دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- كان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، يشاهد التلفاز في وقت متأخر من الليل عندما رأى مسؤول في مستشفى كان ينتقده، ووزارة الصحة الإثيوبية التي كان يقودها آنذاك، لقيامهما بعمل رهيب. وبدلاً من الرد عليه بغضب، مثلما قد يفعل بعد القادة السياسيين، اتصل غيبريسوس بالرجل، وهو الدكتور كيسيتي أدماسو.
واتصل غيبريسوس بأدماسو، وقال له: "حسناً، إذا كانت لديك أفكار وكنت انتقادياً، إذاً، تعال إلى هنا وساعدنا في إصلاح الأمر"، بحسب ما ذكره الديبلوماسي الأمريكي، الذي يعمل كأستاذ في المركز الطبي في جامعة "جورجتاون" وكمدير مشارك لمركز الممارسات الصحية العالمية وتأثيرها، مارك دايبول، لـCNN.
ومنحه غيبريسوس منصب نائب الوزير، وهو أمر يعطي الانطباع بأسلوب قيادته الذي يجلب الأذكي، والأفضل من بين الأشخاص، وتمكينهم، بحسب ما قاله دايبول.
واليوم، يواجه غيبريسوس انتقادات قاسية مجدداً أثناء محاولته الموازنة بين المصالح القوية، وإصلاح مؤسسة تواجه تحدياً هائلاً.
ويعتقد البعض أنه إذا كان بإمكان أي شخص تغيير منظمة الصحة العالمية ومساعدة العالم في التعامل مع جائحة فيروس كورونا المستجد، فإنه غيبريسوس.
"نجم روك" في عالم الصحة
وفي خطاب ألقاه قبل أن يتم التصويت لصالحه في مايو/أيار في 2017، قال غيبريسوس إنه عندما كان في السابعة من عمره، مات شقيقه على يد "أحد قتلة الأطفال الكثيرين في أفريقيا"، وفقاً لما نقلته مجلة "Science".
وقال غيبريسوس إن وجوده على المنصة ليترشح لمنصب قيادي عالمي "مجرد حظ".
وبعد حصوله على شهادة في علم الأحياء من جامعة أسمرة في عام 1986، عمل غيبريسوس في وزارة الصحة الإثيوبية، كما أنه درس في الدنمارك، وفتح ذلك عينيه أمام قيمة الرعاية الصحية الشاملة.
وفي عام 1992، حصل غيبريسوس على منحة من منظمة الصحة العالمية للحصول على درجة الماجستير من مدرسة لندن للصحة والطب الإستوائي قبل إكمال درجة الدكتوراه في صحة المجتمع قي جامعة "نوتنغهام" في عام 2000.
وكانت أطروحته عن الملاريا في منطقة تيغراي، التي نشأ فيها، "مبتكرة"، بحسب ما كتبه مشرفه السابق، بيتر بياس، في رسالة إلى مجلة "Lancet" الطبية، أثناء دعمه لغيبريسوس للحصول على منصبه في منظمة الصحة العالمية.
وأصبح غيبريسوس رئيساً لمكتب الصحة الإقليمي في تيغراي، وقضى عاماً كوزير قبل شغل منصب وزير الصحة من عام 2005 إلى عام 2012.
وأصبح غيبريسوس مشهوراً لـ"إظهار الطريق لعصر جديد في الصحة العالمية"، وفقاً لتعبير المدير السابق للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، آرييل بابلوس-مينديز، لا سيما خلال رؤيته الجريئة في توظيف 38 ألف عاملة في مجال صحة المجتمع في كل قرية في البلاد لتقديم خدمات تنظيم الأسرة الأساسية، والرعاية المخصصة للأطفال ومرضى الملاريا.
وساهم عمله في الحد من وفيات الأطفال بنسبة الثلثين، والحد من إصابات فيروس نقص المناعة البشرية بنسبة 90%، والحد من وفيات الملاريا بنسبة 75%، والحد من وفيات السل بنسبة 64%، وفقاً لطلب العمل الخاص به لمنظمة الصحة العالمية.
وقالت المديرة التنفيذية لمجموعة "أسبن" العالمية للمبتكرين، والتي عملت بشكل وثيق مع غيبريسوس، بيغي كلارك، لـCNN: "أصبح تيدروس نجماً خارقاً نوعاً ما. وكان نجم روك في عالم الصحة".
الدبلوماسي
كوّن غيبريسوس، صداقة مع الرئيس الأمريكي السابق، بيل كلينتون، خلال "مبادرة كلينتون لمكافحة فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز"، كما أنه يحظى بدعم من مؤسس شركة "مايكروسوفت"، بيل غيتس، وتربطه علاقة وثيقة مع قادة من بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوسا.
ولكن يشك البعض في غيبريسوس بسبب أهليته الدبلوماسية.
وكانت هناك بعض المخاوف عندما كان يترشح لقيادة منظمة الصحة العالمية بسبب علاقته بحكومة استبدادية.
وقال أستاذ في جامعة "جورجتاون"، لورانس جوستين، والذي كان من الداعمين لديفيد نابارو الذي كان ينافس غيبريسوس لمنصبه في منظمة الصحة العالمية، لـCNN، إنه كان قلقاً آنذاك بسبب "سجل حقوق الإنسان السيء في إثيوبيا".
وكان لجوستين، وهو مدير معهد"أونيل" لقوانين الصحة الوطنية والعالمية الذي يُعد الآن مركز متعاون مع منظمة الصحة العالمية، بعض التحفظات بشأن التستر المزعوم لتفشي الكوليرا في إثيوبيا، وهو أمر ينكره غيبريسوس.
ويتحدث جوستين الآن مع غيبريسوس بانتظام، وهو يصفه بأنه قائد "جيد بشكل استثنائي"، و"أحد قوى المديرين العامين في الذاكرة الحديثة".
النزاع بين الولايات المتحدة والصين
وشكك النقاد فيما إذا كانت منظمة الصحة العالمية مستقلة بما فيه الكفاية، وأشار هؤلاء إلى مدح غيبريسوس لاستجابة الصين للجائحة، وتداول تصريحات الصين التي ذكرت عدم وجود دليل واضح على انتقال فيروس كورونا المستجد من شخص إلى آخر في 14 يناير/كانون الثاني.
ولا يعتقد جوستين أن المنظمة كانت على علم بأن الصين كانت مضللة، ولكنه يرى أنه كان بإمكانها الاستجابة بطريقة أفضل.
وأضاف جوستين أن غيبريسوس يعتقد أنه من الأفضل استخدام الدبلوماسية الهادئة خلف الكواليس بدلاً من انتقاد الحكومة علناً.
ويمكن للانتخابات الأمريكية أن تحدد ما إذا كانت منظمة الصحة العالمية ستفقد أكبر متبرع لها، أو إذا كانت ستصبح أقوى وأكثر تمكناً بفضل التمويل والدعم السياسي الناتج عن تغيير الحكومة.