ملاحظة المحرر: إيان كيرنر هو معالج مرخص للزواج والأسرة وكاتب ومساهم في موضوع العلاقات لشبكة CNN. أحدث كتبه هو دليل للأزواج: "أخبرني عن آخر مرة مارست فيها الجنس".
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يقصد عيادتي العديد من الذكور، الذين يعترفون بأنهم اختاروا شريكتهم من دون الأخذ بالاعتبار عامل الانجذاب الجنسي.
وخلال جلسات علاج الثنائي في العيادة، سيزعم الرجل أنه لا يعرف لما لا يشعر بالرغبة. ويرجح أنّ مردّ ذلك قد يعود إلى التوتّر، أو انخفاض هرمون التستوستيرون، أو الشعور بالقلق.
لكن عندما أقابله على انفراد، غالبًا ما يروي قصة مختلفة.. أي أنه اختار شريكته من دون إعطاء الأولوية لعامل الانجذاب الجنسي.
لماذا يختار الشخص شريك حياته المحتمل من دون الشعور بشرارة الانجذاب الجنسي؟ وهل يمكن لهذه العلاقات أن تستمر وتزدهر؟ وهل يمكن لشيء مثل الانجذاب الجنسي الذي لم يكن موجودًا بدايةً أن ينمو لاحقًا؟
تحدثت مع العديد من الرجال في الثلاثينيات من عمرهم، وأخبروني أنّه "عندما وجدت المرأة التي رغبت الزواج بها، كانت متطابقة مع كل المواصفات التي وضعتها باستثناء واحدة".
وتشمل الخصائص المدرجة ضمن هذه القائمة "أن تكون صديقتي المفضلة"، وأنها "ستكون أمًا رائعة"، و"العلاقة التي تربط دائرة الأصدقاء والعائلات لكل فرد منا جيدة جدًا"، و"تحبني حقيقة". الخاصية الوحيدة غير المطابقة هي الانجذاب الجنسي، وفي كثير من الأحيان لم يذكر الرجال هذه الخاصية في البداية.
وهذا الأمر صدمني.
الجنسانية هي الأمر الوحيد الذي يميّز العلاقة الرومانسية عن العلاقة الأفلاطونية: أجد أنها نوعًا فريدًا من "غراء العلاقة" الذي يساعد الثنائي على البقاء معًا في الأوقات الصعبة. لهذا السبب أشعر بالحيرة لأن الكثير من الناس يقللون من قيمة الجنس عند اختيار شريك لعلاقة طويلة الأمد.
وفي هذا الصدد، لفت الدكتور جاستن ليهميلر، زميل باحث بمعهد كينزي في جامعة إنديانا، وهو مركز أبحاث اختصاصه الجنسانية، إلى أنّ "الأبحاث تُظهر أنه رغم أن الجاذبية الجسدية تكون عادة بين أهم السمات التي يرغب بها الأشخاص في الشريك الرومانسي، إلا أنها لا تتصدر القائمة بالنسبة للرجال أو النساء في الواقع". وتابع أنّ "سمات مثل الذكاء، والفكاهة، والصدق، واللطف، تضاهي غالبًا الجنسانية، إن لم تتفوّق عليها".
وبحسب ما قالته الدكتورة إليزابيث بيري، المعالجة الجنسية في شيكاغو، فإن بعض الرجال استوعبوا وجهة نظر حول النساء: أي اللواتي يكنّ إمّا زوجات وأمهات عظيمات، (أو) ومغامرات جنسيًا.
وتابعت بيري: "لاحظت هذا الأمر بين المرضى الذكور الذين يخرجون إلى المواعدة ويشعرون بالضغط لاختيار امرأة تتوافق و’مواصفات الزوجة‘، لكن من دون أن ينجذبوا إليها جنسيًا، بدلاً من أن يتريّثوا ريثما يعثروا على شريكة أفضل من الناحيتين العاطفية والجنسية.
هل يمكن للانجذاب الجنسي أن يُنجح العلاقة أو يضع حدًا لها؟
وقد تحمي ممارسة الجنس الجيد من الضيق النفسي، ضمنًا القلق والاكتئاب، وتساعد الثنائي على تحقيق اتصال أعمق، وتحسن مشاعر الرضا في العلاقة.
وبرأي إيفا ديلون، اختصاصية العلاج الجنسي في مدينة نيويورك: "إذا كانت العلاقة عبارة عن وجبة، فيجب اعتبار الجزء الجنسي أساسيًا منها، مثل البروتين، بدلاً من الجزء غير الأساسي مثل الحلوى".
