دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بات شرب الكحول بالنسبة للعديد من الناس بمثابة مناسبة احتفالية كانت تحصل في الماضي، أو تعود في أقلّه إلى أيام الزمن الجميل قبل بدء كابوس "كوفيد-19". وجراء الإرهاق المتكرّر من الجائحة، أصبح التمتع بتناول ظرفي لكوب من النبيذ مع الفتيات يتم عبر تطبيق "زوم"، أو بشكل فردي خلال الحجر.
وقالت الدكتورة سارة واكمان المديرة الطبية لمبادرة إضطرابات تعاطي المخدرات في مستشفى ماساتشوستس العام الأمريكي، إنّ "البيانات التي في حوزتنا تظهر أن شرب الكحول يزيد منذ بداية الجائحة، بنسبة تقارب 14% لجهة عدد أيام شرب الكحول شهريًا".
ولفتت واكمان إلى أنّ الأرقام أكثر ارتفاعًا لدى النساء، وقالت إنّ "هناك ازدياد بنسبة 41% لجهة عدد أيام شرب الكحول بين النساء منذ بدء الجائحة".
لِمَ قد تلجأ النساء إلى تناول المشروبات الروحية أكثر من الرجال؟
وأشارت الدكتورة لينا ميتال، رئيسة قسم الصحة العقلية لدى النساء بمركز علم النفس في مستشفى برغهام والنساء في مدينة بوسطن الأمريكية، إلى أنّ "الدراسات أظهرت أنّ تعقيدات الموازنة بين المنزل، والعمل، ومسؤوليات الأطفال خلال الجائحة، انعكست على نحو غير تناسبي على النساء".
وأضافت ميتال أنّه "يتواجد تسويق كبير لمنتجات كحولية جديدة تستهدف النساء، لا سيّما الأمهات بينهنّ"، في وقت يمضي جميعهن وقتًا أطول أمام التلفزيون.
قصة ضياع الحدود
ومن أثر الجائحة أيضًا، أنّها جعلت الحدود الفاصلة بين المنزل والعمل ضبابية لدى العديد من النساء. وروت ميتال قصة إحدى مرضاها التي كانت تتوجه إلى عملها مشيًا على الأقدام، ما قبل الجائحة.
وقالت ميتال: "كانت تمشي لحوالي 30 و45 دقيقة للإنتقال بين العمل والمنزل، كأنما تمارس تمرينًا يخفف من التوترّ وتقضي وقتًا خاصًا مع نفسها"، لافتة إلى أن ذلك شكلّ بمثابة مرحلة مهمة لها للفصل بين المكانين.
لكن منذ الجائحة، لم يعد هذا الفاصل واضحًا، ولجأت مريضة ميتال إلى الكحول بهدف الحصول على مساحة خاصة بها.
وأوضحت: "بعد نوم أطفالها، كانت تشرب كأس من النبيذ أو كأسين. وأحيانًا قد تشرب الشاي، لكن في الغالب تفضل النبيذ، وسريعًا ما ستشرب أكثر ممّا كانت تشرب في السابق"، مشيرة إلى أنها تعتقد أن هذا أمر بات شائعًا.
ويشدّد الخبراء على أنّ المواجهة أصعب لمن كنّ يعانين من تعاطي الكحول والمواد المخدرة ما قبل الجائحة.
مخاطر المشروبات الحكولية على الصحة
ويثير المستوى المرتفع من تناول الكحول لدى النساء الشعور بالقلق، بحسب ما ذكرته واكمان، لأنّ ثمة رابط بين الكحول وخطر الإصابة بسرطان الثدي.
وقالت واكمان إنّ "أي كمية من تناول المشروبات تزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي، وهذا الأمر يهدّد النساء فقط". موضحة أنّ "هنا، ما من مستوى آمن لاستهلاك الكحول عندما يتعلق الأمر بسرطان الثدي".
وثمة تداعيات أخرى جرّاء الإفراط بشرب الكحول، على النساء والرجال على حد سواء، ومنها الحوادث والإصابات المرتبطة بشرب الكحول.
وأوضحت واكمان أنّ "في الإمكان أن يكون لديك تداعيات مرتبطة بالصحة جراء تعاطي الكحول، بعيدًا عن الإدمان"، مشيرة إلى أمراض مثل "ارتفاع ضغط الدم، وارتجاع المريء، وأمراض الكبد، والتهاب الكبد التي تتكاثر خاصة بين الشباب والنساء على نحو لم نشهده من قبل".
وأشارت ميتال إلى أنّ "العديد من الدراسات أظهرت أنّ ازدياد استهلاك الكحول خلال الجائحة، ارتبط بتكاثر أعراض الصحة النفسية، حتى بين الأشخاص الذي لم يشخّصوا سابقًا بذلك، أو كانوا يعانون من ذلك في مرحلة سابقة".
هل تخطيت الخط الأحمر؟
كيف يعلم النساء والرجال أنهم تخطوا الخط الذي يودي بهم إلى الجانب المظلم؟
وتُعتبر إحدى المؤشرات المهمة هي عند بدء تداخل المشروب مع قدرتك على إكمال واجباتك اليومية، بحسب الخبراء.
وقالت واكمان في هذا الصدد إنّ "اضطراب شرب الكحول يُعرّف عنه بتعاطي الكحول اللاإرادي رغم تداعياته السلبية، مثل أثره على علاقاتك الاجتماعية، وقدرتك على التركيز في العمل، أو على أي دور تقوم به في مجتمعك".
أما المؤشر الآخر، فيتمثل بالاستمرار في شرب الكحول رغم أثره السلبي على الصحة النفسية والجسدية.