دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قالت الصحفية والمحللة السياسية اللبنانية، راغدة درغام، إن زيارة الرئيس باراك أوباما إلى السعودية ساهمت في إصلاح العلاقات بين البلدين، وقد حصل بينهما تفاهم على تعزيز الدعم للمعارضة المعتدلة بسوريا، بما في ذلك الدعم العسكري، مؤكدة أن التوافق تم على عدم المساس باستقرار المملكة، كما لفتت إلى تحول في الموقف الرسمي الأمريكي حيال مصر والإخوان المسلمين.
وقالت درغام، في الجزء الثاني من المقابلة مع CNN بالعربية: "زيارة الرئيس أوباما إلى الرياض أسهمت في إصلاح العلاقة الثنائية بين البلدين، والتي مرت باختلال جدي وليس هامشيا، وجرت مناقشة موقف الولايات المتحدة التي لن تتخلى عن الانفتاح الذي تبديه إيران، والتوافق على وجوب تشجيع الاعتدال ليس من قبل أمريكا فحسب، بل ومن قبل السعودية ودول أخرى."
وتابعت بالقول: "جرى التفاهم على أنه مقابل الاعتدال الإيراني سيكون هناك ترحيب بالاعتدال، ولكن كلاهما (العاهل السعودية والرئيس الأمريكي) تفاهما على أنه مازال في إيران قوى لا تريد الاعتدال بل تحاربه."
وعن الموضوع السوري قالت درغام: "بحسب معلوماتي فقد جرى التفاهم على وجوب معاونة القوى المعتدلة داخل المعارضة بالسلاح، وليس بالكلام فحسب، كي يكون هناك موازين مختلفة على الأرض، كيف ينفذ ذلك وحتى متى يطول هذا أمر لا نعرفه ولكن هناك نقلة في التعامل مع المعارضة السورية المعتدلة من أجل أن تقوم بواجبها كما تريد من تمثله هذه المعارضة والهدف المشترك أيضا هو القضاء بقدر المستطاع على الذين اختطفوا المعارضة السورية لمصالحهم."
وأشارت درغام إلى أن واشنطن رحبت بما قامت به الرياض لجهة ملاحقة مواطنيها الذين يقاتلون في الخارج، كما رحبت بـ"نقل بعض الملفات المختلفة من أفراد إلى آخرين في الموضوع السوري" إلى جانب تعيين الأمير مقرن وليا لولي العهد مضيفة: "هناك اتفاق بين السعوديين والأمريكيين على أن الاستقرار داخل السعودية لا يمس به."
وعن إمكانية حصول مراجعة في الولايات المتحدة للموقف من مصر، خاصة مع احتمال وصول المشير عبدالفتاح السيسي، إلى سدة الحكم قالت درغام: "إدارة أوباما استدركت في الموضوع المصري، فقد هرولت في البداية لاحتضان الإخوان المسلمين على أساس أنهم يمثلون الاعتدال والخيار الشعبي، ولكن بعد أن مارس الإخوان السلطة بالطريقة التي مارسوها بها، عبر التهام كل مفاصل السلطة.. وبعد الإصرار من الشعب المصري على الذهاب مرة أخرى إلى الميدان والقيام بعمل لم تشهده المنطقة العربية وهو الإطاحة برئيسين في غضون سنة فهم الأمريكيون أن الموضوع المصري فائق الأهمية وعليه فهمه كما هو وليس كما قرروا فهمه في واشنطن."
وشددت درغام، المعروفة بمقالاتها في السياسة الدولية عبر صحفية الحياة وبقربها من أجواء الدبلوماسية الدولية، على أن أوباما فهم بعد زيارته للرياض أن هناك "التزاما جديا من السعودية والإمارات ودول أخرى بأن يكون الدعم لمصر عمليا وفعليا" وأضاف: "أعتقد أن الأمريكيين ليسوا بوارد العودة إلى ما كانوا عليه وهم يعلمون أن السيسي هو مرشح الشعب."
وعن إمكانية إجراء واشنطن مراجعة للموقف تجاه الإخوان على غرار المراجعة التي تجريها لندن حاليا والجدل حول إمكانية استفادة التيارات المتشددة من استهداف الإخوان قالت درغام: "هناك حوار في شأن الإسلام المعتدل والإسلام المتطرف كما يفرز نفسه في عدة أماكن، سواء على الساحة العسكرية داخل سوريا أو في الدول العربية المختلفة."
وتابعت بالقول: "لقد حدث وقام الشعب بمختلف البلدان العربية بمنع الإخوان من السيطرة بالطريقة التي التهموا فيها السلطة، في تونس وقفوا وقالوا لا.. ولكن على المصريين التنبه الآن بعد أن أطاحوا بتلك الهيمنة التي حاول فرضها الإخوان، فعليهم ألا يسيروا بخيار الإقصاء، وهذا ما يسمعونه من البريطانيين والأمريكيين. إقصاء الأحزاب، كجماعة الإخوان، خطأ. هناك ضرورة للمصالحة عندما يحين الوقت والتوقف عن الإقصاء لأنه لن يفيد وسيرتد على الجميع."
وشككت درغام في هوية الإخوان المسلمين كجماعة وسطية قائلا: "لقد حاولت الجماعة إظهار هوية اعتدال، والحقيقة أنها عند وصولها إلى السلطة مارست التطرف، وهم كشفوا أنفسهم مع الناس قبل أن يكشفوا أنفسهم مع وأمريكا وبريطانيا، فالفارق كبير بين ما يحدث في صفوف القاعدة والتطرف السلفي وبين ما يحدث على يد الشعب في مصر وغيرها."
وعن الانتخابات الرئاسية في لبنان قالت درغام إن البلاد تمر بتحديات أبرزها مشاركة حزب الله في القتال بسوريا و"بدء تدفق التطرف السني من سوريا." وأضافت: "لو كان هناك إمكانية للتمديد لرغب الأمريكيون ببقاء الرئيس ميشال سليمان بالسلطة، ولكن الحرص هو أن يكون الدستور سيد الساحة، وبالتالي يجري بحث بين رؤساء الطوائف والأحزاب والجماعات بطريقة ليست ديمقراطية للأسف، ولكنني أعتقد أنها ستؤدي إلى التوافق لأن الفراغ لن يكون مفيدا لأحد."
وعن مستقبل عملية السلام وتصريحات وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، حول اتصالات سرية تجري مع السعودية الكويت، رغم نفيهما لذلك قالت درغام: "لا أعرف صحة ما قاله وزير الخارجية الإسرائيلي ولكن أعرف أن المملكة العربية السعودية ودول الخليج ترغب فعلا بمساعدة المبادرة الأمريكية للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين."
وتابعت درغام بالقول: "أرى تغييرا في الموقف الأمريكي الذي كان خلال حقبة الرئيس بيل كلينتون يحاول أخذ الرئيس الراحل ياسر عرفات إلى الزاوية والقول له بأن عليه القبول بما يعرض عليه دون العرب، الآن التغيير جذري، لأن كيري - بدعم من أوباما - يقول للعرب بأن أمريكا بحاجة لدعمهم من أجل إقناع الإسرائيليين بالموافقة على حل الدولتين. نتمنى لهم التوفيق، ولكنني أخشى عرقلة إسرائيلية جديدة لكل الجهود المبذولة لأخذ السلام إلى حل الدولتين لأن أجندتهم مختلفة."