ملاحظة المحرر: الدكتور توم فريدن هو المدير السابق للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، والمفوض السابق لوزارة الصحة في مدينة نيويورك. يشغل حالياً منصب الرئيس والمدير التنفيذي لـ "Resolve to Save Lives"، وهي مبادرة عالمية غير ربحية تمولها مؤسسة بلومبرج للأعمال الخيرية، ومبادرة تشان زوكربيرغ، ومؤسسة بيل وميليندا غيتس وجزء من "Vital strategies" غير الربحية.
الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي الكاتب فقط ولا تعكس وجهة نظر CNN.
سوف يتحول فيروس كورونا الجديد إلى جائحة. لا نعرف بعد مدى شدته، ولا نعرف ما إذا كان سينتشر في جميع القارات، ولكنه ينتشر بالفعل على نطاق واسع في الصين وكوريا الجنوبية وإيطاليا وإيران وأماكن أخرى، وما زال آلاف المرضى الذين لم يتم اكتشافهم بعد يسافرون حول العالم.
هذا غير مسبوق. بخلاف الأنفلونزا، لم يتم تعقب أي فيروس تنفسي آخر منذ ظهوره حتى انتشاره العالمي المستمر. آخر جائحتي انفلونزا شديدة كانتا في عامي 1957 و1968، وقد تسببت كل واحدة منهما بوفاة أكثر من مليون شخص في جميع أنحاء العالم. على الرغم من أننا أكثر استعداداً مما كنا عليه في الماضي، لكننا مترابطون كثيراً، ويعاني العديد من الأشخاص اليوم من مشاكل صحية مزمنة تجعل العدوى الفيروسية خطيرة بشكل خاص.
استناداً إلى تخطيط شامل لجائحة الأنفلونزا من قِبل العديد من الخبراء الوطنيين والدوليين، يجب علينا أن نفعل ثمانية أشياء - بعضها على الفور وبعضها في الأشهر القادمة - مع تحولنا من مرحلة بدء الجائحة إلى مرحلة تسارعها:
1- التعرف على المزيد حول كيفية انتشار الفيروس ومدى قوته وما الذي يمكننا فعله لتقليل أضراره. لا تظهر الأعراض لدى ما يصل إلى نصف الأشخاص المصابين بالعدوى، ويعاني ما لا يقل عن 80٪ من الأشخاص المصابين من أعراض خفيفة فقط. تبلغ الآن نسبة المرضى الذين تم تشخيصهم في ووهان والذين يموتون 3٪. هذا تقدير مبالغ فيه بحيث لم يتم اختبار العديد من المرضى، وليس لدى العديد من المصابين أعراض. ويحدث المعدل الفعلي فرقاً كبيراً، ليس فقط للمرضى ولكن أيضاً في القرارات المتعلقة بالتدخلات.
2- التقليل من عدد الأشخاص المصابين. وذلك باتخاذ تدابير صارمة مثل إغلاق المدارس، الحد من التجمعات العامة، وتقليل الاتصال الاجتماعي. يمكن تقليل الانتشار عن طريق عزل الأشخاص المصابين بسرعة وتنظيف الأسطح الملوثة في كثير من الأحيان وتغيير الإجراءات الشائعة. نحتاج إلى أن نكون جادين بشأن الأشياء الصغيرة التي تحدث فرقًا كبيرًا: غسل الأيدي، تغطية السعال، البقاء في المنزل عند المرض أو ارتداء قناع عند الخروج، والتوقف عن المصافحة.
3- حماية موطفي الرعاية الصحية. نحن بحاجة إلى تحسينات سريعة وجذرية في الفرز والعلاج والتنظيف والوقاية الشاملة من العدوى. من المحتمل حدوث نقص في الأقنعة الطبية، نحتاج إلى ضمان أن يكون لدى العاملين في مجال الرعاية الصحية ما يكفي، وكذلك الأمر بالنسبة لأفراد الأسرة الذين يعتنون بالأقارب المرضى والأشخاص المرضى الذين يحتاجون إلى الخروج.
4- تحسين الرعاية الطبية والوقاية من الفيروس. يحتاج اللقاح ما لا يقل عن سنة، والنجاح غير مؤكد. في حالة حدوث جائحة شديدة إلى حد ما، لن يكون هناك ما يكفي من أجهزة التنفس الصناعي لدعم تنفس المرضى. يمكن للمرافق الصحية والإدارات الصحية الاستعداد للسيناريو الأسوأ من خلال الإستعداد بالتدريب، المعدات وخطط التشغيل التفصيلية.
5- حماية الخدمات الصحية. توفي عدد كبير من الناس بسبب جائحة إيبولا في الفترة 2014-2016 في غرب إفريقيا نتيجة اضطرابات الرعاية الصحية اليومية. يجب أن يصبح الطب عن بُعد متاحاً بشكل أكبر، وينبغي أن يتلقى الأشخاص الذين يعانون من حالات مزمنة الأدوية لثلاثة أشهر كلما كان ذلك ممكناً، في حالة حدوث اضطرابات في الإمداد. يجب الحفاظ على اللقاحات الروتينية وغيرها من الخدمات الوقائية.
6- دعم الاحتياجات الاجتماعية. سيحتاج المرضى وعائلاتهم إلى الدعم، خاصةً أولئك المعزولين. يتطلب الاستمرار في دعم الأفراد خططاً مفصلة.
7- حماية الاستقرار الاقتصادي. سوف يقلل الاستمرار في التخطيط والتعليم والعمل من الاضطرابات. يجب أن تكون الشركات جاهزة للاتصال عن بعد إلى أقصى حد وزيادة التدريب والعمل مع ما يصل إلى 40٪ من موظفيها الذين يعانون من المرض أو الحجر الصحي. تحتاج الشركات التي تقوم بأعمال مهمة إلى خطط عملية لمواصلة العمل.
8- الاستثمار في الصحة العامة. سيكلف بناء أنظمة الحماية الصحية اللازمة في أفريقيا وآسيا حوالي دولار واحد للشخص في السنة لمدة عشر سنوات على الأقل. هذا يتطلب الكثير من الأموال حوالي 25 مليار دولار، ولكنه جزء صغير مما يمكن أن يكلفه وباء يمكن الوقاية منه مثل هذا الوباء.
الفيروس والتدخلات المناسبة سيكونان مختلفين في المناطق عالية الموارد عن المناطق منخفضة الموارد، وهذا يتوقف على الازدحام، القدرة على التشخيص والعلاج والقدرة على الحد من انتشار المرض. لا نعرف حتى الآن ما إذا كان Covid-19 سينتج عنه الآلاف أو مئات الآلاف أو ملايين الوفيات.
قبل كل شيء، لا يجب علينا أن نشكل أذى. لا نقوم بإغلاق المدارس كل عام بسبب الأنفلونزا الموسمية، ولم نقم بإغلاقها بسبب وباء أنفلونزا H1N1 في 2009، لسبب وجيه: لم يكن مستوى الخطورة يستحق ذلك. إذا ظهر الفيروس من السوق الذي يبيع الحيوانات الغريبة للغذاء في ووهان، فإن فشل الصين في إغلاق هذه الأسواق بعد سارس هو السبب الأساسي لهذا التفشي.
من ناحية أخرى، أعطى التطويق الصيني الاستثنائي لمقاطعة هوبى ومناطق أخرى العالم مدة شهر على الأقل للاستعداد. تعني أخبار الأسبوع الماضي أنه يتعين على العالم اتخاذ هذه الخطوات وبسرعة للحد من الأضرار الصحية والاجتماعية والاقتصادية لجائحة COVID-19.