دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أفاد باحثون أنّهم تمكنوا من الاستفادة من مجموعة جديدة من المتبرعين بالأعضاء للحفاظ على القلب وزرعه، أي الأشخاص الذين توقف قلبهم عن النبض، ما أدّى إلى ما يُسمى بموت الدورة الدموية.
وتقليديًا، كان الأشخاص الذين يُصنّفون كمتبرعين مناسبين بالأعضاء هم الذين تم الإعلان عن موتهم دماغًيا، مع استمرار القلب والأعضاء الأخرى في العمل.
وأصبحت هناك مجموعة أخرى مستعدة للتبرع إذا لم يكن البقاء على قيد الحياة ممكنًا، أي الأشخاص الذين قد يعانون من إصابات خطيرة في الدماغ، ولكن ليسوا ميتين دماغيًا.
وفي هذه الحالات، يُعتبر الأشخاص متوفين عندما يتوقف قلبهم عن النبض بعد إطفاء أجهزة دعم الحياة، ويُشار إلى ذلك بموت الدورة الدموية أيضًا.
وتزايدت التبرعات بعد موت الدورة الدموية، أو "DCD"، في بلدان مثل المملكة المتحدة، وإسبانيا، كما أنّها أصبحت شائعة إلى حدٍ ما في الولايات المتحدة لأعضاء مثل الكِلى.
ولكن فِرَق زرع الأعضاء الأمريكية كانت أكثر ترددًا في قبول أعضاء مثل القلب الذي توقف عن النبض، حتّى ولو لفترةٍ وجيزة، خوفًا من أن يؤدّي نقص الأكسجين بالقلب إلى إتلاف العضو، والتأثير على استمراريته.
وبعد وفاة المرء بوقتٍ قصير، وقبل إنقاذ القلب، "هناك فترة تتّسم بضعف تدفق الدم، وعدم تدفق الدم، ويكون القلب شديد الحساسية تجاهها. ولهذا السبب لم يعتقد الأشخاص أنّ هذا سيكون ممكنًا بالضرورة"، بحسب ما ذكره المدير الجراحي لبرنامج زرع القلب في جامعة "ديوك"، ومؤلف دراسة جديدة نُشرت الأربعاء في مجلة "نيو إنجلاند" الطبية حول الموضوع، الدكتور جاكوب شرودر.
ووجد شرودر وفريقه أنّ الأمر لم يكن ممكنًا فحسب، بل أنّه يعمل في الواقع تمامًا مثل استخدام أعضاء من متبرعين ميتين دماغيًا.
إعادة القلب إلى الحياة
وفي أول تجربة سريرية لهذه التقنية الجديدة، اختار الفريق 180 مريضًا يعانون من فشل القلب بشكلٍ عشوائي لتلقي عضو تم إنعاشه، أو قلبًا من متبرِّع بعد موته دماغيًا.
وبعد 6 أشهر، وجد الفريق أنّه كان من المرجح للمرضى الذين تلقوا قلبًا تم إنعاشه بعد موت الدورة الدموية البقاء على قيد الحياة مثل أولئك الذين تلقوا قلبًا جديدًا من أشخاص أُعلن عن موتهم دماغيًا.
وعلاوةً على ذلك، تمكّن الفريق من استخدام 90% من القلوب التي جاءت من متبرعين تعرّضوا لموت الدورة الدموية، ما يعني أنّه تم إهدار القليل منها فقط.
وذكر الباحثون أنّه في حال طبّقت المزيد من مراكز زرع الأعضاء الطريقة الجديدة، فإن ذلك قد يزيد من عدد أعضاء القلب المتاحة لعمليات الزرع في الولايات المتحدة بنسبة تصل إلى 30%.
توسيع نطاق المتبرّعين
ووفقًا لما ذكرته إدارة الموارد والخدمات الصحية الفيدرالية الأمريكية، يموت 17 شخصًا كل يوم في الولايات المتحدة أثناء انتظار عملية زرع الأعضاء.
وأشار شرودر إلى أنّ زرع المزيد من أعضاء القلب للمتبرعين الذين عانوا من موت الدورة الدموية قد يساعد في خفض هذا العدد. وأوضح قائلاً: "توسيع نطاق المتبرعين يسمح لنا بتوسيع قائمة المستلمين أيضًا".
ومنذ عام 2019، وعند البدء في دراسة الأعضاء المُتبرّع بها بعد موت الدورة الدموية من أجل عمليات زرع القلب، وزرع القلب والرئة معًا في الولايات المتحدة، ارتفع عدد الحالات بشكل مطرد.
وفي العام الماضي، أُجريت 345 عملية كهذه، ولكن مثّل ذلك حوالي 8% فقط من عمليات زرع القلب، وعمليات زرع القلب والرئة معًا في عام 2022، والتي بلغ عددها الإجمالي 4،162 عملية، وفقًا لإحصاءات الشبكة المتحدة لمشاركة الأعضاء (UNOS).
تحويل مشهد التبرع بالأعضاء
ورُغم جودة البحث، إلا أن الخبراء أشاروا إلى أنه لم يكن عشوائيًا، إذ عَلِم الأطباء أي من المشاركين كانوا سيتلقون أي نوع من الأعضاء.
وأفاد مؤلفو الدراسة أنّ الأمر كان ضروريًا حتّى لا يفقد الأشخاص الأكثر مرضًا موقعم ضمن قوائم الانتظار، والحرص على الإبقاء عليهم مؤهلين دائمًا للحصول على العضو التّالي المتاح.
ولكن أحدث هذا الاحتياط خللاً في الدراسة، إذ كان الأفراد الأكثر مرضًا أكثر عرضة لاستقبال القلب المأخوذ من المتوفين دماغيًا، في حين تم اختيار المرشحين الأكثر استقرارًا لتلقي القلب الذي تم إنعاشه في الكثير من الأحيان.
وذكرت المديرة الطبية للبحوث السريرية بقسم أمراض القلب في كلية الطب بجامعة "واشنطن"، الدكتورة نانسي سويتزر، أن الدراسات أظهرت أنّ زرع الأعضاء الأكثر عرضة للمخاطر عند الأفراد الأكثر مرضًا، يؤدي إلى نتائج أسوأ.
وكتبت سويتزر مقالة افتتاحية نُشرت مع الدراسة، ولكنها لم تشارك في البحث.
ومن المحتمل أنّ الأطباء في البحث لم يكونوا على استعداد للمخاطرة عبر توفير عضو أضعف للمرضى الأكثر ضعفًا، بحسب ما أشارت إليه سويتزر.
ويعني ذلك أنّ الدراسة تركت بعض الأسئلة بشأن هوية الأشخاص الذين تُناسبهم هذه الطريقة.
ورأت سويتزر أنّ هناك حاجة للقيام بالمزيد من الأبحاث لفهم أفضل المرشّحين لهذه العملية، مؤكدة: "أنا متحمسة للغاية لأنني أعتقد أن هذا الأمر سيغيّر ما يحدث في مجالنا بسرعة كبيرة، وأعني نشر هذه الورقة البحثية".