دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تُشكّل المياه المتدفّقة من جدار جليدي صورة جميلة، لكن تتمحور القصة خلفها حول ذوبان الأنهار الجليدية، وتأثيرات التغير المناخي على الأرض.
ويتذكّر المصور الكندي، بول نيكلين، الوقت الذي التقط فيه هذه الصورة، بأغسطس/آب عام 2014، إذ كانت درجات الحرارة في سفالبارد بالنرويج مرتفعة بشكلٍ غير اعتيادي.
وعند اقترابه من زاوية الكتلة الجليدية في جزيرة "نورداوستلاندت"، رأى نيكلين أكثر من عشرة شلالات تتساقط في مقدّمتها.
وأصبحت الصورة ترمز إلى الحقائق المتعلّقة بتغيّر المناخ، إضافةً لكونها الصّورة الفنيّة الأكثر مبيعًا لنيكلين.
وفي عام 2014، قام نيكلين، وزوجته كريستينا ميترمير، والمصور أندي مان لاحقًا بتأسيس منظمة غير ربحية تُدعى "SeaLegacy"، وتستخدم الأفلام والتصوير الفوتوغرافي لزيادة الوعي بشأن القضايا المناخيّة والمساعدة في حماية كوكب الأرض.
وقالت ميترمير: "يُعد التصوير الفوتوغرافي من أكثر الأدوات التي نمتلكها فعاليّةً وقوّة لسرد القصص المعقّدة، مثل قصة تغير المناخ".
وشهدت ميترمير هذه القوّة من خلال إحدى الصور التي التقطتها في أغسطس/آب في عام 2017.
وأظهرت الصورة دبًا قطبيًا جائعًا.
وبعد نشرها في "ناشيونال جيوغرافيك"، انتشرت الصورة والفيديو المرافق لها، وتمت مشاركتهما عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومن قِبَل المؤسسات الإخباريّة في جميع أنحاء العالم.
وكمحرّرين ضيوف لسلسلة "Call to Earth" على شبكة CNN، اختار نيكلين و ميترمير الصورتين، إلى جانب 8 صور أخرى، يعتقد كلاهما أنّها لفتت انتباه العالم إلى أزمة المناخ.
أزمة المناخ تتماهى مع أجواء الحروب
وقارن نيكلين تصوير تغير المناخ بتصوير الصراعات، قائلًا: "نحن عند الخطوط الأماميّة للحرب التي تُشنّ ضد كوكبنا".
ومع تزايد تواتر الكوارث المناخية وشدتها في العقود الأخيرة، تُظهر الصور الفوتوغرافية بشكل أوضح حدة الأوضاع وضرورة ايجاد حلولًا سريعة لها.
وتُجسّد صورة بعدسة إيد رام للجُثث الهزيلة لـ6 زرافات أهوال الجفاف المستمر في كينيا، والذي يُهدّد ويُشرّد الحيوانات والبشر على حدٍ سواء.
كما تُظهر مشاهد حرائق الغابات، كتلك التي اجتاحت أستراليا بين عامي 2019 و2020، حجم الدمار، مع اشتعال النيران في المنازل، وهروب الكائنات البرية بشكلٍ يائس.
وتتذكر ميترمير أيضًا الأعمال الفوتوغرافية التي التقطها صديقها غاري براش.
وكرّس المصور، الذي تُوفي في عام 2016، آخر عقدين من حياته لتوثيق كيفية تغير الأرض استجابةً للاحتباس الحراري، من القارة القطبية الجنوبية، مع ذوبان الأنهار الجليدية، إلى جزيرة "بهولا" في بنغلاديش، حيث ارتفع مستوى سطح البحر بشكلٍ زاد من التعرية.
التعايش
واختار كلا من ميترمير ونيكلين أيضًا صورًا يتصادم فيها البشر مع الطبيعة.
وتُعد الخسارة الفادحة للتنوع البيولوجي من آثار تغير المناخ.
ومنذ عام 1970، تراجعت أعداد الحيوانات البرية بنسبة 69%، ويرجع ذلك غالبًا لتغيّر استخدام الأراضي، ما أدّى إلى تجزئة الموائل الحيوية، وارتفاع درجات الحرارة أيضًا، وأدّى ذلك إلى حدوث وفيات جماعية، بحسب تقرير "Living Planet" الصّادر عن الصندوق العالمي للحياة البرية (WWF) في عام 2022.
وتُظهر صورة "بيت الدببة" لديمتري كوخ، والتي كانت من ضمن فائزي جائزة مصور الحياة البرية لعام 2022، الدببة القطبية وهي تجوب مستوطنة سوفيتية مهجورة في جزيرة "كوليوتشين".
وتؤثّر توابع تغيّر المناخ على الحيوانات والبشر على حدٍ سواء، إذ أوضحت ميترمير أنه "من المستحيل إنكار أننا جميعًا نتعامل مع هذا الأمر معًا".
وتُجسّد سلسلة "The Day May Break" للمصور نيك براندت تلك الحقيقة عبر إظهار الأشخاص والحيوانات المتضرّرة من الدمار البيئي.
أما الصور، التي التقطت داخل ملاذات الحيوانات حول العالم، فتلقي الضوء على الأشخاص النازحين بسبب أحداث متعلقة بتغير المناخ، مثل الجفاف، أو الفيضانات، والحيوانات التي وقعت ضحيةً لتدمير الموائل، أو الاتجار بالحياة البرية.
الأمل
وبين صور الدمار والنزوح، هناك صور تدل على الأمل، حيث وصف براندت الأشخاص والناجين كحيوانات.
وبالنسبة لميترمير، فإن صورتها لأسد بحر وهو ينطلق إلى سطح الماء في جُزُر غالاباغوس، وهي واحدة من أكبر المناطق البحرية المحمية في العالم، تُظهر كيفية ازدهار الحياة في المحيط عند توفّر الحماية المناسبة.
وتمثل صورة نيكلين لحوت مقوس الرأس أحد أعظم حلفاء البشر في إزالة الكربون.
ولا تُعد أجسام الحيتان مخازن ضخمة للكربون فقط، بل إن برازها بمثابة وقود العوالق النباتية التي تمتص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي.
وعبر إظهار جمال الكوكب، يعتقد نيكلين وميترمير أنهما سيتمكّنان من إظهار أنّه يوجد ما يستحق القتال لأجله.