دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- قطع الأطباء والباحثون شوطًا طويلاً لفهم ارتجاجات الدماغ. وأصبحت هذه الحالة تحظى بالاهتمام الذي تستحقه أخيرًا، مع تطبيق بروتوكولات صارمة عند حدوثها خلال الرياضات المنظمة للهواة والمحترفين.
ووفقًا لما ذكرته المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC)، يحدث الارتجاج بعد الإصابة بـ"ضربة أو رجّة في الرأس"، أو "ضربة بالجسم تؤدي إلى تحرك الرأس والدماغ بسرعة ذهابًا وإيابًا".
ويمكن أن تتسبب هذه الحركات المفاجئة في "ارتداد الدماغ، أو التواء في الجمجمة"، و"تغيرات كيميائية في الدماغ" و/أو "تمدد وإتلاف" خلايا الدماغ، بحسب ما ذكرته المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها.
وقد تؤدي التغييرات إلى أعراض تشمل الشعور بالدوار، أو الارتباك، أو مشاكل طويلة الأمد في النوم، والذاكرة، والتعلم، وحتّى تغيرات في شخصية المرء.
وتُصنَّف الارتجاجات بكونها إصابات دماغية رضحية، بحسم ما قالته جولي ستام، مؤلفة كتاب "The Brain on Youth Sports: The Science, the Myths, and the Future"، لكبير المراسلين الطبيين لـCNN، الدكتور سانجاي جوبتا، في برنامج "Chasing Life".
وأوضحت ستام، وهي أستاذة مساعدة سريرية في قسم علم الحركة بجامعة "ويسكونسن ماديسون": "كثيرًا ما أستخدم مصطلح الارتجاج لأنّ استعماله شائع في الرياضة بشكلٍ خاص. ولكنّها إصابة دماغية رضية، وغالبًا ما يتم تصنيفها على أنّها إصابة دماغية رضية خفيفة، ويبدو هذا حتّى وكأنّه يقلل من شأن الإصابة".
ويمكن أن تحدث الارتجاجات عند ممارسة الرياضات الشبابية أو الاحترافية، ولكنها قد تكون أيضًا نتيجة للسقوط، وحوادث السيارات، والإصابات العسكرية، والاعتداءات بما في ذلك عنف الشريك الحميم، والإساءة للأطفال.
ويمكن أن تزيد إصابات الرأس المتكرّرة من خطر الإصابة بالاعتلال الدماغي الرضحي المزمن (CTE)، وهي حالة مرتبطة بفقدان الذاكرة، والارتباك، ومشاكل في التحكم بالانفعالات، والعدوانية، والاكتئاب، وسوء الحكم، والسلوك الانتحاري، بالإضافة إلى الخرف المبكر.
ما الذي يمكنك فعله للحماية من الارتجاجات، ورصدها، وعلاجها؟
يمكن أن تحدث الارتجاجات من دون فقدان الوعي
وأفادت ستام في رسالة عبر البريد الإلكتروني: "لستَ بحاجة إلى فقدان الوعي للإصابة بارتجاج"، لافتة إلى أن "أقل من 10% من حالات الارتجاج تؤدي إلى فقدان الوعي".
يمكن أن تحدث الارتجاجات من دون إصابة مباشرة في الرأس
يمكن أن يحدث الارتجاج حتّى عند انعدام ضربة مباشرة إلى الرأس.
وأوضحت ستام: "الضربة التي يتعرّض لها الجسم، والمتسببة في تحرك الرأس ذهابًا وإيابًا.. قد تُسبب ارتجاجًا لأنّ الدماغ يتحرك داخل الجمجمة، ويصطدم بها"، مؤكدة: "هذا من الأسباب التي تجعل الخوذات غير قادرة على منع جميع الارتجاجات".
لا تتجاهل أعراض الارتجاج الأقل وضوحًا
وقالت ستام إنّ "الارتباك، والدوّار، أو مشاكل التوازن، والظهور بحالة ذهول من علامات وأعراض الارتجاج".
ولكنها ذكرت ضرورة اطّلاع الآباء، والأوصياء، والمدربين وزملاء الفِرَق الرياضية على الأعراض الشائعة التي يتم تجاهلها، موضحة أن تلك الأعراض تشمل "صعوبة النوم، أو عدم النوم بما فيه الكفاية، أو اللامبالاة، أو الانفعال المفرط"،
قم بتحديث تدابير العلاج الخاصة بك
وذكرت ستام أنه رغم أنّ الراحة هي الأفضل بعد الإصابة بالارتجاج، إلا أنّنا نعلم الآن أنّ التمارين الخفيفة مفيدة للتعافي من الارتجاج"، لافتة إلى ضرورة البدء بممارسة تمارين سهلة مثل المشي الخفيف، أو ركوب دراجة ثابتة بعد 24 إلى 48 ساعة من الإصابة بالارتجاج.
ويمكن لتلك التمارين أن تزيد من تدفق الدم إلى الدماغ، ومساعدة الدماغ على التعافي بشكلٍ أسرع.
تجنّب الارتطام أثناء ممارسة الرياضة
وقالت ستام إنّ "تقليل الارتطام، أو إزالته خلال الممارسة العملية، أو تأخير بدء ممارسة الرياضات التي تتطلب التلامس الجسدي الكامل حتّى يكبر الطفل عبارة عن استراتيجيات لا تساعد في تقليل مخاطر الارتجاج فحسب، بل في تقليل عواقب التعرض لصدمات الدماغ المتكررة أثناء الرياضة".
وأكّدت أن "أفضل طريقة لمنع حدوث ارتجاج هي تجنّب الارتطام".