هديل غبّون
عمّان، الأردن (CNN) -- انطلقت صباح الثلاثاء، عملية الاقتراع في انتخابات المجلس النيابي الأردني العشرين، في سباق حزبي محموم للتنافس على 138 مقعدا إجمالية، خصص منها 97 مقعدا لـ 18 دائرة محلية على مستوى المحافظات، و41 مقعدا مغلقة على الأحزاب السياسية حصرا في دائرة عامة واحدة على مستوى المملكة، وذلك للمرة الأولى في تاريخ الانتخابات العامة في البلاد.
وتتنافس قوى حزبية وليدة تنتمي إلى تيارات الوسط السياسي، أفرزتها ما عرف بمخرجات منظومة التحديث السياسية، أمام قوى حزبية إسلامية ويسارية وقومية أيديولوجية تاريخية بما في ذلك حزب جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين التي تعتبرها الحكومة غير مرخصة، وسط توقعات مراقبين بتسجيل نسبة اقتراع عامة مفاجئة قياسا على مواسم انتخابية سابقة.
وأعلنت الهيئة المستقلة للانتخاب، عن بدء عملية الاقتراع دون أي تأخير في فتح الصناديق عند الساعة السابعة صباحا بالتوقيت المحلي، لتستمر حتى السابعة مساء، وذلك دون أية إمكانية للتمديد بموجب أحكام القانون.
وانتشرت قوات الأمن منذ فجر الاثنين في مختلف مناطق المملكة لتأمين الحماية لمراكز الاقتراع والفرز، بمشاركة أكثر من 40 ألف من مرتبات الأمن والدرك .
وخصصت 9 مقاعد نيابية للمسيحيين، بينها 7 مقاعد موزعة على الدوائر المحلية، ومقعدين اثنين ضمن الدائرة العامة، كما خصصت 3 مقاعد للشيشان والشركس اثنين منها في الدوائر المحلية، إضافة إلى مقعد مخصص لهم في الدائرة العامة.
وفيما يتعلق بالمقاعد المخصصة للنساء، فقد بلغت بحسب قانون الانتخاب الجديد لسنة 2022 ( 18 مقعدا للكوتا) بدلا من 15 في الانتخابات السابقة، إلا أن القانون الجديد اشترط أيضا تحديد اختيار مسار الترشح بين "مقعد الكوتا" و"التنافس الحر"، كما ألزم القانون ترشيح سيدتين اثنتين بالحد الأدنى في القوائم الحزبية للتنافس على مقاعد الدائرة العامة، ما يرجّح فوز سيدات خارج مقاعد الكوتا.
وفي الأسابيع الأخيرة التي سبقت يوم الاقتراع، ارتفعت وتيرة التنافس بين المترشحين عبر قوائمهم المحلية والعامة، من خلال انعقاد نحو 704 من المهرجانات الانتخابية" الصاخبة"، شهدت مشاركة نسائية بارزة في الحملات السياسية.
ويحق في هذه الانتخابات، تصويت نحو 5 ملايين و115 ألف ناخبة وناخبة، تشكل النساء ما نسبته 52.5% منهم، ويبلغ عدد من يحق لهم التصويت للمرة الأولى نحو 590 ألف ناخب وناخبة جدد، وبما نسبته 11.54% من مجمل الناخبين، في حين لا يسمح للآن بالتصويت للأردنيين في الخارج.
ومن اللافت بحسب بيانات الهيئة المستقلة للانتخاب التي تدير عملية الانتخاب، فإن عدد الناخبين ممن تقل أعمارهم عن 35 عاما، تبلغ ما نسبته 45.4% من إجمالي عدد الناخبين.
وعلى مستوى القوائم المتنافسة، فقد بلغ عدد القوائم على مستوى الدوائر المحلية في المحافظات، 172 قائمة تخضع لنظام النسبية المفتوحة، ويتنافس فيها 937 مترشحا ومترشحة من بينهم 190 مترشحة سيدة.
أما فيما يتعلق بالتنافس على مقاعد القائمة العامة "الحزبية"، فبلغ عدد القوائم المتنافسة 25 قائمة حزبية تضم 697 مترشحا ومترشحة، ليكون عدد المترشحين الإجمالي لمختلف القوائم 1634 مترشحا ومترشحة، ويستقبل 1649 مركز اقتراع الناخبين في أرجاء البلاد، تضم 5843 صندوق اقتراع وفرز.
