يشار إلى أن هذا المقال بقلم الداعية والمستشار الشرعي السعودي، خالد الشايع، ولا يعبر بالضرورة عن رأي شبكة CNN.
الرياض، المملكة العربية السعودية (CNN)-- شهدت مدينة الرياض مساء الجمعة 10 فبراير 2017 حدثاً استثنائياً له دلالاته الاستراتيجية بالنسبة للمملكة العربية السعودية، وكان ذلك بمنح صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية ميدالية (جورج تينت ) التي تقدمها (CIA) للعمل الاستخباراتي المميز في مجال مكافحة الإرهاب، اعترافاً بإسهامات سموه غير المحدودة لتحقيق الأمن والسلم الدوليين.
ولا ريب أن هذا الاعتراف بالموقف الحقيقي المشرف للمملكة من "الإرهاب" يؤكد بوضوح براءة المملكة من المزاعم التي درجت بعض الجهات على ترديدها بين حين وآخر. وبخاصة أن هذا الاعتراف بموقف المملكة النابذ والمحارب للإرهاب صدر من مؤسسة أمنية واستخباراتية مرموقة CIA، التي حضر مديرها بنفسه للعاصمة الرياض لتقديم ميدالية "جورج تينت" للأمير محمد بن نايف.
وإذا كنا نحن مواطني المملكة العربية السعودية بما تعلمناه في مدارسها وجامعاتها ومناهجها التعليمية وعلى أيدي كبار علمائنا ومشايخنا نعلم علم اليقين أن بلادنا منذ أسسها الملك عبدالعزيز رحمه الله، وفي عهد الملوك من بعده، وإلى عهد الملك سلمان أيده الله، فبلادنا وشعبها وقيادتها ترفض وتحارب الإرهاب الذي يعني البغي والظلم والعدوان، لأنه يخالف عقيدتنا الإسلامية السمحة التي جاءت بالحث على البِرِّ والعدل والإحسان مع جميع الناس، وإن اختلفت مللهم، كما جاء في القرآن الكريم: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [ سورة النحل: 90] وغيرها من الآيات القرآنية والتوجيهات النبوية.
فالمملكة العربية السعودية تسلك منهج الوسطية الذي يرتكز على رعاية العدل وحفظ الحقوق والالتزام بالمواثيق والعهود وتمثل القيم والأخلاق، وينفي الإفراط والتفريط.
وكنتيجة عملية لهذه الثقافة الإسلامية الرشيدة فإننا عند لقائنا بالجاليات الإسلامية التي تعيش في الغرب وفي غيره نؤكد عليهم احترام أنظمة البلاد التي استضافتهم، وأن يكونوا عوناً على حفظ الأمن والسلم فيها، وأن يتمثَّلوا الأخلاق النبوية واقعاً عملياً.
ومع كل ذلك فقد عانت المملكة عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر من كثير من المزاعم والادعاءات ضدها وما ترتب عليها، ولا يُبرر ذلك بوجود أفرادٍ خرجوا عن نسيج مجتمعهم واعتدوا على الآخرين، فهذا شاذ لا يعتدُّ به، ولا يُحَمَّل المجتمع ولا الدولة مسؤوليته، ولنتذكر أن "الإرهاب" استهدف السعودية أيضاً.
ومن هنا فإن منح CIA ميدالية "جورج تينت" لمقام سمو الأمير محمد بن نايف هو في الحقيقة منحٌ لهذه الميدالية لكل مواطن سعودي تربَّى على أرضها ونَهَل من منهاجها الوسطي القويم. وهي كذلك اعتراف بالعمل الاحترافي لرجال الأمن السعوديين.
ولا يصح بعد ذلك أن تتم المزايدة على مواقف المملكة نحو الأمن والسلم الدوليين، من أي جهة كانت، حكومية أو إعلامية أو غيرها.
وحصول الأمير محمد بن نايف على هذه الميدالية استحقاقٌ منطقي يعكس واقع حكومة المملكة التي بادرت بمحاربة الإرهاب بكافة صوره وأشكاله أياً كان مصدره وأهدافه، ويعكس كذلك شخصية قيادية فذَّة تمثلت في محمد بن نايف محارباً شجاعاً وإدارياً أمنياً حكيماً، وهو امتدادٌ لمدرسة الأمير الحكيم نايف بن عبدالعزيز رحمه الله، ينطق بذلك الجهد المتواصل للأمير محمد بن نايف منذ عام 1999م ، يواصل الليل بالنهار على مدى أكثر من 17 عاماً متابعةً وتخطيطاً وإعداداً وتدريباً وتأهيلاً، ضمن منظومة أمنية وقائية استشرافية واستباقية وعلاجية.
وجدير بالتقدير والاعتزاز أن هذه الجهود الهادفة لحفظ الأمن والسلم امتدت لتشمل كثيراً من الدول، مما أسهم بفضل الله في نجاة الأبرياء، بعدما كادت تطولهم يد الإرهاب الغادرة.
ولسنا ببعيد عن واحدة من المبادرات الأمنية الحكيمة للأمير محمد بن نايف المبنية على رحمة القوة، والتي تمثلت في (مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية) والذي يعد نموذجاً يحتذى في العالم، حتى بات رائداً في عمليات المعالجة الفكرية المعززة لمنظومة الأمن، وفق المنظور الإسلامي والمبادئ الإنسانية. آخذاً على عاتقه إعادة التأهيل الفكري وتعزيز الانتماء الوطني لمن وقع في الغلو والتطرف من خلال برامج علمية وعملية متخصصة.
ويجمل في هذا المقام أن يسجل الشكر والإعجاب والتقدير للأمير محمد بن نايف حين دافع عن شريعة الإسلام وعن عموم الرسالات السماوية، وأنه لا يصح أبداً أن يُنسب إليها البغي والعدوان، وأنها: "تتبرأ من المعتقدات والأفعال الشيطانية للفئات الإرهابية."
ختاماً أدعو الله أن يجزي قيادتنا وولاة أمرنا عنا خير الجزاء على مساعيهم الحميدة لتوفير الأمن والاستقرار والرخاء وتجنيب البلاد الشرور والفتن، وأن يعينهم على كل خير وبِرّ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.