دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قد تخلّف الإصابة بـ"كوفيد-19" أعراضًا طويلة الأمد لدى بعض الأشخاص، قد تكون مميتة.
وذكر تقرير جديد أنّ الفيروس تسبب في ما لا يقل عن 3،544 حالة وفاة في الولايات المتحدة خلال الأشهر الثلاثين الأولى من جائحة "كوفيد-19".
ويُعد التقرير بمثابة أول محاولة رسمية من قبل المركز الوطني للإحصاءات الصحية التابع للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها، لتحديد عدد الوفيات الناجمة عن "كوفيد طويل الأمد" في الولايات المتحدة.
ويشرح بعض الخبراء أنّ هذا العدد ربما يكون أقل من الرقم الفعلي، مع الأخذ في الاعتبار أن نحو 30% من الأشخاص الذين يصابون بـ"كوفيد-19" يعانون من أعراض طويلة الأمد، وفقًا لمراكز مكافحة الأمراض.
وحلّل البحث، الذي نُشر الأربعاء، شهادات الوفاة في نظام الإحصاء الحيوي الوطني بين يناير/ كانون الثاني 2020 وأواخر يونيو/ حزيران 2022.
وكان البحث صعبًا إذ أنّه، بخلاف الأمراض مثل السرطان أو مرض السكري، لم يكن لدى الولايات المتحدة رمز مرض معيّن لتتبع كوفيد طويل الأمد، في تلك الفترة الزمنية.
ولا يملأ كل عامل طبي شهادة الوفاة بالطريقة عينها، لذلك كان على الباحثين إنشاء برنامج لمسح أكثر من مليون شهادة وفاة بحثًا عن نصوص.
ونظرًا لعدم وجود مصطلح ثابت واحد لوصف كوفيد طويل الأمد، فقد قاموا بتضمين العديد من المصطلحات الرئيسية في بحثهم، بينها "كوفيد المزمن" و"متلازمة ما بعد كوفيد".
ووجدوا أن الوفيات الناجمة عن كوفيد طويل الأمد شكّلت نسبة أدنى من 0.3% بين 1،021،487 حالة وفاة مرتبطة بـ"كوفيد-19" بين فترة يناير/ كانون الثاني 2020 ويونيو/ حزيران 2022.
وكانت هناك بعض العناصر المشتركة بين أولئك الذين ماتوا أيضًا.
أغلب الوفيات من فئات كبار السن، وأصحاب البشرة البيضاء، والذكور
غالبية الأشخاص الذين ماتوا بسبب مرض كوفيد طويل الأمد كانوا من فئات أصحاب البشرة البيضاء، والذكور، وكبار السن.
وعلى وجه التحديد، كانت نسبة 78.5% من الوفيات بين الأشخاص البيض غير اللاتينيين.
وشكّل أصحاب البشرة السمراء غير اللاتينيين نسبة 10.1% من الوفيات، يليهم الأشخاص الهسبان بنسبة 7.8%.
وكان معدل الوفيات أعلى بين الهنود الأمريكيين من أصل لاتيني وسكان ألاسكا الأصليين، حيث بلغ معدل 14.8 لكل 100 ألف شخص.
وأظهرت أبحاث الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها أن وفيات "كوفيد-19" كانت متفاوتة بين الأشخاص الملونين، وأشار التقرير الجديد إلى أن المزيد من أصحاب البشرة السمراء أو اللاتينيين ربما ماتوا بسبب المرض الأولي قبل أن يتفاقم لـ"كوفيد طويل الأمد".
وقد يفسر ذلك بعض الاختلافات العرقية في النتائج الجديدة.
ووجدت الدراسات أيضًا، أنه مع وجود المزيد من العوائق التي تحول دون تقديم الرعاية الصحية للأشخاص الملوّنين، ربما لم يتمكّن بعض الأشخاص الذين ماتوا من رؤية الطبيب للحصول على تشخيص رسمي بالإصابة بـ"كوفيد-19"، لذلك لن يتم التعرّف على تلك الحالات من خلال شهادات الوفاة، بحسب التقرير.
ولفت التقرير إلى أن البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 75 و84 عامًا يمثلون نسبة 28.8% من وفيات كوفيد طويل الأمد، ويليهم الأشخاص الذين يبلغون من العمر 85 عامًا وما فوق بنسبة 28.1%، ثم الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 65 و74 عامًا بنسبة 21.5%.
وفي المجمل، من الشائع وفاة كبار السن جرّاء الإصابة بـ"كوفيد-19" أكثر ممّن هم أصغر سنًا، بحسب بيانات مراكز مكافحة الأمراض.
ويمثّل الرجال نسبة أكبر قليلاً من الوفيات، أي 51.5%، ما يتماشى مع دراسات أخرى وجدت أنّ الذكور مرتبطين بخطر نسبي للإصابة بفيروس كوفيد الحاد، وهو 1.29 ضعف الخطر النسبي لدى الإناث.
ولدى التقرير الجديد العديد من القيود، بينها أعداد الوفيات التي يمكن أن تتغير، وتغيير الإرشادات السريرية حول ما يشكل كوفيد طويل الأمد على مدار الجائحة، وتحديد العرق من خلال شهادات الوفاة، إذ أظهرت الدراسات حقيقة تصنيف عرق الآلاف من الأمريكيين بشكل خاطئ في شهادات الوفاة.
التأثيرات العديدة لكوفيد طويل الأمد
من جهته، أوضح الدكتور ديفيد بوترينو، مدير ابتكار إعادة التأهيل في نظام ماونت سيناي الصحي، أن الدراسة تعد بداية جيدة، لكنّها تقدم "لمحة صغيرة نوعًا ما" عن الوفاة الناجمة عن كوفيد طويل الأمد.
وقال بوترينو، الذي يعمل عن كثب مع مرضى كوفيد طويل الأمد: "هذه بيانات واضحة جدًا من أشخاص أصيبوا بمرض شديد، وانتهى بهم الأمر في المستشفى مع تلف الأعضاء المستمر".
ويرى بوترينو، غير المشارك في التقرير، أنّ البحث يفتقد إلى عدد كبير من الأشخاص الذين قد يصابون بكوفيد طويل الأمد ويموتون بسببه.
على سبيل المثال، تظهر الدراسات أن بعض الأشخاص، الذين لم يدخلوا المستشفى بسبب إصابة أولية بـ"كوفيد-19" لكنهم يعانون من كوفيد طويل الأمد، قد تتفاقم حالاتهم لتتضمن مشاكل في القلب.
وأشار بوترينو إلى أنه في هذه الحالات، لن يتم بالضرورة تسجيل كوفيد طويل الأمد كسبب للوفاة.
وقد يفتقد البحث أيضًا للأشخاص المصابين بكوفيد طويل الأمد، الذين أقدموا على الانتحار، إذ من المحتمل عدم تسجيل الحالة في شهادات الوفاة.
مع ذلك، بوترينو متفائل بحقيقة أنّ مراكز مكافحة الأمراض تنظر في مسألة الوفاة الناجمة عن كوفيد طويل الأمد.
وقال: "لقد دمر كوفيد حياة الناس تمامًا، ولذا فإن البيانات غير المكتملة هذه لا تظهر سوى جزء بسيط من تجربة العيش مع كوفيد طويل الأمد".