القاهرة، مصر (CNN)-- يرى الصحفي والناشط السياسي، محمود السقا، المفرج عنه مؤخرا على ذمة قضية محاولة قلب نظام الحكم، أن هذه التهمة هي نفسه التهمة التي وجهتها كل أنظمة الحكم الديكتاتورية، وأنه كان في فترة تأديب من قبل النظام الحالي، بحسب ما قاله في مقابلة مع CNN بالعربية.
وقال محمود السقا، إنه لم يتوقع الإفراج عنه، وتعرض لضغوط نفسية شديدة خلال فترة حبسه، وأن النظام الحالي يحفز ويشحن المجتمع ضد ثورة يناير وشبابها، ويساعد كل من يسب تلك الثورة.
وجاء حواره كالتالي:
- هل كنت تتوقع الإفراج عنك؟
رغم أني لم أفقد الأمل في الله، إلا أني لم أتوقع الخروج من الحبس، وكنت أشعر أني خارج الحياة، فقد قررت محكمة الجنايات إخلاء سبيلي يوم الخميس الماضي، واستأنفت النيابة على الحكم، وتوقعت الاستمرار في الحبس، ولكن جاء القرار برفض الاستئناف والإفراج عني، فقد كنت في فترة تأديب من قبل النظام.
- كيف كان التعامل معك داخل الحبس؟
مأمور السجن قابلني بصورة جيدة، ولكن الزيارات كانت ممنوعة لمدة 22 يوما، وممنوع دخول أي أطعمة، لدرجة أني أصبت بحالة تسمم من أكل السجن، ولم أتسلم سوى بدلة سجن واحدة، وكنت أخشى إصابتي بمرض جلدي، وبعد 22 يوما من الحبس سُمح لنا بالزيارة، في وجود فرد أمن يدون كل ما يقال خلال زيارة أهلي، وقضيت 35 يوما في سجن انفرادي بعد الافراج عن زميلي في الزنزانة عمرو بدر، ومورست علي ضغوطا عنيفة، لم تكن ضغوطا بدنية، ولكنها كانت نفسية وهى أمر صعب.
- لماذا لجأت الى نقابة الصحفيين حينما علمت بقرار القبض عليك ولم تسلم نفسك للنيابة؟
ما لا يعرفه البعض أنه تم القبض علي في 30 ديسمبر/ كانون أول 2015، وتم خطفي من شارع جامعة الدول العربية بالمهندسين، عن طريق الأمن الوطني، وظللت في السجن حتى منتصف مارس/ أذار 2016، وكانت فترة قاسية للغاية، بعد خروجي كانت الدعاوى لتظاهرات الأرض قد بدأت، وفوجئت بملاحقة الأمن لي من جديد، وذهبوا لمنزلي وكسروه، واستفسر مجلس نقابة الصحفيين من رئيس المباحث عما إذا كان هناك أمر ضبط وإحضار لشخصي، فنفى الأمر، بعدها كنت مرعوبا من تعرضي لما تعرضت له في فترة الحبس السابقة، فقررت الذهاب لنقابة الصحفيين لتسليم نفسي للنائب العام في وجود نقابة الصحفيين ومحاميها، وكان الاتفاق أن أسلم نفسي يوم الثلاثاء بعد فترة الإجازات وقتها، إلا أن الأمن ألقى القبض علي مع زميلي عمرو بدر يوم الأحد.
- تسببت في أزمة داخل نقابة الصحفيين بسبب حمايتها لك وزميلك عمرو بدر، فكيف ترى من انتقدوا النقابة؟
لا أجد وصفا مناسبا لمن انتقدوا موقف النقابة، سوى إنهم خانوا مهنتهم والحرية، وكسروا أقلام زملائهم، وساعدوا النظام على الاستبداد، ومندهش منهم جميعا لأنهم لا يعرفون إنها دائرة وستدور على الجميع، فهم وقفوا مع استبداد النظام ضد زملائهم، وسيأتي اليوم عليهم، ولكن للأسف لن أستطيع أن أتخذ نفس موقفهم المتخاذل.
- هل ترى أنه حدث انشقاقا داخل نقابة الصحفيين بسببك؟
لا أستطيع الرد على ذلك، ولكن ما حدث موقف سيء جدا من أصحاب مهنة تقوم على الحرية والضمير.
- هل ترى أن هناك تضيقا على حرية الصحافة بمصر في الفترة الأخيرة؟
ليس في الفترة الأخيرة فقط، بل التضيق على الحريات بشكل عام موجود منذ وصول عبد الفتاح السيسي لسدة الحكم في مصر، وهو نظام يقضي على الحريات بصفة عامة، وليس حرية الصحافة، بدليل سجن العديد من الشباب ممن شاركوا في ثورة 30 يونيو دون أن يرفعوا طوبة واحدة في وجه الدولة، وللأسف النظام لا يستطيع أن يفرق بين الناس التي تتحدث بالقانون والفكر، وبين غيرهم.
