دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بيّنت دراسة جديدة أنّ غالبية الرياضيين النخبة الذين شخّصوا بأمراض القلب الوراثية لم يعانوا من أعراض خطيرة أو قاتلة جراء ذلك، مثل الموت القلبي المفاجئ. ورأى البحث أن مواصلة الرياضيين لرياضتهم "ممكنًا" و"آمنًا".
وأظهرت الدراسة التي شملت عيّنة من 76 رياضيًا من النخبة يعانون من مرض القلب الوراثي والذين تنافسوا أو ما برحوا يتنافسون في كلية جامعية أو في الرياضات الاحترافية، أنّ 73 من أصل 76 لم يتعرضوا لحدث قلبي ناجم عن مرضهم خلال فترة الدراسة، وفقًا للباحثين الذين عملوا على تجربة إكلينيكية متطورة، عرضت الاثنين، في الجلسة العلمية السنوية للكلية الأمريكية لأمراض القلب في إطار المؤتمر العالمي لأمراض القلب.
وأفاد ملخص الدراسة أن بين هؤلاء الرياضيين النخبة المصابين بأمراض القلب الوراثية، 40 إلى 52٪ منهم لم تظهر عليهم أعراض.
وعلى مرً السنين، أصبح الباحثون أكثر وعيًا بالتقارير المقلقة حول الرياضيين النخبة الذين يعانون من مشاكل في القلب، أو حتى الانهيار المفاجئ أثناء الألعاب.
وقال الدكتور مايكل أكرمان، طبيب القلب الوراثي لدى "مايو كلينيك" في مدينة روتشستر، بولاية مينيسوتا الأمريكية، والمؤلف الأول للبحث الجديد إنه "بالنسبة للرياضيين المصابين بأمراض القلب الوراثية، وأود أن أضيف غير الرياضيين، تحدث المآسي عندما لا نعرف حالتهم". وتابع: "عندما نعرف حالتهم، ونقيّم المخاطر بعناية ونتعامل معها جيدًا، فإن هؤلاء، يمكنهم توقع العيش وتحقيق النجاحات رغم حالتهم".
ولم يتم نشر البحث الجديد بعد في مجلة تمت مراجعتها من قبل الأقران، لكن النتائج تشير إلى أن العديد من الرياضيين المصابين بمرض قلبي وراثي يمكنهم أن يقرروا مع أخصائيّي الرعاية الصحية ما إذا كانوا سيستمرون بالتنافس في رياضتهم وكيف يقومون بذلك بأمان، عوض أن يعتبروا أنفسهم غير مؤهلين تلقائيًا بسبب ظروفهم الصحية.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور صوالا غوش، طبيب القلب في مستشفى ماساتشوستس العام، غير المشارك في الدراسة الجديدة، خلال الجلسة العلمية الاثنين إنه "في الرياضة، تاريخيًا، كنّا أبويّين ونخفّف من التركيز على ما يفضله المريض وتبعات مخاطر ذلك، لكننا نعلم أن الرياضيين يأتون من مشارب حياتية مختلفة. إنهم أذكياء وعندما يكون هناك عدم يقين علمي، يجب دمج قناعاتهم لاتخاذ القرارات الطبية".
وأضاف أن "اتخاذ القرار المشترك عندها على نحو جيد يمكن أن يكون له نتائج إيجابية للغاية".
الرياضيون ومخاطر القلب
وكان لاعبو النخبة في كرة السلة، والهوكي، وكرة القدم، بين 76 رياضيًا شملتهم الدراسة الجديدة التي أجراها باحثون في "مايو كلينك"، ومؤسسات أخرى في الولايات المتحدة. وكتبوا في ملخص دراستهم أن هذه هي الدراسة الأولى على حد علمهم التي تصف تجربة الرياضيين المتنافسين في إطار المستوى الأول للرابطة الوطنية لرياضة الجامعات أو في الرياضات الاحترافية، الذين يعانون من مرض القلب الوراثي المعروف الذي يعرضهم لخطر الموت القلبي المفاجئ.
وتم السماح للرياضيين في الدراسة بالعودة إلى اللعب في الرابطة الوطنية لرياضة الجامعات، المستوى الأول أو على المستوى الاحترافي. وتمت دراستهم على مدى سبع سنوات كمعدل وسطي، وشخّصوا جميعًا بأمراض القلب الوراثية في العشرين عامًا الماضية، حيث يتلقون علاجها لدى "مايو كلينك"، أو مركز "موريستاون الطبي"، أو مستشفى ماساتشوستس العام أو مركز "Atrium Health" الرياضي لأمراض القلب.
وقالت كاثرين مارتينيز، طالبة جامعية في جامعة لويولا ببالتيمور، التي ساعدت في إجراء البحث كمتدربة بمختبر جينوميات الموت المفاجئ "ويندلاند سميث رايس" في "مايو كلينك" إن "ثلاثة منهم فقط تعرضوا لحالة قلبية، مما يعني أنه بعد أن تم تشخيصهم وعلاجهم، ما زالوا يواجهون هذه الحالة".
وكان الإغماء الحالة الأكثر شيوعًا، وتلقى أحد الرياضيين صدمة باستخدام جهاز إزالة رجفان القلب أو مزيل الرجفان القابل للزرع، لكن أحدًا من الرياضيين لم يمت.
