دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يؤثر الطقس البارد والقاسي على السكان في العديد من البلدان حول العالم، حيث يعاني حوالي 80٪ من السكان من درجات حرارة أدنى من درجة التجمّد.
رغم أنه شائع ارتباط حالة انخفاض حرارة الجسم (hypothermia) بدرجات الحرارة شديدة البرودة، إلا أنّ الخبراء يشيرون إلى أنّ انخفاض حرارة الجسم قد يُنتج عن درجات حرارة تفوق الـ40 درجة فهرنهايت (4،44 درجة مئوية)، إذا شعر الشخص بالبرد بسبب الطقس أو النزول في الماء البارد.
وأوضحت الدكتورة إميلي ماكنيل، طبيبة طب الطوارئ في مستشفى "أتريوم هيلث ليفين للأطفال"، بشارلوت في ولاية نورث كارولينا الأمريكية: "تعتمد سرعة إصابتك بالبرد على درجة الحرارة، لكنّ ذلك قد يحدث بسرعة كبيرة أيضًا".
وقد تتراوح الأعراض بين خفيفة وحادة، لذلك من المهم معرفة كيفية انخفاض حرارة الجسم وملمسه لتجنّب حدوث مضاعفات خطيرة.
ما تأثير انخفاض حرارة الجسم عليك؟
يُصاب الفرد بانخفاض حرارة الجسم عندما يفقد الحرارة بشكل أسرع ممّا يمكنه إنتاجها، ما يؤدي إلى استهلاك كل الطاقة التي قام الجسم بتخزينها للحفاظ على دفئه.
وبحسب المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC)، تبلغ درجة حرارة الجسم الطبيعية عادة حوالي 98.6 درجة فهرنهايت (37 درجة مئوية). وتبدأ الأعراض عندما تنخفض درجة حرارة الجسم الأساسية إلى أقل من 95 درجة (35 درجة مئوية).
أوضحت الدكتورة إيفلين هوانغ، طبيبة طب الطوارئ في مستشفى نورث وسترن ميموريال بشيكاغو، إن خلل التنظيم هذا يجعل من الصعب على الجهاز العصبي، والقلب، والأعضاء الأخرى العمل بشكل صحيح.
وتابعت: "مع انخفاض حرارة الجسم الخفيفة، تظهر أعراض مألوفة أكثر لدى الناس، وتشمل الارتعاش، والشعور بالتعب قليلًا، أو بقليل من الارتباك".
ولفتت هوانغ إلى "أنّك قد تشعر بأعراض مثل النعاس المفرط، وقد يبدأ معدل ضربات قلبك بالانخفاض، وقد تتوقف عن الارتعاش".
ويبدأ انخفاض حرارة الجسم الشديد عندما تصبح درجة حرارة الجسم الأساسية 82 درجة فهرنهايت (27،7 درجة مئوية) وما دون، بحسب ما ذكرته هوانغ. وتشمل الأعراض الجلد المزرق، واتساع حدقة العين، وبطء النبض والتنفس، وانخفاض ضغط الدم، وفقدان الوعي.
في الحالات الشديدة، قد يتوقف قلب الشخص عن النبض، وقد يحتاج إلى الإنعاش القلبي الرئوي. وأشارت هوانغ إلى أنه يتوجب نقله حينها الى المستشفى في أسرع وقت ممكن.
متى تقصد المستشفى؟
شرحت هوانغ أنّ انخفاض حرارة الجسم الخفيف لا يتطلب عادةً زيارة المستشفى، ويمكن زيادة الحرارة من خلال أخذ قسط من الراحة في مكان دافئ، وخلع أي ملابس مبلّلة، وتغطية الجسم ببطانية دافئة.
وأعطت مثالًا، أنه في حال "كنت في الخارج، وشعرت أن الجو بارد حقًا، وأنك ترتعش قليلاً، ثم دخلت إلى المنزل وشعرت أنك عدت إلى طبيعتك تمامًا، فلن تحتاج حينها للذهاب إلى المستشفى".
لكن إذا كنت تعاني من ارتباك، أو صعوبة بالمشي، أو تشعر بأنك لست على طبيعتك، فيجب عليك التوجه إلى المستشفى، أو الاتصال برقم الإسعاف.
إذا لم تتمكّّن من الوصول إلى المستشفى على الفور، تنصح المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC) بالبحث عن غرفة دافئة أو مأوى، وخلع أي ملابس مبلّلة عنك، ثمّ تدفئة منتصف الجسم أولاً، والصدر والرقبة والرأس، مع ملامسة الجلد للجلد إن أمكن، تحت طبقات جافة وفضفاضة. ويمكن أن تساعد المشروبات الدافئة أيضًا في رفع درجة حرارة الجسم.
العلاج داخل المستشفى
في المستشفى، يمكن أن يختلف علاج انخفاض حرارة الجسم اعتمادًا على درجة حرارة الشخص الأساسية، وفقًا لما ذكرته هوانج.