- ألا ترى أن الدعوة للتظاهر ضد قرار إعادة جزيرتي تيران وصنافير للسعودية مخالف لقانون التظاهر؟
لم يقبض علي أثناء التظاهر، وتم اتهامنا بمحاولة قلب نظام الحكم ونشر شائعات كاذبة والتحريض على التظاهر، وقانون التظاهر نفسه مخالف للدستور المصري، ومن قبضوا علينا هم من خالفوا القانون، ومن شاهد تظاهرات 15 أبريل/ نيسان سيرى إنه لم ترفع فيها طوبة واحدة، وبعدها رحل الجميع لمنازلهم.
- هل لديك تفسيرا لاتهامك بمحاولة قلب نظام الحكم؟
هذه هي التهمة التي تواجه بها الأنظمة الديكتاتورية معارضيها منذ أيام عبد الناصر حتى أيام السيسي، كل من ينتقد النظام يلفق له هذه التهمة، ولفق لي تهمة إنشاء تنظيم 25 يناير لمحاولة قلب نظام الحكم في ديسمبر 2015، وخرجت بضمان محل إقامتي، وهي نفسها القضية التي لفقت لي حينما قبض علي في أبريل الماضي، وحبست مرتين ولم يقلب النظام.
- هل تتوقع أن تأتي المظاهرات ضد قرار إعادة الجزيرتين بنتائج إيجابية؟
لم أكن من المؤسسين لمظاهرات 15 أبريل الماضي، ولكن هذه هي المظاهرة الوحيدة لرفض قرار الحكومة بتسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، وقبض على الشباب ثم أفرج عنهم، ولم يدع الشباب لمظاهرات أخرى، وهناك مسار قانوني أخر، وحكم القضاء بمصرية الجزيرتين، ورغم ذلك هناك محاولة لوأد هذا المسار القانوني، وأنا مع المسار السلمي الذي لا يؤذي الدولة.
الغريب في الأمر أن النظام القائم الأن جاء بالتظاهر، فالسيسي حكم مصر من خلال مظاهرات 30 يوينو، فكيف لنظام جاء بالتظاهر يجرم المظاهرات بعد ذلك.
- البعض يرى أن المعارضة في مصر تعرقل جهود النظام في محاولته استعادة الاستقرار، فما رأيك؟
هذا الكلام هو نفسه الذي قاله مبارك من قبل، ثم ما هو العمل الذي يصنعه النظام لتعرقله المعارضة؟ كما أنه لم تعد هناك معارضة، فقد تم سجن الشباب، والأحزاب أغلقت، والتقدم لن يأتي إلا بالحرية والإبداع، أما أن تُحتكر الوطنية والاستثمار والمال العام في مؤسسة واحدة بالدولة، وكل الناس خونة وتعرقل جهود النظام فهذا كلام غير صحيح، والعيب هنا يكون في النظام وليس في الناس، والنظام لم يتعلم، ثم أين هي المعارضة؟ فمنذ صعود السيسي للحكم وكل الناس تصفق، والأحزاب الموجودة تطبل، وكله دخل تحت الترابيزة، وإذا كنت تريد أن يسمع أحد صوتك فلابد وأن تكون ابن النظام، وتُعين في مجلس النواب أو تختار وزيرا، أما الشباب المثقف فلا مكان له.
- البعض يرى هناك أزمة للشباب في مصر الأن والبعض الأخر يرفض ذلك، فكيف ترى ذلك؟
الشباب يضيع ويُمثل به في مصر ويمحى من الوجود الآن، هؤلاء الشباب هم من أطاحوا بمبارك ومحمد مرسي، أما الشباب السطحي معدوم الرؤية، فالدولة ترعاه وتفتح له أحزاب، والشباب الوطني الواعي إما أن يُسجن أو يُقتل.
- المؤيدون يرون أن المعارضة لا ترى شيئا إيجابيا وتصدر صورة سلبية دائما عن النظام، فهل ترى ذلك؟
هؤلاء المؤيدون يقولون لنا على أمر إيجابي واحد صنعه النظام.
- هل تشعر بتحفز جزء من المجتمع ضد ثورة يناير؟
المجتمع كله مع يناير، ولكن النظام الحالي هو من يحفز ويشحن المجتمع ضد يناير، من أجل أن يقولوا للناس أن كل المشاكل سببها ثورة يناير، وكل ما نعانيه الأن سببه أن يناير لم تصل للحكم، لأن روح يناير لو وصلت للحكم لاختلف الأمر، ولكن للأسف الشباب الذي صنع ثورة يناير 2011 يُنكل به، وكل من يسب تلك الثورة العظيمة يتصدر المشهد، ولو كان النظام حريصا على حماية ثورة يناير لحاسب كل من سبها.