دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- إنّ تناول الطعام الطبيعي غير المعالج، والمحافظة على ممارسة نشاط جسدي، والتمتّع بحياة اجتماعية جيدة، تساهم بمحاربة الخرف مع التقدم بالعمر، وفق ما توصّلت إليه دراستان جديدتان نُشرتا في المجلة الطبية للأكاديمية الأمريكية لطب الأعصاب Neurology، الأربعاء.
بحثت إحدى الدراستين في كيف يمكن للأنشطة البدنية والعقلية مثل الأعمال المنزلية، والتمارين الرياضية، وزيارة العائلة والأصدقاء التقليل من خطر الإصابة بالخرف.
بينما نظرت الدراسة الأخرى بتأثير تناول الأطعمة فائقة المعالجة على مخاطر الإصابة بالخرف مستقبلًا.
كيف يساعد النشاط البدني والعقلي والاجتماعي؟
سُئل أكثر من 500 ألف شخص من المشاركين بالبنك الحيوي في المملكة المتحدة، الذي يحوي معلومات وراثية وصحية متعمقة، عن عدد مرات صعود السلالم، أو المشي، أو ركوب الدراجات، أو القيام بالأعمال المنزلية أو العمل، أو المشاركة بالرياضات الشاقة.
وسُئلت مجموعة الأشخاص عينها أيضًا، عن مستواهم التعليمي، وإذا كانوا يتردّدون على فصول تعليم الكبار، وعدد المرات التي زاروا فيها الأصدقاء والعائلة، ووتيرة مشاركتهم بالنوادي الاجتماعية أو المجموعات الدينية. ثم سئلوا حول مدى استخدامهم للأجهزة الإلكترونية، مثل ألعاب الحاسوب، ومشاهدة التلفاز، واستخدام الهاتف الذكي.
وتمت متابعة المشاركين فترة 11 عامًا لمعرفة إذا أصيبوا بالخرف أم لا.
وجد الباحثون أنّ الأشخاص الذين اتّسم نمط حياتهم بنشاط بدني، كأن يمارسوا التمارين الرياضية بانتظام، يتراجع لديهم خطر الإصابة بالخرف بنسبة 35%، مقارنة مع الأشخاص الذين لا يلحظ برنامجهم اليوم الأنشطة البدنية.
ويخفّف القيام بالأعمال المنزلية بانتظام مخاطر الخرف بنسبة 21%، بينما تقلّل الزيارات اليومية إلى العائلة والأصدقاء من خطر الإصابة بالخرف بنسبة 15%، مقارنة مع الأشخاص الأقل إقدامًا على ذلك.
ووجدت الدراسة أن زيارة الحانات قد تزيد من مخاطر الخرف.
من جانبها، قالت الدكتور كيليان نيوتيس، طبيبة أعصاب بعيادة الوقاية من مرض الزهايمر في مستشفى وايل كورنيل للطب ونيويورك بريسبيتريان، غير المشاركة في الدراسة، إنّ "النشاط الاجتماعي يُعد أحد أشكال التحفيز المعرفي، ويساعد في بناء احتياطي معرفي، قد يفسر جزئيًا كيف تحمي ممارسته من الخرف".
يتمتّع الأشخاص الذين يشاركون بأنشطة اجتماعية منتظمة بالمزيد من البروتينات التي تحمي الذاكرة، ويرجّح أنهم يدركون قيمة الحياة أكثر، وهي عناصر مهمة لصحة الدماغ.
وأشارت نيوتيس إلى أنّ ممارسة التمرين مع الآخرين قد يزيد من الفوائد الخاصة بالنشاطين.
ووجد الباحثون أنّ جميع المشاركين في الدراسة استفادوا من التأثير الوقائي للأنشطة البدنية والعقلية، سواء كان لديهم تاريخًا عائليًا بمرض الخرف أم لا.