وأشارت مارتينيز إلى أنّ "غالبية هؤلاء الرياضيين استمروا في مسيرتهم المهنية من دون حدوث أي حالات على الإطلاق". لكن غالبية الرياضيين في الدراسة، 55 منهم، أو 72٪، تم استبعادهم في البداية من المنافسة من قبل طبيبهم الرئيسي، أو مؤسستهم بعد تشخيصهم. واختار غالبيتهم في النهاية العودة للعب من دون قيود بعد الخضوع لتقييم سريري شامل، والتحدث مع أطبائهم.
وكتب الباحثون في ملخص دراستهم أن لكل دوري رياضي مجموعة قواعده الخاصة. ومن الناحية التاريخية، تم تقييد بعض الأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم بأمراض القلب الوراثية التي تعرّضهم لخطر متزايد للموت القلبي المفاجئ من الرياضات التنافسية.
وأوضحت مارتينيز التي عملت على البحث الجديد إلى جانب والدها، الدكتور ماثيو مارتينيز، مدير مركز "أتلانتيك هيلث سيستم سبورتس" لأمراض القلب في مركز "موريستاون الطبي" ومؤلف البحث الجديد، أنه "فقط لأنك تلقيت هذا التشخيص، لا يعني أن حياتك، وحياتك الاحترافية، والمستقبل الذي تراه لنفسك قد انتهى، لكن أخذ رأي ثانٍ من خبير هو الخطوة التالية".
وفيما يتعلق بالدراسة الجديدة، قال مارتينيز الأب إن "الرسالة التي نستخلصها هي، إذا كان لديك واحدة من هذه النتائج، فابحث عن خبير يساعدك على تحديد خطة تمرين آمنة لك وتحديد المستوى الذي يمكنك الاستمرار بالمشاركة فيه بأمان". وتابع: "هذه الخطوة التالية الأفضل لكيفية إدارة الرياضيين المصابين بأمراض القلب الوراثية".
"هل نحن بحاجة إلى إلقاء نظرة فاحصة"؟
وقال الدكتور ليور يانكيلسون، مدير برنامج عدم انتظام ضربات القلب الوراثي في جامعة "لانغون هارت" بمدينة نيويورك الأمريكية، غير المشارك في البحث الجديد، إنه قد يكون ترك الرياضة بسبب مرض القلب الوراثي "مدمرًا للغاية" للرياضيين الذين كرسوا حياتهم للتميز في المنافسات.
ومع ذلك، أضاف أنّ هؤلاء الرياضيين لا يزالون بحاجة إلى استشارة أطبائهم ومراقبتهم عن كثب لأن بعض الأمراض الوراثية قد تسبّب حدثًا قلبيًا خطيرًا أكثر من غيرها.
وتسلط الدراسة الجديدة الضوء على أن "غالبية الرياضيين المصابين بأمراض القلب الوراثية يرجّح، بعد استراتيجية دقيقة ومتأنية من الخبراء في تصنيف المخاطر واستراتيجية العناية المتبعة في الرياضة"، بحسب ما ذكره يانكيلسون. وأضاف: "لكن في الوقت عينه، هذا هو بالضبط السبب وراء وجوب رعاية هؤلاء المرضى فقط في عيادات أمراض القلب الجينية عالية الخبرة، لأن هناك حالات أخرى وراثية، يمكن أن تستجيب بشكل عكسي للرياضة، ولها مخاطر أعلى بكثير لتطوير عدم انتظام ضربات القلب أثناء النشاط المكثف".
وعلى نحو منفصل، يلاحظ معهد الرابطة الوطنية لرياضة الجامعات للعلوم الرياضية على موقعه على الإنترنت أنه "رغم أنّ العديد من الطلاب الرياضيين الذين يعانون من أمراض القلب يمكن أن يعيشوا حياة نشطة، ولا يعانون من مشاكل متعلقة بالصحة، فإن الوفاة المفاجئة من أمراض القلب تبقى السبب الطبي الرئيسي للوفاة بين الرياضيين الجامعيين".
ومن جهتها قالت الدكتورة جين مورغان، طبيبة القلب في "بيدمونت للرعاية الصحية" بمدينة أتلانتا الأمريكية، غير المشاركة في البحث الجديد أنه بالنسبة للرياضيين المصابين بأمراض القلب الوراثية، يجب مراعاة أعراضهم وتاريخ عائلاتهم للأحداث القلبية عند تحديد مخاطرهم.
وأوضحت مورغان: "بالتأكيد، هناك قلق من مشاركة الرياضيين بالمنافسات، إذا كان يتم فحصهم بشكل مناسب أم لا". لكنها أضافت أن البحث الجديد يقدم "بعض الفهم" للآثار الصحية العقلية للرياضيين المصابين بأمراض القلب الوراثية، الذين قد يُطلب منهم الابتعاد عن رياضة تنافسية يحبونها.
وأكدّت مورغان: "أعتقد أن هذه الدراسة تبدأ بقطع شوط طويل في تحديد أننا قد لا نحتاج إلى الضغط على الزناد بهذه السرعة، وجعل الرياضيين يبتعدون عن شيء يحبونه".