وأخبرتني ديلون إنه "من خلال تجربتي، يمكن للمرأة أن تثير الرغبة لدى شريكها من خلال بذل جهد كبير، ولكن إن لم يكن لدى الرجل رغبة بشريكته في بداية العلاقة، فلن يرغب بها أبدًا". لماذا نعتمد على الانجذاب الجنسي الذي يأتي لاحقًا في الوقت الذي يسعك إعطاء الأولوية له لدى شريكتك والاستمتاع بهذه المزايا منذ البداية"؟
ولفتت الدكتورة إيفون فولبرايت، عالمة الجنس، إلى أنه رغم ذلك، فإن مستويات الانجذاب الجنسي المتدنية لا تمثل دومًا مشكلة للأزواج.
وأوضحت فولبرايت، الأستاذة المساعدة بقسم علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية في واشنطن العاصمة، أنه "بالنسبة لبعض الناس، قد يؤدي الافتقار للانجذاب الجنسي إلى الخيانة الزوجية أو الطلاق. ولآخرين، يصبح الافتقار إلى الانجذاب الجنسي مشكلة فقط عندما يتناغم المرء مع التوقعات المجتمعية حول الجنس والرغبة".
وتابعت أن "ثمة الكثير من الضغط الذي يُمارس على الثنائي للحفاظ على حياة جنسية نشطة، لا سيما المثيرة منها. ويشعر الناس أن هناك نوعًا من الرغبة ونوعية يجب تحقيقها، مع الاهتمام بمثل هذه المشكلة التي يجب العمل على حلها".
ويحذر بعض زملائي المعالجين من الإفراط بالتركيز على أهمية الانجذاب الجنسي الفوري.
وأوضحت الدكتورة راشيل نيدل، المعالجة الجنسانية أنه "لدينا فكرة خاطئة مفادها أنه يتعيّن علينا الانجذاب جسديًا إلى شخص ما عندما نلتقي به لأول مرة، أو ما من علاقة محتملة قد تنشأ بيننا مستقبلًا". وتابعت أنّ هذا الأمر ليس صحيحًا، لافتة إلى أنه "يمكن أن تنمو الجاذبية عندما تتعرف على شخص ما وتختبر تقاربًا وتواصلًا متزايدًا معه".
إشعال فتيل الرغبة
ما العمل عند انتفاء الرغبة الجنسية بينك وبين شريكك؟ أو إذا كنت ترغب بإخماد علاقة لا تملك المقومات كي تبدأ؟
وتحذّر فولبرايت من إعطاء أي نصيحة شاملة. وقالت: "يمكن للشريكين فقط اكتشاف أفضل طريقة لإدارة هذا التحدي في علاقتهما".
وتابعت: "الزواج غير الأحادي قد يصلح للبعض، وقد لا يناسب آخرين. ويجب على الثنائي أن يقررا مدى صدق أحدهما تجاه الآخر، ومدى أهمية هذا الأمر للبقاء معًا مقابل عدم البقاء معًا، ومقدار الأهمية التي يجب تقديمها لهذه المشكلة في ضوء الأمور الأخرى الجيدة الأخرى التي يختبرانها".
وقالت ديلون إنه يجب أن لا تشعر بأنك خسرت كل شيء إذا كنت في علاقة طويلة الأمد. وبالنسبة لبعض الثنائيين، يمكن أن تنمو الرغبة الجنسية بمرور الوقت إذا ركزوا عليها. وأوضحت ديلون أنه "غالبًا ما لا نشعر بالراحة حتى سن الثلاثينيات من العمر لنطلب ما نرغب به في السرير".
لكني أرفض الاتفاق مع أي شخص يعتقد أنه على المتزوجين التوقف عن ممارسة الجنس دومًا، فلماذا عناء إعطاء الأولوية للانجذاب الجنسي.
وأشارت ديلون إلى أنّ "العديد من الأزواج في الخمسينيات من العمر تشهد حياتهم الجنسية ازدهارًا بفضل النضج وخلو المنزل من الأطفال". وأضافت ديلون أنه "بالنسبة للأزواج في الستينيات والسبعينيات وما فوق، والذين لديهم القدرة على توسيع تعريفهم للجنس إلى ما بعد النشوة الجنسية والمشاركة في تكوين علاقة حميمة، يمكن أن يظل الجنس لديهم نابضًا بالحيوية والثراء".