دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- هناك فرق بين أن تكون ودودًا وأن تكون لطيفًا.. حتى أجسامنا قادرة على تمييز ذلك. اللطف لا يخلّف الكثير من الخير في العالم فحسب، بل ينعكس إيجابًا على صحتك أيضًا.
أن تكون ودودًا مقابل أن تكون لطيفًا
أن تكون ودودًا يعني أن تتصرّف بتهذيب وترضي الآخرين. في هذا الصدد، قالت الدكتورة كارلا ماري مانلي، عالمة النفس السريري، ومؤلفة كتاب "فرحة الحب الناقص" الذي يصدر قريبًا، إن هذا (اللطف) قد يبدو أقل واقعية ومكافأة من القيام بأفعال طيبة.
وأضافت مانلي أنه "إذا كنت ترضي الناس، فأنت تضع توقعات على الشخص الذي تعامله بلطف أن يستجيب لك بطريقة معينة".
وأشارت إلى أنه أن السلوك الودي يُستخدم ربما كاستراتيجية اجتماعية لإنشاء علاقة جيدة مع شخص ما.
وقال الدكتور آش نادكارني، الطبيب النفسي المساعد ومدير الصحة في مستشفى بريغهام والنساء في ماساتشوستس، أن تكون لطيفًا أمر أقل خدمة للذات. فمن ناحية، يتضمن اللطف أن تكون كريمًا من دون توقع الحصول على مقابل. ومن ناحية تحقيق الهدف من هذا الفعل. يتصرف الشخص اللطيف بدافع التعاطف والاهتمام الحقيقي بالآخر.
ويكمن الفرق بالنية. بحسب ما ذكرته الدكتورة كاثرين فرانسين، الأستاذة المشاركة بعلم النفس في جامعة لونغوود في فرجينيا، لافتة إلى أن الشخص الطيب يحاول أن يفهم حقًا ما يمر به شخص آخر.
وتابعت فرانسين أنّ "ممارسة اللطف بدلاً من الود يسمح للناس بتعزيز روابط حقيقية أعمق مع الآخرين. كلما فعلت ذلك، أصبح من الأسهل التواصل مع الآخرين وبناء علاقات ذات معنى عام أكثر في مختلف جوانب الحياة".
كيف يؤثر اللطف على جسمك؟
عندما يتصرف الناس بلطف، يفرز الدماغ هرمونًا يُسمى الأوكسيتوسين، المعروف باسم "هرمون الحب". يستخدم الأوكسيتوسين لتعزيز التواصل الاجتماعي مع الآخرين. وأوضحت نادكارني أن تدفق الأوكسيتوسين في الدماغ يثبط نشاط اللوزة الدماغية، المنطقة المسؤولة عن الخوف والقلق، ويقمع الإحساس بالخوف وله تأثير قوي على الوظائف الاجتماعية والعاطفية للدماغ.
إذا شعرت بتوتر أقل جراء مساعدة الآخرين، فذلك متصل بتأثيرات الأوكسيتوسين المهدئة. ويقلل ذلك من الكورتيزول، أي هرمون التوتر الذي يسبب الالتهاب، واستجابة القتال أو الهروب، عندما يشعر الجسم بتهديد محتمل، سواء من حيوان بري، أو بريد إلكتروني مرسل من مديرك في العمل.
إلى جانب كمية أقل من الكورتيزول، قال نادكارني إن الأوكسيتوسين يساعد في الحفاظ على قلبك قويًا وصحيًا. ويُطلق هرمون أكسيد النيتريك، الذي يوسع الأوعية الدموية، وبالتالي يقلّل من ضغط الدم.
ولفت نادكارني إلى أنّ "الأوكسيتوسين له وظائف واسعة النطاق وأثر حقيقي على صحتنا. وهذا الأمر لا يقتصر على تعزيز التواصل الاجتماعي وتحسين صحة القلب والأوعية الدموية فحسب، بل يضمن أيضًا انخفاض الالتهاب. فالالتهاب (المزمن) يشكّلأ أساسًا لكثير من الأمراض المختلفة مثل مرض السكري والاكتئاب".
ما تأثير اللطف على الدماغ؟
الشعور الدافئ الذي تشعر به جراء القيام بعمل جيد، يتمثل بأن الدماغ يُطلق الكثير من المواد الكيميائية التي تشعرك بالسعادة. وقالت فرانسين إن كونك لطيفًا يعزّز إنتاج السيروتونين، وهو ناقل عصبي يشارك في الحالة المزاجية، ضمنًا السعادة. كما أن اللطف يفرز الدوبامين، المادة الكيميائية في الدماغ المسؤولة عن المكافأة والفرح. هذا هو السبب الذي يجعل القيام بعمل واحد من أعمال اللطف أمرًا جيدًا لدرجة أنك ترغب بالقيام بعمل آخر.
وقالت فرانسين إن اللطف يمكن أن يفرز الإندورفين، وهي مواد كيميائية في الجسم تنشط النظام الأفيوني، وهي الهرمونات عينها التي تفرز نشوة العدائين. يعمل الإندورفين على تعزيز الفرح ويعمل كمسكن طبيعي للألم الجسدي والعاطفي. وأضافت: "عندما نقوم بأفعال لطيفة للآخرين ويفعل شخص ما أمرًا غير لطيف معنا، فلا نشعر بالسوء".
لمحة عن أعمال خير يومية
ينجم عن التصرف بلطف العديد من الفوائد الصحية، منها:
- التقاط القمامة
- الاطمئنان على صديق يمر بمرحلة صعبة
- التبرع بالدم
- إرسال رسالة نصية إلى شخص ما مثل "صباح الخير"
- إبقاء الباب مفتوحًا لشخص ما
- مفاجأة والديك بزيارة ودية
- بعث رسالة إيجابية
- ترك بقشيش سخي للعامل
- الاستماع باهتمام إلى الغير
- طهي وجبة طعام لشخص محتاج
قد تبدو التصرفات اللطيفة غريبة وغير مألوفة بداية. لكن، أوضحت مانلي أن هذا الشعور يختفي كلما واصلت التدرب. وسرعان ما يُصبح الأمر مألوفًا للغاية، وستلاحظ الفوائد التي تؤثر عليك وعلى الآخرين.