(CNN)-- مع اقتراب الحرب في غزة من شهرها الخامس، ومقتل أكثر من 25 ألف فلسطيني- من المدنيين والمقاتلين- وعدم اقتراب إسرائيل من تحقيق هدفها المتمثل في تدمير حركة "حماس"، يبدو أن أحدا لم يتوصل إلى اقتراح ملموس مقبول لكلا الطرفين للوقف الصراع مؤقتا، ناهيك عن إنهائه، ولكن هناك اقتراحات، وإن كانت نصف مكتملة، من الجانبين، تظهر استعدادا للتحدث.
والحقيقة أن قطر- الوسيط الرئيسي- تقول إن هناك "مناقشات جادة" مع إسرائيل و"حماس"، وأنها تتلقى "ردوداً مستمرة" من الجانبين، ويقول البيت الأبيض إن هذه المفاوضات لم تتم بعد.
ولكن مع استمرار المحادثات غير المباشرة، يبدو أننا نتجه نحو ما يصفه عوفر شيلح، كبير الباحثين في المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي، بمنطقة "الاتفاق المحتمل".
وذكر موقع "أكسيوس" الإخباري، الاثنين، أن إسرائيل اقترحت هدنة لمدة شهرين مقابل إطلاق سراح جميع الرهائن الذين يزيد عددهم عن 100 رهينة ما زالوا محتجزين في غزة.
وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، علمت شبكة CNN أن رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) ديفيد بارنياع اقترح السماح لقادة "حماس" بالذهاب إلى المنفى كجزء من وقف إطلاق النار الأوسع.
وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال"، الثلاثاء، إن "حماس" منفتحة الآن على إطلاق سراح بعض الرهائن مقابل وقف القتال.
وذكرت وكالة "رويترز" للأنباء أن إسرائيل و"حماس" اتفقتا من حيث المبدأ على هدنة لمدة شهر يتم خلالها إطلاق سراح الرهائن وإطلاق سراح فلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
ويبدو أن النقطة الشائكة هنا هي أن "حماس" تريد "صفقة شاملة" تتضمن اتفاق مرحلة ثانية لإنهاء الحرب، ولكن حتى لو وافقت إسرائيل على ذلك، فمن غير المرجح أن تشعر بأنها مضطرة للوفاء بكلمتها.
وقال شيلح، لشبكة CNN :"لا أعتقد أنه حتى (زعيم حماس يحيى) السنوار لديه انطباع بأن أي صفقة رهائن ستنهي في الواقع الصراع بين إسرائيل وحماس"، وأضاف: "إما أنهم لا يريدون إبرام صفقة، أو أن الأمر مجرد موقف للاستهلاك المحلي".
إذن ماذا عن المنفى؟ في الوقت الحالي، على الأقل، يبدو هذا غير مقبول.
وبحسب ما ورد، قال رئيس الوزراء القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن هذا "لن ينجح أبدا".
ومن المفهوم أن قادة "حماس" يفضلون القتال في غزة، إنهم يعرفون أن العيش في الخارج لن يمنع القضاء عليهم من قبل "الموساد".
وخلافا لمؤسس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، الذي انتقل من المنفى في بيروت إلى المنفى في تونس، فإن غزة تشكل موطنا للقيادة العليا لـ"حماس".
وعلاوة على ذلك، حتى إسرائيل لا تبدو حريصة بشكل كبير، فقد أخبرني مسؤول حكومي إسرائيلي كبير أن: "نفي السنوار ليس موقف إسرائيل ولم تعرضه".
وبينما يتحدث المبعوثون، ويتقاتل الجيش الإسرائيلي و"حماس"، تتزايد الضغوط على الحكومة الإسرائيلية لإعادة الرهائن.
وخلال نهاية الأسبوع، احتشد المتظاهرون أمام منزل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للمطالبة بالتوصل إلى اتفاق لإعادة الرهائن.
وقالت الرهينة السابقة أفيفا سيجل، للكنيست، الثلاثاء: "في الوقت الحالي يتم اغتصاب شخص ما في نفق"، و في يوم الأربعاء، أغلقوا الطرق، والخميس، منعوا إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وتبين أيضا أن نتنياهو لجأ إلى إلقاء اللوم على قطر بسبب التقدم البطيء في إطلاق سراح الرهائن، مما أثار توبيخا من وزارة الخارجية القطرية.
إن صفقة "الكل مقابل الكل" هي خيار آخر تم طرحه منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول ، وبعبارة أخرى، إطلاق سراح جميع الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية- بما في ذلك أولئك الذين تقول إسرائيل إن "أيديهم ملطخة بالدماء"- مقابل إطلاق سراح جميع الرهائن.
ولكن حتى لو كان مثل هذا السيناريو مطروحا على الطاولة، فقد أظهر استطلاع نشره معهد الديمقراطية الإسرائيلي، الأربعاء، أن أكثر من نصف الإسرائيليين سيعارضونه.
ومع ذلك، في الوقت الحالي، لا يزال مثل هذا الحديث موضع نقاش، حيث قال مسؤول إسرائيلي، لـ CNN، إنه لا يوجد اتفاق ملموس على الطاولة.
وقال الجنرال الإسرائيلي السابق إسرائيل زيف إن ضرب "حماس" يجب أن يساعد، وأضاف لـCNN: "ليس هناك شك في أنه لا يوجد إسرائيلي واحد لا يريد عودة الرهائن إلى وطنهم لكن في الوقت نفسه، لا يمكننا المقامرة بمستقبل إسرائيل من خلال ترك حماس تسيطر على غزة. وللحصول على الأمرين نحتاج إلى ممارسة أقصى قدر من الضغط العسكري من أجل الحصول على أقصى موقف في المفاوضات".
ويعتقد زيف أن الأمر سيستغرق ما يصل إلى شهر إضافي حتى يتمكن الجيش الإسرائيلي من سحق كتائب "حماس" في خان يونس، في جنوب غزة، حيث يدور قتال عنيف؛ وتم قصف ملجأ لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)،هناك الأربعاء، مما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 12 فلسطينيا نازحا.
ويقول زيف إن أي صفقة تتطلع إسرائيل إلى إبرامها، من المرجح أن تدخل حيز التنفيذ بمجرد اكتمال عملية خان يونس.
وبطبيعة الحال، فإن نهاية اللعبة في غزة لا تخضع فقط للاعتبارات العسكرية، أو مطالبة أسر الرهائن بالتوصل إلى اتفاق، أو حتى الضغوط من جانب الولايات المتحدة لإنهاء الأمور، فهناك أيضا السياسة.
وتشير أحدث استطلاعات الرأي إلى كارثة بالنسبة لمسيرة زعيم إسرائيل الأطول حكما.
ووجد استطلاع حديث أن أكثر من نصف الإسرائيليين يعتقدون أن سياسات نتنياهو العسكرية نابعة من المصلحة الذاتية.
ويقول غادي آيزنكوت، رئيس الأركان الإسرائيلي السابق الذي كان عضوا في مجلس الوزراء الحربي والذي قُتل ابنه مؤخرا في غزة، إنه لا يعتقد أن هذا هو الحال، لكنه يقول إن تدمير "حماس" أمر "غير واقعي".
ومع أخذ ذلك في الاعتبار، فإن هذه الجولة من الحرب بين إسرائيل و"حماس" ربما لن تكون الأخيرة.
وقال شيلح: "يجب على إسرائيل أن توافق على أي نوع من الصفقة تقريبًا لإعادة الرهائن لأنها لن تكون نهاية الحرب على أي حال".