أما أحد قيود الدراسة الرئيسة هي أنه طُلب من الأشخاص تذكّر الأنشطة التي قاموا بها، وليس تتبّعها بشكل موضوعي، وسُئلوا مرة واحدة فقط في بداية الدراسة عن سلوكياتهم.
وأفاد مؤلّف الدراسة الدكتور هوان سونغ، أستاذ الأبحاث في جامعة سيتشوان بمدينة تشنغدو الصينية، في بيان: "هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتأكيد النتائج التي توصّلنا إليها. ومع ذلك، فإن نتائجنا مشجّعة لا سيّما لجهة إجراء هذه التغييرات البسيطة بنمط الحياة التي قد تكون مفيدة".
الأطعمة فائقة المعالجة مضرّة
وجدت دراسة جديدة حلّلت بيانات من البنك الحيوي في المملكة المتحدة، أنّ استبدال الأطعمة فائقة المعالجة، مثل البسكويت، والآيس كريم، ورقائق البطاطس بأطعمة كاملة غير مصنّعة، قد يساعد على مكافحة الخرف.
ولفتت نيوتيس إلى أنّ نتائج الدراسة "تظهر أنّ الأطعمة فائقة المعالجة ليست فقط مضرّة بصحة الدماغ، لكنّ إزالتها من نظامك الغذائي قد يحسّن النتائج المعرفية ويقلّل من خطر الإصابة بالخرف".
وعادةً ما تكون الأطعمة فائقة المعالجة غنية بالدهون المضافة، والملح، والسكر، بينما تحتوي على نسبة متدنية من البروتين والألياف في الوقت ذاته.
وأظهر الباحثون أن استبدال 20% من وزن الأطعمة فائقة المعالجة في النظام الغذائي، بنسبة معادلة من الطعام غير المعالج أو المعالج بالحد الأدنى، ارتبط بانخفاض خطر الإصابة بالخرف بنسبة 34%، وانخفاض خطر الإصابة بالخرف الوعائي بنسبة 39%، ولكن ليس بمرض الزهايمر، وفقًا لما ورد في المقال الافتتاحي المرافق للدراسة الذي تشارك في كتابته كل من ماورا ووكر، أستاذة بحث مساعدة في جامعة بوسطن، ونيكول سبارتانو، أستاذة مساعدة في الطب بكلية الطب في جامعة بوسطن.
وأوضح مؤلف الدراسة هيوبنغ لي، من معهد علم الأوبئة الغذائية في جامعة تيانجين الطبية بالصين، في بيان، أن "نتائج الدراسة تظهر أن زيادة استهلاك الأطعمة غير المعالجة أو المعالجة بشكل ضئيل بمقدار 50 غرامًا فقط يوميًا، بالتوازي مع خفض استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة بمقدار 50 غرامًا يوميًا، يرتبط بتراجع خطر الإصابة بالخرف بنسبة 3%".
وأضاف لي: "من المشجع معرفة أنّ التغييرات البسيطة التي في المستطاع التحكم فيها بالنظام الغذائي قد تُحدث فرقاً لنسبة خطر إصابة الشخص بالخرف".
ويمكن تعريف الأطعمة المصنّعة بالحد الأدنى وغير المصنعة على أنها أطعمة كاملة لا تزال تحتفظ بالفيتامينات والعناصر الغذائية.
ويمكن أن تندرج الخضار النيئة والمجمدة، والحبوب الكاملة، والبقوليات، والفاصولياء، والفاكهة، والمكسرات، واللحوم، والمأكولات البحرية، والأعشاب، والتوابل، والثوم، والبيض، والحليب جميعها ضمن هذه الفئة.
أما الأطعمة فائقة المعالجة فتمر بمراحل عديدة أثناء التصنيع، وقد تحتوي على العديد من المكونات المضافة لتحسين الطعم وإطالة العمر الافتراضي.
تشمل مثلًا المشروبات الغازية، والنقانق، والبطاطس المقلية، وحبوب الفطور المحلاة، والشوربات المعلّبة، وقطع الدجاج المقلية، والحلوى، والآيس كريم، وسواها.