هديل غبون
عمّان، الأردن (CNN)-- انطلقت، الاثنين، مرحلة الدعاية الانتخابية لانتخابات البرلمان الأردني العشرين، المقررة في العاشر من سبتمبر/ أيلول المقبل، وسط توقعات بارتفاع وتيرة الحراك الانتخابي بين مرشحي القوائم التي أعلنت عنها الهيئة المستقلة للانتخاب بشكل أولي، فيما طُرحت قوائم انتخابية حزبية، يعتقد مراقبين بأن أغلب مرشحيها يفتقدون إلى "الدسم السياسي".
وأظهرت بيانات الهيئة المستقلة للانتخاب في الأردن، تسجيل 199 طلب قائمة ترشح حزبية أولية لقوائم الدائرة العامة ولقوائم الدوائر المحلية، يمثلها 1651 مترشحا ومترشحة لخوض سباق الانتخابات، وتراجعت في تلك القوائم وفقا لقراءات مراقبين ما عرف "بمرشحي الحشوات".
ولم تحقق أرقام الترشيحات وفقا لمراقبين أيضا"اختراقا" على مستوى أعداد الترشح، قياسا على الانتخابات السابقة في عام 2020، بل شهدت انخفاضا في أعداد المترشحين بالمجمل عزاه البعض إلى اشتراطات العمل الجماعي من خلال الأحزاب والتحالفات للترشح.
وقال الناطق الرسمي باسم الهيئة المستقلة للانتخاب لموقع CNN بالعربية، محمد خير الرواشدة إن 11 طلب ترشح تم رفضها لمترشحين، لأسباب تتعلق بعدم توافقها مع شروط القانون، مثل سن الترشح المحدد بـ25 عاما كحد أدنى، وعدم الانتساب لحزب وغيرها من الشروط المتعلقة بالترشح للدائرة العامة.
ويتنافس على قوائم الدائرة العامة المغلقة للأحزاب حصريا وتضم 41 مقعدا، 697 مترشحا ومترشحة توزعوا على 25 قائمة حزبية للدائرة العامة، بينما يتنافس 954 مترشحا ومترشحة على 97 مقعدا في 18 دائرة انتخابية محلية، توزعوا على 174 قائمة محلية، بحسب الأرقام الأولية المعلنة.
و في الأثناء، لم تحقق الأرقام المتعلقة بترشح النساء وفئة الشباب مفاجآت، على ضوء التوقعات التي بنيت على الفرص الجديدة المستحدثة في قانون الانتخاب الجديد لسنة 2022، إذ رفع القانون الجديد المقاعد المخصصة للنساء ( الكوتا) من 15 إلى 18 مقعدا، عدا عن فتح الباب للترشح عبر مسار التنافس في الدوائر المحلية.
وكذلك ألزم القانون قوائم الدائرة العامة الحزبية بتشريح سيدتين ضمن الترشيحات الستة الأولى على الأقل، إضافة إلى إلزامية ترشيح شاب أو شابة دون سن 35 عاما فيها، في المواقع الخمسة الأولى.
وقاربت نسبة الترشح الاجمالية للنساء في كل القوائم، 23% متجاوزة الانتخابات السابقة بنسبة ضئيلة جدا، وترشح فقط 220 من فئة الشباب دون سن 35 عاما من بين مجموع المرشحين، رغم امتياز تخفيض سن الترشح من 30 عاما إلى 25 عاما بموجب التعديلات الدستورية الأخيرة.
من جهته، رأى الرئيس التنفيذي لبرنامج "راصد" الانتخابي عمرو النوايسة، إن شرط تجاوز عتبة الحسم في الانتخابات المقبلة لكل من قوائم الدائرة العامة والدوائر المحلية، دفع بالأحزاب إلى تشكيل قوائم تخلو "من الترشيحات الشكلية أو مايعرف بالحشوات"، كما اعتبر أن الترشيحات النسائية خضعت لمعايير "كفاءة واضحة" بخلاف مواسم انتخابية سابقة لغايات حصد الأصوات وتجاوز العتبة.
ورأى النوايسة، في تصريحات لموقع CNN بالعربية، أن تراجع ظاهرة "الحشوات" في القوائم لم تقل عن نسبة 70%، حسب تقديراته، ما اعتبره "تطورا" لصالح العملية الانتخابية، لما فرضه القانون من اشتراطات ترشح الأحزاب فقط على الدائرة العامة، ما أسهم في بناء تحالفات مع مرشحين أقوياء ستخضع لأسس عمل مشترك وجماعي في حال وصولها إلى قبة البرلمان.
وأضاف: "من اللافت على مستوى الدوائر المحلية أن المنافسة أصبحت تقدّر بنحو 10 مرشحين على كل مقعد، فيما كانت المنافسة في انتخابات 2020 في ظل جائحة كورونا تقدر بـ13 مرشحا على كل مقعد، هنا يمكن القول أن التوافقات بين المرشحين أصبحت حاجة أساسية في تشكيل القوائم".