ويستخدم العاملون في المستشفى بطانيات التدفئة، ووسادات كبيرة مملوءة بالهواء الدافئ توضع فوق الشخص، بالإضافة إلى السوائل الدافئة التي يتم توصيلها عن طريق الوريد.
وأشارت ماكنيل إلى أنّه يمكن القيام بالمزيد من الإجراءات الجراحية في الحالات الشديدة.
وقالت: "أفضل ما يمكنك فعله هو إخضاعهم للأكسجة الغشائية خارج الجسم، حيث يمكنك تجاوز الدورة الدموية، وتدوير الدم من خلال آلة تسخين لتدفئة درجة الحرارة الأساسية".
عواقب طويلة المدى
اعتبرت ماكنيل أن أشد عواقب انخفاض حرارة الجسم تتمثل بالموت، وعادةً ما يكون ذلك بسبب قصور القلب.
وأضافت ماكنيل: "من الممكن أن تموت بالتأكيد بسبب انخفاض حرارة الجسم لأننا لا نستطيع إعادة تدفئتك. ويُصبح معدل ضربات قلبك بطيئًا للغاية، أو يتوقف قلبك لأنه بارد جدًا بحيث لا يتمكن من أداء وظائفه".
وتعقب هوانغ قائلة إنه لهذا السبب، يجب على الأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم بأمراض القلب البقاء في الداخل عندما يكون الجو باردًا جدًا.
وذكرت ماكنيل أنه يمكن أن يؤدي انخفاض حرارة الجسم الشديد أيضًا إلى تلف الكبد والكليتين، موضحة أن "الكلى تتضرّر بشدة بسبب انخفاض حرارة الجسم. وذلك لأن الأوعية الدموية تنقبض لمحاولة الحفاظ على تدفق الدم مركزيًا. وعندما ينقبض تدفق الدم إلى الكليتين، يمكن أن يكون ذلك مضرّا بهما".
البعض قد يعاني من خطر أعلى
يقول الخبراء إن الرضّع وكبار السن يتعرضون بشكل متزايد لخطر انخفاض حرارة الجسم، لأنهم يواجهون صعوبة في الحفاظ على درجات حرارة الجسم الأساسية، ويميلون إلى إنتاج حرارة جسم أقل.
ويتعرض كبار السن الذين لديهم إصابة بالخرف أو مرض الزهايمر بشكل خاص لانخفاض حرارة الجسم المعتدل إلى الشديد، لأنهم لن يتمكنوا ربما من تقييم ما إذا كانوا يشعرون بالمرض، أو يحتاجون إلى رعاية طبية.
وبحسب المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها، يعيش حوالي 1 من كل 4 أشخاص مصابين بالخرف بمفردهم. وإذا كان لديك أصدقاء أو جيران تفوق أعمارهم الـ65 عامًا، فيجب عليك تفقدهم بشكل متكرر عندما يكون الجو باردًا للتأكد من أن منازلهم تتمتع بالتدفئة الكافية التي يجب أن تتراوح بين 68 و70 درجة فهرنهايت.
وبالمثل، من الصعب تشخيص إصابة الأطفال الصغار بانخفاض حرارة الجسم، بحسب ما ذكرته ماكنيل، لأنهم قد لا يتمكنون من التعبير عن ذلك.
اتخاذ الاحتياطات اللازمة
قال الخبراء إن خطر انخفاض حرارة الجسم يرتفع عندما تنخفض درجة الحرارة داخل المنزل إلى أقل من 50 درجة فهرنهايت (10 درجات مئوية) لفترة طويلة من الزمن، لذلك من المهم الحفاظ على منزلك دافئًا قدر الإمكان.
تنصح المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها بعدم استخدام المولدات أو المدافئ العاملة على الغاز أو الفحم أو مواقد الحطب داخل منزلك، لأنها قد تراكم أول أكسيد الكربون، وقد يقتلك الغاز عديم الرائحة واللون.
عند الخروج في الهواء الطلق، قم بارتداء ملابس دافئة وجافة، مع التركيز بشكل خاص على حماية أذنيك، وأنفك، وخديك، وأصابع قدميك، ويديك، لتجنب انخفاض حرارة الجسم، وكذلك قضمة الصقيع. قد تتطور الحالة الأخيرة عندما تضيق الأوعية الدموية، وتنخفض درجة حرارة الجلد.
تشمل أعراض قضمة الصقيع الجلد الأبيض أو الأصفر المائل إلى الرمادي، والشعور بصلابة غير عادية وخدر في المنطقة المصابة.
إذا أصبت أنت أو أي شخص تعرفه بقضمة الصقيع ولم تكن الرعاية الطبية الفورية متاحة، فإن المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها تنص بتوصياتها على ضرورة الدخول إلى غرفة دافئة في أقرب وقت ممكن وغمر المنطقة في الماء الدافئ، وليس الساخن.