تونس (CNN)-- فضّل رئيس حكومة الائتلاف التونسية الحبيب الصيد أن يضع مصير حكومته التي عمّرت ما يربو عن عام ونصف، بين أيدي نواب الشعب للفصل فيها، بدل نهج سبيل الاستقالة، في دلالة واضحة عن امتعاضه من مبادرة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الرامية إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، بهدف إخراج البلاد من "أزمة حقيقية ذات أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية"، بحسب بيان للرئاسة التونسية.
وتستعد تونس هذه الأيام للانتقال من حكومة ائتلافية إلى "حكومة وحدة وطنية"، عملا باقتراح الرئيس قائد السبسي الذي كان دعا، خلال مقابلة مع التلفزيون التونسي الرسمي، إلى "تغيير رئيس السلطة التنفيذية الحالي ووضع خطة طريق وبرنامج عمل لحكومة وحدة وطنية يكون الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد العام التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية ضمنا تشكيلتها".
وتجسيدا للاقتراح، وقعت أحزاب الائتلاف وأحزاب أخرى، إضافة إلى منظمات نقابية، على وثيقة عنوانها "اتفاق قرطاج"، تحدد أولويات عمل حكومة وحدة وطنية التي اقترحها الرئيس السبسي الذي طالب الحكومة القادمة الالتزام بـ" الأولويات التي حددها الوثيقة كمقاومة الفساد وإرساء مقومات الحوكمة الرشيدة وتسريع نسق النمو لتحقيق أهداف التّنميّة والتشغيل وكسب الحرب على الإرهاب"، وفقا لما نقلته رويترز.
ولقيت المبادرة ترحيبا من أحزاب الائتلاف الحكومي، على غرار حركة النهضة التونسية، التي كشفت في بيان لها خلال دورة مجلس الشورى، أنها "تدعم مبادرة حكومة الوحدة الوطنية وتجدد تقديرها لرئيس الحكومة للروح الوطنية التي تحلى بها طيلة الفترة السابقة وتسجل انجازاته الأمنية وتدعوه إلى التفاعل الايجابي مع المبادرة والسعي إلى إنجاحها"، في دعوة إلى تقديم استقالته.
بينما واجهت أحزاب أخرى المبادرة بالرفض، كما هو الحال مع الجبهة الشعبية (تكتل معارض)، التي اعتبرت في بيانها الأخير، أن المبادرة "ليست سوى مناورة كبرى الغاية منها إيجاد مخرج لأزمة حكم الائتلاف الحاكم وخاصة حركة نداء تونس وذلك من خلال توزيع الفشل على كافة الأطراف السياسية والاجتماعية في السلطة وخارجها".
وأمام هذا الوضع، الذي تعيشه تونس، استطلعت CNN بالعربية، آراء بعض الأحزاب السياسية حول ما ستحمله الحكومة المرتقبة من حلول للازمة، وترنحت مواقف الأحزاب ما بين الترحيب المحفوف بالحذر وبين التشكيك في نوايا أصحاب المبادرة، بيد أنهم اتفقوا على وجود أزمة حقيقية، تنتظر حلولا جذرية.
وحول إمكانية نجاح الحكومة الجديدة، بدا القيادي في حركة النهضة التونسية العجمي الوريمي، حذرا، في حديثه لـ CNN بالعربية، إذ قال "أي حكومة ليس لها عصا سحرية"، وأضاف: "سيكون تفاءلنا تفاؤلا حذرا فلا أتصور كقيادي بأن الأمور ستتغير بين عشية وضحاها، فنحن كنا في الحكم وندرك حقيقة المصاعب والتحديات".
وتابع قائلا: "الحكومة الجديدة مطالبة بتفعيل ما جاء في هذه الوثيقة (اتفاق قرطاج) وتحوله إلى برامج، لأن الغاية من مبادرة الرئيس هي إحداث قفزة ايجابية والرفع من الأداء الحكومي وإعطاء دفع جديد للمشاريع المعطلة"، معتقدا أنه "أصبحنا نمتلك رؤية واستطعنا من وضع القطار على السكة".
أما القيادي في الجبهة الشعبية التونسية فتحي الشامخي، فاستبعد أن تأتي الحكومة الجديدة بثمار طيبة، قائلا في هذا الصدد "هي قبلما تبدأ، ظهرت ثمارها المرّة والمسمومة"، وعليه فإنه "عندما نستعمل نفس الوسائل فلا نستغرب أن نحصل على نفس النتائج".
وأضاف الشامخي، في اتصال هاتفي مع CNN بالعربية، أن الحكومة المقبلة "ليست محاولة لإخراج تونس من الأزمة التي تعيش فيها، بقدر ما هي تملص من مسؤولية الفشل ومحاولة توريط الجميع في مسؤولية الأزمة"، معتبرا مبادرة السبسي بـ"الشخصية"، الذي يحاول، حسبه، "إيجاد مكان تحت الشمس لابنه (حافظ)، الذي أصبح الشخصية الأولى في حزب نداء تونس".