وتتصدر أسماء أحزاب سياسية جديدة المشهد الانتخابي، منها أحزاب "الميثاق الوطني" و"إرادة" و"العمل" و"عزم" وتقدم" و"المدني الديمقراطي"، التي تصنف نفسها بين أحزاب وسطية إصلاحية برامجية، ومدنية ديمقراطية تقدمية، إضافة إلى الأحزاب ذات الهوية "الإسلامية" مثل حزب جبهة العمل الإسلامي والحزب الوطني الإسلامي، الذي شكّل اندماجا لحزبين سياسيين سابقين هما "الوسط الإسلامي" و "المؤتمر الوطني زمزم" وضمّا قيادات سياسية، كانت قد انشقت في فترات زمنية سابقة عن جماعة الإخوان المسلمين.
وكسر استحداث قائمة عامة مخصصة للأحزاب السياسية للمرة الأولى، ثنائية التنافس التقليدي بين حزب جبهة العمل الإسلامي المعارض، وبين الاستقطاب العشائري الذي كان يستحوذ على اتجاهات الناخبين في اختيار مرشحيهم، ويتوقع مراقبون أن تتخطى نسبة الاقتراع العامة هذه المرة حاجز الـ35% فيما بلغت في انتخابات البرلمان 2020 ما نسبته 29.9%.
ويرى مدير برنامج راصد لمراقبة الانتخابات عمرو النوايسة، بأن هذه الانتخابات تشهد حراكا "حزبيا قويا" ارتفعت وتيرته في الأسابيع الأخيرة، في ظل طرح مرشحين للقوائم الحزبية بالتحالف مع مرشحين في القوائم المحلية، مشيرا إلى أن 704 مهرجانات انتخابية، أقيمت في مختلف المحافظات الأردنية.
وأوضح النوايسة، بأن قانون الانتخاب الجديد ووجود القوائم الحزبية، ساعد الأحزاب السياسية على الدمج بين "الهوية الحزبية والهوية المناطقية المحلية" التي جذبت "جزءا كبيرا من الكتلة الناخبة التي أظهرت الاتجاهات الأولية لها بعدم التصويت على أساس حزبي".
ويعتقد النوايسة بأن السلوك التصويتي للناخبين في هذه الانتخابات على مستوى الدائرة العامة، ارتكز إلى معايير جديدة. وقال: "نرى طيفا سياسية متنوعا من الأحزاب السياسية التي ترشحت للانتخابات، مثل التيارات الإسلامية والوطنية والقومية واليسارية واليمينية. هذا الطيف فتح للناخب الأردني مساحة أرحب من الاختيارات وهذا سيكون له بالضرورة انعكاسات على تشكيلة البرلمان العشرين".
ورجح النوايسة في حديثه لموقع CNN أن يترجم هذا التنافس من خلال صعود نحو 6 كتل "حزبية" مؤثرة إلى قبة البرلمان العشرين، تمثل نحو ثلثي مقاعد البرلمان بحسبه، وقال" لاسيما أننا نتحدث عن نسب اقتراع ومشاركة قد تصل تتراوح بين 36-38% من الناخبين المسجلين في الجداول النهائية. "
وفرض النظام الانتخابي الجديد أيضا للمرة الأولى "عتبة حسم" للقوائم المتنافسة وبنسبة تتجاوز 7% للقوائم المحلية من مجموع أصوات المقترعين، وتتجاوز 2.5% للقوائم العامة من مجموع أصوات المقترعين لتتأهل إلى التنافس على المقاعد الفائزة .
وتقدّر أوساط سياسية هنا، أن تتطلب عتبة الحسم في القوائم الحزبية للتأهل، قرابة 40 ألف صوت للقائمة حدا أدنى.
وفي هذا السياق، يقول النوايسة إن التوقعات بشأن زيادة نسبة الاقتراع، ستنعكس على زيادة عدد الأصوات المطلوبة لتحقيق عتبة الحسم للقوائم العامة الحزبية، وأضاف" هذا قد يعطي مؤشرات على أنه لن يكون هناك تجاوزا لأكثر من 10 قوائم حزبية على مستوى المملكة تتجاوز عتبة الحسم، ما يعني أننا نتحدث عن 6-7 أحزاب سياسية قد تتصدر المشهد تحت قبة البرلمان، سيصحبها بناء تحالفات مع النواب المستقلين لاحقا. بما سيفرز برلمانا بشكل جديد للأردنيين، يمثل بداية نتائج مرحلة التحديث السياسي نحو الحكومات البرلمانية".