دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تواصل فرق الشباب السوري التطوعيّة محو آثار انتخابات مجلس الشعب الجديد من جدران دمشق، ومدن سورية أخرى، في حين لا يمكن التكهن بفترة تأثيرها، وفقاً لمقتضى النتائج التي أعلنتها اللجنة القضائية السورية العليا للانتخابات، السبت الماضي، وأسفرت كما هو متوقع عن سيطرة "بعثية" على أغلب مقاعده الـ250.
إذ فازت قوائم "الوحدة الوطنية" بـ203 مقاعد، أي كامل المقاعد الانتخابية الـ82 عن دوائر حمص وحماه وإدلب ودير الزور والقنيطرة (ومعظمها مناطق تشهد صراعات مسلحة أو خارج سيطرة الحكومة) والأغلبية المطلقة للدوائر العشر المتبقية، بالإضافة إلى 120 مقعدا من أصل الـ168 المتبقيين.
هذه القوائم شكلتها الحكومة السورية الحالية من شخصيات مقربة منها، تنتمي لحزب "البعث،" أو مستقلة تدور في فلكه، إلى جانب هامشٍ ضيّق مُنح للأحزاب المؤتلفة معه بـ"الجبهة الوطنية التقدميّة" منذ سبعينيات القرن الماضي.
ولم تشكل الأسماء الفائزة بباقي مقاعد مجلس الشعب 2016 الـ48 استثناءً كبيراً، كونها مقربّة أيضاً من الحكومة الحالية، إذ أن قائمة "دمشق الشام"، المكونة من 13 مرشحا، حازت باقي مقاعد الدائرة الانتخابية للعاصمة، حيث فاز 12 منهم بالانتخابات، وشكلّت خسارة النائب السابق، ماريا سعادة، مفاجئة غير متوقعة، وكان من الملفت أيضاً عدم وصول النائب والإعلامي، شريف شحادة، للمجلس، ما يوحي برفع الغطاء السياسي عن هاتين الشخصيتين.
كما فازت قائمة "حلب الأصالة" بثلاثة مقاعد من أصل الـ12 المتبقيّة عن دائرة مدينة حلب، وضمّت هذه القائمة المخرج السوري، نجدة أنزور، وأطلق فوزه المتوقّع، تعليقاً راج بين السوريين على موقع "فيسبوك"، يُفيد بأن الـ250 ممثلاً في مجلس الشعب، أصبح لديهم مخرج أخيراً.
اقرأ.. انتخابات مجلس الشعب في سوريا "عرس ديمقراطي" تروّج له السلطة بانتظار تسويةٍ مرتقبة
وشهد المجلس الحالي فوز ثلاثة فنّانين سوريين آخرين، ضمن قوائم الوحدة الوطنيّة في محافظاتهم، وهم: توفيق إسكندر، الذي ابتعد عن التمثيل منذ سنوات، وقاتل إلى جانب الجيش السوري على جبهات حمص، وعارف الطويل من دمشق، ونقيب الفنانين السوريين، زهير رمضان، من محافظة اللاذقية، وتوقّع بعض منتسبي النقابة، على سبيل المزاح، أن يفصل جميع الأعضاء كي يتفرّغ للعب دوره الجديد كعضو في مجلس الشعب، باعتباره أصدر قائمة بفصل الكثير منهم بحجّة عدم دفعهم الرسوم النقابية، إذ ُعرف أغلب المفصولين بمعارضتهم للحكومة.
ويغيب عن مجلس الشعب الجديد رجال الدين، لكنّه ضمّ بين أعضائه الجدد اثنين من الفريق الشبابي لتجديد الخطاب الديني، الذي يعمل تحت مظلة وزارة الأوقاف، وهما: أنس زريع، وفرح حمشو، وكلاهما مرشح بقائمة دمشق الشام.
كما فازت نور الشغري بعضوية المجلس عن دائرة اللاذقيّة، وهي أخت الجندي السوري، يحيى عدنان الشغري، الذي قضى أسيراً بالرقة، على أيدي عناصر تنظيم "داعش" بعد مقولته الشهيرة "والله لنمحيها"، رداً على هتافهم "باقية."
ووفقاً لتعديلات أجريت على قانون الانتخابات العامة، تمت إتاحة الانتخاب للمهجّرين من مناطقهم بفعل الحرب، ضمن المناطق التي نزحوا إليها، فعلى سبيل المثال، خُصصت مراكز انتخابية لأبناء دير الزور وإدلب وحلب والرقة ودرعا في العاصمة دمشق.
كما منحت التعديلات حق الانتخاب للعسكريين ومنتسبي القوى الأمنية، ورغم ذلك لم يتجاوز عدد الذين يحق لهم التصويت في انتخابات مجلس الشعب لعام 2016، قرابة التسعة ملايين، وبلغت نسبة المشاركة 57.56 في المائة، وفق إعلان اللجنة القضائية العليا للانتخابات، وأعطى هذا الرقم مؤشراً رسمياً حول التراجع الكبير في أعداد سكان الداخل السوري، وكان موضع جدل بين السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي.
شاهد.. الأسد وزوجته يصوتان معا "للمرة الأولى".. والمعارضة: الانتخابات مسرحية لا تستحق المشاهدة
وهو ما علّق عليه أستاذ القانون الدستوري، سام دلة، من خلال تدوينة نشرها عبر حسابه على "فيسبوك" متسائلاً: "في (الانتخابات) التي جرت في 7 مايو/ أيار 2012 أعلن رئيس اللجنة الانتخابية، خلف العزازي، في مؤتمره الصحفي (الذي نقلته وكالة الأنباء السورية سانا) أن عدد الذين يحق لهم الانتخاب بلغ أكثر من عشرة ملايين ناخب (10118519)، ولم يكن يحق لعسكريي الجيش والشرطة الانتخاب، أي إنهم غير مشمولين بالرقم."
وأضاف دلة: "وفي ’الانتخابات‘ التي جرت في 13 أبريل/ نيسان 2016، أعلن رئيس اللجنة الانتخابية، هشام الشعار، في مؤتمره الصحفي، الذي نقلته وكالة الأنباء السورية، أن عدد الذين يحق لهم الانتخاب بلغ أكثر من ثمانية مليون ناخب بينهم عسكريي الجيش والشرطة. والفارق أكثر من مليون شخص دون إضافة عسكريي الجيش والشرطة."
وتابع دلة: "وبالتالي نستنتج أن أكثر من مليون ونصف مليون سوري توفي أو قتل... أو أن أحد الرقمين غير صحيح؟؟؟؟.
وبجميع الأحوال لازالت التكهنّات السائدة في الشارع السوري، ترجحّ عمراً قصيراً لهذا المجلس، بينما تتواصل الجهود للبحث عن تسوية مرتقبة لـ"الأزمة السورية".
وبصرف النظر عن الصيغة التي انتهى إليها، سيواصل أعضاء المجلس ممارسة "دورهم التشريعي" من حيث المبدأ، وهو ما تحرص عليه حكومة سوريا الحالية، وهو الإيحاء بأنّ مؤسسات الدولة "الدستوريّة" مستمرّة، وكأن شيئاً لم يكن.