وذكر النوايسة أن الملاءة المالية "لم تعد شرطا وحيدا" للمرشح الأول في قائمة الدائرة العامة، التي تذهب فيها المقاعد الفائزة للمرشحين بحسب ترتيب الأسماء فقط، كما أن ظاهرة عزوف الأمناء العامين للأحزاب عن الترشح في صدارة القوائم أو عدم الترشح، تعتبر "ملمحا واضحا في الترشيحات لاعتبارات" اعتبرها النوايسة متعلقة بـ"تفضيل إدارة شؤون الحزب لاحقا، واحتمالية المشاركة في الحكومة لغير النواب من الحزب."
وأضاف: "يبدو أن الأمناء العامين فضلوا أن يكونوا ضباط إيقاع في إدارة العمل الحزبي والسياسي للحزب والفائزين لاحقا".
ويحق لقرابة 5 ملايين و115 ألف ناخب وناخبة، الاقتراع في الانتخابات المقبلة من بينهم نحو590 ألفا سيقترعون لأول مرة، وسط توقعات بتسجيل نسب اقتراع تتراوح بين 34-36% للكتلة التصويتية الفاعلة، بحسب وصف النوايسة.
ومثّلت ترشيحات القوائم العامة الحزبية، 36 حزبا مرخصا من بين 38 حزبا، وخاضت 5 تحالفات حزبية تضم 16 حزبا الانتخابات، تنوعت بين تيارات قومية ويسارية ومدنية ووسطية وإسلامية .
وأعلن حزب "جبهة العمل" الإسلامي، الذراع السياسية لجماعة "الإخوان المسلمين" التي تصنف رسميا بأنها "غير مرخصة"، خوضه الانتخابات المقبلة بقائمة عامة وقوائم محلية، وضمت قائمتها العامة أسماء سبق لها الترشح في مجالس نيابية سابقة ومن قيادات "جماعة الإخوان والمنتسبين" للحزب في الوقت ذاته.
ورغم ترشح مالا يقل عن 82 نائبا من البرلمان السابق للانتخابات، فقد أعلن بالمقابل العديد من النواب في برلمانات سابقة عزوفهم عن الترشح والعودة للعمل البرلماني.
من جهته، يعتقد النائب السابق عمر العياصرة أن نسبة الاقتراع في الانتخابات المقبلة "ستزداد بطبيعة الحال عن 29.9% بسبب إجراء الانتخابات السابقة في ظل جائحة كورونا"، منوها إلى ضرورة استخدام الأحزاب السياسية لخطابات تحمل "شعارات واضحة وأهدافا مركزية" قادرة على استقطاب الناخب، في ظل "احتجاب" ترشح "طبقة السياسيين والوزراء السابقين"، ومن وصفهم العياصرة بـ"مجتمع السياسيين".
ورأى العياصرة الذي قرر عدم الترشح لهذه الانتخابات، بأن الأوضاع في المنطقة وكذلك الحرب على غزة ألقت بظلالها على المزاج العام للشارع الأردني، إلا أنها لن تؤثر على نسب الاقتراع في العملية الانتخابية، وقال إن المطلوب "عدم بقاء الأحزاب والمرشحين رهينة لشعارات مكررة وعامة لا تعالج قضايا بعينها ولا تستفز الشارع انتخابيا".
وقال العياصرة العضو في البرلمان السابق لموقع CNN بالعربية إن "نظرة عامة على الأسماء المترشحة في القوائم تقود إلى تساؤل حول سبب غياب الدسم السياسي عن هؤلاء المرشحين، والسؤال الأبرز لماذا يغيب السياسيين عن المشهد والوزراء السابقين ومن عمل في العمل العام، أعتقد أن هناك غيابا واضحا لمجتمع الأكاديميين والبيروقراطيين والسياسيين، وحتى كذلك النماذج الدينية المؤثرة رغم التجربة الحزبية الجديدة".
وربط العياصرة بين غياب هذه النماذج عن الترشح، وبين انشغال الأحزاب في بناء هياكلها على حساب بناء "الهوية السياسية" أو التركيز على الخلفية السياسية.
وأضاف: "القوائم المطروحة تخلو من الدسم السياسي وحتى النماذج الدينية شهدنا في مواسم سابقة تيارات إسلامية ومدنية ويسارية متنافسة، وباعتقادي قد تطرح الأحزاب في الأيام المقبلة قضايا تشكل حالة جدل أو استقطاب في الشارع بعيدا عن الشعارات الفضفاضة."
ويعتقد العياصرة أن مرشحي القوائم العامة سيواجهون "تحديات في التسويق السياسي لهم"، على اعتبار أن القاعدة الانتخابية تمثل كل المملكة، وستكون القوائم المحلية في المحافظات بحسب تقسيمات الدوائر، هي بمثابة "الشرايين" للقوائم العامة.
وقال: "حتى هذه اللحظة لا يوجد خطاب مركزي لدى قوائم الدائرة العامة الحزبية، حصاد أصوات هذه القوائم سيعتمد بالضرورة على القوائم المحلية".
وبشأن حراك الشارع المتضامن مع قطاع غزة، الذي يشهد عدة توقيفات وإفراجات من السلطات على مدار أشهر، ذكر العياصرة أن "الدولة تتعامل معه بتوازن، وانشغال الحركة الإسلامية بهذا الحراك لا يعني أن يترجم إلى أصوات في الانتخابات"، بحسب تقديره.