"لدواعي أمنية".. قرار قد يطوي 450 عامًا من تاريخ أكشاك الكتب الباريسية

علوم وصحة
نشر
4 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- منذ 450 عامًا تقريبًا وبائعو الكتب يعرضون كنوزهم على طول ضفاف نهر السين، في أكشاك خضراء اللون بدت عليها علامات الزمن.

لكن هذا الجزء من التاريخ الفرنسي يواجه راهنًا عاصفة سياسيّة بعدما أمرت شرطة المدينة بنقل البائعين وأكشاكهم "لأسباب أمنية" إلى أماكن أخرى، إفساحًا بالمجال لتنظيم حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 2024.

أخذ سوق الكتب في باريس محلّه هنا منذ 450 عامًا ولكنه يُنقل الآن "لأسباب أمنية"
مارس بائعو الكتب أنشطتهم التجاريّة على طول ضفاف نهر السين في فرنسا منذ 450 عامًا تقريبًا. Credit: Telmo Pinto/NurPhoto/Getty Images

ورغم أنّ مكتب عمدة المدينة عرض نقل أكشاك الكتب، وتغطية كلفة النقل، وتجديد الأكشاك المتضرّرة، إلا أنّ جيروم كاليه، رئيس الرابطة الثقافية لباعة الكتب (Cultural Association of the Bouquinistes) المكوّنة من مئتي بائع تقريبًا، قال إنّ عدم التشاور بشأن قرار يؤثر على معلمٍ باريسي أثار قلقهم بشأن المستقبل.

وقال كاليه إنّ الشرطة وجّهت له رسالة في مارس/آذار تعهّدت خلالها بالتشاور مع الرابطة، لكنه لم يسمع أكثر من ذلك.

أخذ سوق الكتب في باريس محلّه هنا منذ 450 عامًا ولكنه يُنقل الآن "لأسباب أمنية"
يرى كاليه أنّ على بائعي الكتب معرفة متى يُسمح لهم بافتتاح أعمالهم مجددًا، في الحد الأدنى. Credit: Oliver Briscoe

وفي يوليو/تموز بحسب ما ذكره، عقد مجلس المدينة اجتماعًا طُرِح خلاله العديد من الخيارات التي لم تحظَ بشعبيّة.

وقال كاليه: "بدأوا بإخبارنا التالي: من المحتمل جدًا أن تضطروا للإغلاق طوال فترة الألعاب (الأولمبيّة)، أو حتّى قبل ذلك بأسبوع".

وشملت إحدى الخطّط إبقاء صناديق الباعة في مكانها، لكن بمجرّد فحص الشرطة لها وإغلاقها طوال مدة الحدث الأولمبي الذي سيجذب ملايين الزوّار إلى المدينة، ضمنًا العديد ممّن قد يتصفّحون أكشاكهم.

ورًغم عدم تقديم أي تعويض للإغلاق القسري المُقترح، يرى كاليه أنّ على باعة الكتب معرفة متى سيُسمح لهم باستئناف أعمالهم مجددًا، في الحد الأدنى.

مستقبل غير مؤكّد

أخذ سوق الكتب في باريس محلّه هنا منذ 450 عامًا ولكنه يُنقل الآن "لأسباب أمنية"
بقيت العديد من الأكشاك في مكانها لعقود. Credit: Oliver Briscoe

واقتُرِحت خطّة أخرى، لكن كاليه اعتبرها أسوأ، إذ أنّها تعرض نقل الصناديق إلى مكان آخر.

وأشار كاليه إلى بقاء العديد من هذه الصناديق في محلّها منذ 30 أو 40 عامًا، وبعضها مغطّى بالصدأ، مع كون أقفالها، وسلاسلها، وعناصرها الأخرى حسّاسة.

وإلى جانب ذلك، ثمة قلق بشأن مصيرها بعد انتهاء الألعاب الأولمبية.

وتساءل بائع الكتب، غيوم كاسترو، البالغ من العمر 35 عامًا: "هل سيتيحون لنا المجال لعرض كتبنا في المكان عينه مرة أخرى، بعد انتهاء فترة الألعاب؟".

وعمل كاسترو بالقرب من النهر لـ7 أعوام، ويحاذي كشكه جسر الفنون "Pont des Arts".

وقال جان فرانسوا ميديوني البالغ من العمر 53 عامًا الذي يبيع الكتب منذ 8 أعوام، ويُدير كشكًا في "Quai Voltaire": "هل حقًا المشكلة تكمن المشكلة بهذا الأمر؟"، موضحًا أنّ المدينة ستتمتّع بأشياء أفضل للقيام بها على مدار فترة الألعاب الأولمبيّة بدلاً من الاهتمام بالصناديق.

وناقش كاليه أنّ نقل الصناديق لن يكون أكثر كلفة بكثير فقط للعاصمة، لكن لن يكون سوق الكتب المنقول ناجحًا.

كسب الدعم

وحظت محنة بائعي الكتب ببعض الدعم السياسي، وقالت رشيدة داتي، عمدة يمين الوسط في الدائرة السابعة، وهي منطقة داخل حي "ليفت بانك" وسط باريس، حيث يمارس الباعة نشاطاتهم، لـCNN إنّ القرار "لا معنى له، ومهين، وغير عادل".

وستتولى داتي مع وجان بيير ليكوك، عمدة الدائرة السادسة المجاورة التي تضم أيضًا منطقة لبيع الكتب، مناقشة القضية في مجلس باريس المقبل في أكتوبر/تشرين الأول، للدفاع عن الإغلاق المُقتَرح، والتعويض المحدود.

ولم يكن أحد من مكتب عمدة باريس متاحًا للتعليق.