(CNN) -- تداول مستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي، تصريحات لمديرة صندوق النقد الدولي تطالب فيها مصر بضرورة إعادة تحرير سعر الصرف مجددًا، وأثيرت أقاويل وشائعات حول تعويم جديد للجنيه المصري، فيما نفت الحكومة هذه الشائعات، مؤكدة أن التصريح المنسوب لمديرة صندوق النقد الدولي يرجع إلى شهر يناير/كانون الثاني الماضي قبل إجراء الإصلاحات الاقتصادية، في نفس السياق أكد خبراء مصرفيون، استقرار تدفقات النقد الأجنبي في مصر سواء لتلبية الاحتياجات المحلية من استيراد السلع والخامات أو سداد الالتزامات الدولية على البلاد.
وكان البنك المركزي المصري، قد قرر تطبيق سياسة سعر صرف مرن للجنيه المصري أمام العملات الأجنبية في 6 مارس/أذار الماضي، مما أدى إلى تراجع سعر الجنيه أمام الدولار بنسبة أكثر من 50% ليصل إلى مستوى 48.72 جنيه للشراء، 48.86 جنيه للبيع- وفق متوسط سعر الصرف بالبنك المركزي الخميس- وبعد قرار تحرير سعر الصرف، انتظم تداول الدولار في القنوات الرسمية، وزادت تدفقات المصريين المقيمين بالخارج، كما عادت مشتريات المستثمرين الأجانب في أدوات الدين الحكومية مجددًا.
غير أن انخفاض عوائد مصر من قناة السويس، وتوصيات صندوق النقد الدولي بإزالة القيود على سعر الصرف، أثار تكهنات باحتمالية خفض جديد لسعر صرف الجنيه أمام الدولار مرة ثانية، وتناقل مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي تصريحات منسوبة لمديرة صندوق النقد الدولي بأن مصر يتعين عليها القيام بإعادة تحرير سعر الصرف مجددًا.
ورد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، على هذه الأقاويل مؤكدًا أن حركة النقد الأجنبي، واحتياجات الدولة المصرية تسير بانتظام شديد ولا يوجد أي تأخير، وذلك فيما يخص مستلزمات الإنتاج، والمواد الخام وجميع الاحتياجات الأساسية للدولة، كما لا يوجد أي طلبات مُرجأة في البنوك، وفق تصريحات رسمية.
قال الخبير المصرفي وعضو مجلس إدارة البنك المصري الخليجي، محمد عبد العال، إن البنك المركزي المصري لن يقوم بتعويم الجنيه مرة ثانية كما يردد؛ مرجعًا ذلك إلى عاملين؛ أولًا أن البنك يطبق منذ 6 مارس الماضي سياسة تحرير لسعر الصرف، دون تدخل إداري لتحديد السعر، والذي يحدد وفق العرض والطلب، وثانيًا مازال التأثير الإيجابي لصفقة تطوير منطقة رأس الحكمة في زيادة تدفقات النقد الأجنبي للبلاد مستمر، ويظهر ذلك في زيادة تحويلات المقيمين بالخارج، ونمو احتياطي النقد الأجنبي للبلاد، وكذلك استمرار نمو صافي الأصول الأجنبية لدى القطاع المصرفي المصري.
ومنذ توقيع مصر صفقة تطوير منطقة رأس الحكمة مع شركة إماراتية، في فبراير الماضي، مقابل 35 مليار دولار، حصلت البلاد على تدفقات ضخمة من النقد الأجنبي سواء من مصادره المعتادة من تحويلات المصريين المقيمين بالخارج وزيادة إيرادات السياحة والاستثمار الأجنبي المباشر أو من تنازل حائزي الدولار، ومنح ومساعدات أوروبية وخليجية.
ذكر عبد العال، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية أن نقطة الضعف الوحيدة في موارد مصر من النقد الأجنبي، هي انخفاض عوائد البلاد من النقد الأجنبي، لكن في المقابل هناك تحسنًا في مصادر أخرى من الاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر، وسجل الأخير رقمًا قياسيًا رغم التوترات الجيوسياسية بالمنطقة، مما يؤكد ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري وقدرتها على سداد الالتزامات الدولية، وفي الوقت نفسه زيادة تنافسية أدوات الدين الحكومية المصرية بعد خفض الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة.
ووفق بيانات البنك المركزي المصري، تراجعت إيرادات رسوم المرور في قناة السويس من 8.8 مليار دولار خلال العام المالي 2022/2023 إلى 6.6 مليار دولار خلال العام المالي 2023/2024 بنسبة انخفاض 24.3%.
وأكد محمد عبد العال، عدم وجود طلبات مرجأة لدى البنوك لفتح اعتمادات مستندية لاستيراد مستلزمات الإنتاج والخامات والاحتياجات الأساسية من السلع، بجانب التزام مصر بسداد كل التزاماتها الدولية خلال الفترة الماضية، مشيرة إلى أن مصر تعتمد بشكل أكبر على الاستثمار الأجنبي غير المباشر في الفترة الحالية لسد العجز في ميزان المدفوعات، لحين زيادة موارد البلاد من التصدير والاستثمارات المباشرة لعلاج الخلل في ميزان المدفوعات.
وتوقع الخبير المصرفي، أن يستقر سعر الجنيه أمام الدولار عند مستوى 48 جنيهًا (± 2 جنيه) حتى نهاية العام الحالي، في حال استقرار التدفقات الدولارية عند المستويات الحالية.
وقال الخبير المصرفي وعضو مجلس إدارة بنك قناة السويس سابقًا، طارق حلمي، إن وسائل التواصل الاجتماعي تناقلت تصريحات منسوبة لمديرة صندوق النقد الدولي بأن مصر يتعين عليها تعويم جديد للجنيه المصري، وهذه التصريحات صدرت خلال شهر يناير الماضي، قبل قرار البنك المركزي بتحرير سعر الصرف، ولذا كان يستوجب على الحكومة أن تنفي هذه الشائعات حتى لا يتم استغلاله من قبل التجار، ورفع الأسعار بشكل مبالغ فيه، خاصة وأن الأسعار مرتفعة في الفترة الحالية بسبب زيادة أسعار الوقود والكهرباء.
واستبعد "حلمي"، في تصريحات خاصة لـ"CNN بالعربية"، أن يتجه البنك المركزي المصري لتخفيض جديد للجنيه أمام الدولار في الفترة الحالية في ظل مستويات التضخم المرتفعة، كما أن مصادر البلاد من السياحة والتصدير والاستثمارات الأجنبية المباشرة وتحويلات المصريين بالخارج في تحسن مستمر باستثناء تراجع إيرادات قناة السويس من رسوم مرور السفن.
وأكد طارق حلمي، عدم وجود تحديات تواجه تدفقات النقد الأجنبي في مصر، وهناك وفرة دولارية لتلبية طلبات المستوردين وسداد مستحقات الشركات الأجنبية، وقد ترتفع تدفقات الدولار لمصر حال استقرار الأوضاع الإقليمية مما ينعكس على عودة موارد قناة السويس لمعدلاتها الطبيعية، وزيادة إيرادات السياحة نتيجة عودة السياح للوجهات السياحية في البحر الأحمر