ملاحظة المحرر: الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكتاب فقط. تعرض CNN أعمال The Conversation، وهي عبارة عن تعاون بين الصحفيين والأكاديميين لتحليل الأخبار والتعليق. تم إنتاج المحتوى فقط بواسطة The Conversation.
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- لا يملك معظمنا أي ذكريات من السنوات الثلاث إلى الأربع الأولى من حياتنا. في الواقع، نميل إلى تذكر القليل جدًا من الحياة قبل سن السابعة.
وعندما نحاول التفكير بذكرياتنا الأولى، غالبًا ما يكون من غير الواضح ما إذا كانت حقيقة أم أنها مجرد ذكريات تستند إلى صور وقصص يرويها لنا آخرون.
وكانت الظاهرة، التي تعرف باسم "فقدان ذاكرة الطفولة" محيرة لعلماء النفس لأكثر من قرن، وما زلنا لا نفهمها تمامًا.
وربما سبب عدم تذكرنا لطفولتنا هو أن الرضع والأطفال ليس لديهم ذاكرة مكتملة النمو. ولكن، يمكن للأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم 6 أشهر تكوين ذكريات قصيرة المدى تدوم لدقائق وذكريات طويلة المدى تستمر لأسابيع، إن لم يكن شهورًا.
وبالطبع، لا تكون قدرات الذاكرة في هذه الأعمار شبيهة بقدرات الراشدين، فهي تستمر بالنضج حتى سن المراهقة.
وفي الواقع، تم طرح التغييرات التطورية في عمليات الذاكرة الأساسية كتفسير لفقدان ذاكرة الطفولة، وهي واحدة من أفضل النظريات التي لدينا حتى الآن.
وتتضمن هذه العمليات الأساسية عدة مناطق في المخ، وتشمل تكوين الذاكرة والحفاظ عليها، ثم استعادتها لاحقًا.
ويمكن أن تساعد قدرة الطفل على رواية قصة ما وقت حدوثها على التنبؤ بمدى تذكره لها بشكل جيد بعد مرور شهور أو سنوات.
وأجرت إحدى المجموعات المختبرية هذا العمل من خلال مقابلة الأطفال الصغار الذين تم إحضارهم إلى أقسام الحوادث والطوارئ لإصابات الأطفال الشائعة.
وكان الأطفال الصغار الذين تزيد أعمارهم عن 26 شهرًا، وكان بإمكانهم رواية الحدث، قد تذكروا ذلك لمدة تصل إلى 5 سنوات. وفي حين أن الأطفال الذين تقل أعمارهم عن هذا السن، ولم يتمكنوا من رواية الحدث، قد تذكروا القليل أو لا شيء مطلقًا.
الآثار الاجتماعية والثقافية
تركز معظم الأبحاث حول دور اللغة على شكل معين من أشكال التعبير يسمى السرد، ووظيفته الاجتماعية. وعندما يتذكر الآباء مع أطفال صغار جدًا الأحداث الماضية، فإنهم يعلمونهم ضمنيًا مهارات السرد، أي ما هي أنواع الأحداث المهمة التي يجب تذكرها وكيفية تنظيم الحديث عنها بطريقة يمكن للآخرين فهمها.
وعلى عكس إعادة سرد المعلومات لأغراض واقعية، فإن استعادة الذكريات تدور حول الوظيفة الاجتماعية لمشاركة الخبرات مع الآخرين.
وبهذه الطريقة، تحافظ القصص العائلية على إمكانية الوصول إلى الذاكرة مع مرور الوقت، وتزيد أيضًا من تماسك السرد، بما في ذلك التسلسل الزمني للأحداث وموضوعها ودرجة انفعالاتها.
ويتم تذكر القصص الأكثر تماسكًا بشكل أفضل.
وتحمل الذكريات وظائف اجتماعية مختلفة في ثقافات مختلفة. وعلى سبيل المثال، يميل البالغون في الثقافات التي تقدر الاستقلالية (أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية) إلى الإبلاغ عن ذكريات الطفولة المبكرة وأكثر من البالغين في الثقافات التي تقدر الترابط (آسيا وأفريقيا).
ففي الثقافات التي تروج لمفاهيم ذاتية أكثر استقلالية، تركز ذكريات الوالدين بشكل أكبر على تجارب الأطفال الفردية وتفضيلاتهم ومشاعرهم، وبدرجة أقل على علاقاتهم مع الآخرين والروتين الاجتماعي والمعايير السلوكية.
وعلى سبيل المثال، قد يتذكر الطفل الأمريكي حصوله على نجمة ذهبية في مرحلة ما قبل المدرسة بينما قد يتذكر الطفل الصيني صفه وهو يتعلم أغنية معينة في مرحلة ما قبل المدرسة.
بينما لا تزال هناك أشياء لا نفهمها عن فقدان ذاكرة الطفولة، يحرز الباحثون تقدمًا.
وعلى سبيل المثال، هناك المزيد من الدراسات المستقبلية التي تتبع الأفراد من مرحلة الطفولة إلى المستقبل. ويساعد هذا في تقديم حسابات دقيقة للأحداث، وهو أفضل من مطالبة المراهقين أو البالغين بتذكر الأحداث الماضية التي لم يتم توثيقها.
ومع تقدم علم الأعصاب، سيكون هناك بلا شك المزيد من الدراسات التي تربط نمو الدماغ بتطور الذاكرة. ويجب أن يساعدنا هذا في تطوير مقاييس أخرى للذاكرة إلى جانب التقارير الشفهية.
وفي غضون ذلك، يجب أن تعرف أنه رغم عدم تمكننا من تذكر أحداث معينة منذ الصغر، فإن تراكمها يترك آثارًا دائمة تؤثر على سلوكنا.
وربما السنوات القليلة الأولى من حياتنا يمكن نسيانها، إلا أنها تبقى قوية في تشكيل الشخصيات البالغة التي نصبحها.
جين شينسكي محاضرة أولى ومديرة Baby Lab في قسم علم النفس بكلية رويال هولواي، جامعة لندن. لا تعمل شينسكي لصالح أي شركة أو مؤسسة أو تستشيرها أو تمتلكها أو تتلقى تمويلًا منها، ولم تكشف عن أي انتماءات ذات صلة بعد تعيينها الأكاديمي.
أعيد نشرها بموجب ترخيص Creative Commons من The Conversation.