستويات قياسية لتحوط المواطنين من الخفض المنتظر للعملة المحلية، فيما استبعد مصرفيون اتخاذ قرار بتخفيض الجنيه قريبًا في ظل ارتفاع معدل التضخم لمستويات قياسية، ووجود فجوة تمويلية.
وتواجه مصر أزمة نقص في النقد الأجنبي منذ شهر مارس/أذار من العام الماضي، نتيجة خروج أكثر من 20 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، وارتفاع فاتورة الواردات نتيجة زيادة الأسعار عالميًا، وذلك في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع أسعار الفائدة عالميًا.
ونقلت تقارير عالمية آخرها لبنك "مورغان ستانلي"، خفض سعر صرف العملة المحلية إلى مستوى 39 جنيهًا للدولار خلال الربع الأول من العام المقبل، وفي النصف الثاني من ذات العام سيتم اعتماد المرونة التدريجية في سعر الصرف بعد الحصول على تدفقات أجنبية من صندوق النقد الدولي وتمويلات إقليمية.
واستبعد الخبير المصرفي محمد عبد العال، اتجاه البنك المركزي المصري لتحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية 2024، وذلك في ظل معدل التضخم المرتفع الذي يتجاوز 35%، ووجود فجوة تمويلية تصل إلى 15 مليار دولار، مما يستحيل على أي دولة أن تتجه لخفض عملتها في ظل هذه التحديات.
وتراجع معدل التضخم السنوي في مصر خلال نوفمبر/تشرين ثاني، للشهر الثاني على التوالي، ليصل إلى 36.5% وهو أدنى مستوى في 6 شهور، وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
واستكمل عبد العال، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية قائلا إن اتجاه مصر لخفض الجنيه قادم لا محالة؛ للقضاء على السوق الموازية، وتشجيع جذب الاستثمارات الأجنبية، ولكن اتخاذ القرار مرتبط بالتغلب على التضخم والفجوة التمويلية.
وأردف أن خفض الجنيه حتى ولو بأقل نسبة سيؤدي إلى ارتفاع فاتورة الواردات، مما سينعكس بالسلب على معدل التضخم المرتفع لمستويات قياسية رغم رفع البنك المركزي المصري معدلات الفائدة 11% على مدار العام الماضي بنسبة 8%، والعام الحالي بنسبة 3% إلا أن زيادة الفائدة لم تؤثر على خفض التضخم.
وتعقد لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري، آخر اجتماعاتها في عام 2023 يوم 21 ديسمبر/كانون الأول الجاري، لتحديد أسعار الفائدة.
وقال محمد عبد العال، إن قرار خفض الجنيه سينتظر لحين الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على حزمة تمويلية جديدة، واستقرار الأوضاع الجيوسياسية وعلى رأسها الحرب في غزة، مشيرًا في هذا الصدد إلى تغير موقف صندوق النقد تجاه مصر للأفضل خلال الأسابيع الماضية، ولكن ننتظر معرفة مدى الدعم الذي سيقدمه للبلاد.
والتقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على هامش مشاركته بمؤتمر COP28 في دبي بكريستالينا جورجييڤا، المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي، وتناول اللقاء برنامج التعاون القائم لاستكمال تنفيذ الإصلاح الاقتصادي المصري، وتأكيده عزم مصر على مواصلة تعزيز الإصلاحات الهيكلية المتعلقة بالسياسات المالية والنقدية، والاستمرار في تعظيم دور القطاع الخاص في التنمية، وفقًا لبيان صحفي.
ولفت الخبير المصرفي، إلى التداعيات السلبية لتحرير سعر صرف الجنيه، وأبرزها زيادة معدل التضخم وعجز ميزان المدفوعات، وانخفاض معدل النمو ومؤشر مديري المشتريات لأقل من مستوى 50 نقطة، وبالتالي فأن اتخاذ في الوقت الحالي بحجة انتهاء الانتخابات الرئاسية سيؤدي إلى كل النتائج المذكورة، ولن يحقق الهدف منه.
ويرى محمد عبد العال، أن الوقت المناسب لاتخاذ قرار تحرير سعر صرف الجنيه لابد أن يسبقه اتخاذ خطوات جادة لإصلاح مناخ الاستثمار لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، واستكمال برنامج الطروحات الحكومية، والاعتماد على الأنشطة الإنتاجية وعلى رأسها الزراعة والصناعة مع خفض فاتورة الواردات بالاعتماد على التصنيع المحلي، ووقف استيراد بعض السلع غير الأساسية لثلاث سنوات.
وتنفذ الحكومة المصرية، برنامجًا لبيع حصص في 35 شركة حتى النصف الأول من عام 2024، وتتوزع الشركات بين 19 قطاعًا ونشاطًا اقتصاديًا، وحتى الآن نفذت بيع حصص في 13 شركة جمعت منها 5 مليارات دولار.
من جانبه قال الخبير المصرفي هاني أبو الفتوح، إن مصر قد لا تتجه إلى اتخاذ قرارًا بخفض سعر صرف الجنيه بشكل كبير أمام الدولار مستندًا على التصريحات السابقة للرئيس السيسي برفضه تعويم الجنيه حتى لا يؤدي لتداعيات سلبية على المواطنين، وكذلك انخفاض حدة ضغوط المؤسسات الدولية على مصر لاتخاذ هذا القرار،
وفي شهر يونيو الماضي، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في تعليقه على حديث المشاركين بالمؤتمر الوطني للشباب، رفضه لتحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية "حتى لا يتسبب ذلك في زيادة سعر الدولار أمام الجنيه بمستويات أعلى من الحالية مما يتسبب في ضرر على الأمن القومي لمصر"، على حد تعبيره، نتيجة لارتفاع أسعار السلع.
وشدد "أبو الفتوح"، في تصريحات خاصة لـ"CNN بالعربية"، على أن الحكومة المصرية لن تتخذ قرارًا بتعويم الجنيه، ولكن ستتجه فقط إلى خفض مرحلي للجنيه للقضاء على السوق الموازية، مشيرًا في هذا الإطار إلى تصريحات سابقة لرئيس الوزراء أكد فيها أن أزمة العملة "عابرة" وسيتم الانتهاء منها قريبًا.