دراسة: الأطعمة فائقة المعالجة ترتبط بأمراض القلب والسكري والاضطرابات العقلية والموت المبكر

علوم وصحة
نشر
8 دقائق قراءة
gettyimages-451444088-1.jpg
Credit: Matt Cardy/Getty Images

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يزيد تناول الأطعمة فائقة المعالجة من خطر الوفاة أو يؤدي إلى الوفاة نتيجة عشرات الحالات الصحية الضارة، بحسب ما توصلت إليه مراجعة جديدة لـ45 تحليلًا تلويًّا شملت قرابة 10 ملايين شخص.

وقال كبير الباحثين وولفغانغ ماركس، الذي يشغل أيضًا منصب زميل أبحاث أوّل لدى مركز الغذاء والمزاج في جامعة ديكين في جيلونغ بأستراليا، لـCNN: "لقد وجدنا أدلة ثابتة تربط بين تناول كميات أكبر من الأطعمة فائقة المعالجة وأكثر من 70% من 45 نتيجة صحية مختلفة قمنا بتقييمها". 

وأشار هاينز فريسلينغ، العالم في فرع التغذية والتمثيل الغذائي بالوكالة الدولية لأبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية، لـCNN، إلى أنّه تمّ النظر في تناول كمية أكبر بحوالي حصة واحدة أو حوالي 10٪ أكثر من الأطعمة فائقة المعالجة يوميًا.

وأضاف فريسلينغ، غير المشارك في الدراسة: "يمكن اعتبار هذه النسبة بمثابة خط الأساس، وللأشخاص الذين يستهلكون أكثر من خط الأساس هذا، يزيد الخطر لديهم".

صنّف الباحثون كل دراسة على أنها ذات مصداقية أو قوية، أو موحية للغاية، أو موحية، أو ضعيفة أو سيئة. وقال المؤلفون إن جميع الدراسات الواردة في المراجعة نُشرت في السنوات الثلاث الماضية، ولم يتم تمويل أي منها من قبل الشركات المشاركة في إنتاج الأطعمة فائقة المعالجة.

ولفتت المؤلفة الرئيسية للدراسة الدكتورة ميليسا لين، وهي زميلة أبحاث ما بعد الدكتوراه في جامعة ديكين: إلى أن "الأدلة القوية تُظهر أن تناول كميات أكبر من الأطعمة فائقة المعالجة كان مرتبطًا بنسبة 50٪ تقريبًا من ارتفاع خطر الوفاة المرتبط بأمراض القلب والأوعية الدموية، والاضطرابات العقلية الشائعة". وتشمل أمراض القلب والأوعية الدموية النوبات القلبية والسكتة الدماغية، وانسداد الشرايين، وأمراض الشرايين الطرفية.

وبحسب الدراسة المنشورة في مجلة BMJ الأربعاء، ثمة أدلة مقنعة على أن تناول كميات كبيرة من الأطعمة فائقة المعالجة مقارنة مع التخفيف من تناولها، قد يزيد من خطر القلق بنسبة تصل إلى 53%، وخطر الوفاة المبكرة لأي سبب بنسبة 20%.

وأوضحت فانغ فانغ تشانغ، عالم أوبئة السرطان، والأستاذة المساعدة، ورئيسة قسم علم الأوبئة الغذائية وعلوم البيانات في جامعة تافتس ببوسطن، غير المشاركة في البحث الجديد أنه "ليس مستغربًا أنّ هناك الكثير من الدراسات التي تشير إلى وجود علاقة إيجابية بين استهلاك الأغذية فائقة المعالجة وخطر نتائج الأمراض المختلفة". 

وأشارت تشانغ إلى أنّ "الأطعمة فائقة المعالجة غنية بالسعرات الحرارية، والسكر المضاف، والصوديوم، وقليلة الألياف. ومعلوم أن كل هذه العوامل تساهم في النتائج الصحية للقلب، وزيادة الوزن، والسمنة، والسكري من النوع الثاني، وارتفاع ضغط الدم". 

ومع ذلك، شككت تشانغ بنتائج دراسات القلق والاكتئاب التي تميل إلى إجرائها فقط على أولئك الذين تم تشخيص إصابتهم بهذه الحالات بالفعل.

وقالت: "الأشخاص الذين يعانون من أعراض الاكتئاب أو القلق قد يبحثون عن الأطعمة فائقة المعالجة لأسباب مختلفة مثل الراحة الذاتية. قد لا يكون تناول الأطعمة فائقة المعالجة يعرضك لخطر الإصابة بالاكتئاب - لا يمكننا معرفة ذلك".

تأثير متفاوت على بعض الحالات الصحية

ووجد الباحثون أدلة موحية للغاية على أن تناول المزيد من الأطعمة فائقة المعالجة يزيد من خطر السمنة بنسبة 55%، واضطرابات النوم بنسبة 41%، والإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بنسبة 40%، وخطر الاكتئاب بنسبة 20%.

ولكن الأدلة بحسب التحليل كانت محدودة، واقتصرت على وجود علاقة بين تناول الأطعمة فائقة المعالجة والربو، وصحة الجهاز الهضمي وعوامل الخطر المتعلّقة بأمراض القلب والأوعية الدموية، مثل ارتفاع نسبة الدهون في الدم، وانخفاض مستويات البروتين الدهني عالي الكثافة "الجيد"، أو الكولسترول الجيد.

إلى ذلك، لم تجد الدراسة سوى أدلة موحية على وجود علاقة بين الأطعمة فائقة المعالجة والسرطان. وهذا أمر مثير للدهشة، وفقا لما ذكرته تشانغ التي بحثت في دور الأطعمة فائقة المعالجة والسرطان.

وأوضحت: "السمنة تشكّل عامل خطر لـ13 نوعا من السرطان"، لافتة إلى أن الأطعمة فائقة المعالجة تزيد الوزن، والسمنة تزيد من خطر الإصابة بالسرطان. وفي دراسة شاركت بتأليفها في أغسطس/أب 2022، وجدت تشانغ أن الرجال الذين تناولوا الأطعمة فائقة المعالجة من أي نوع كانوا أكثر عرضة للإصابة بسرطان القولون والمستقيم بنسبة 29٪.

وقالت ماتيلد توفييه، المؤلفة المشاركة في الدراسة، ومديرة الأبحاث في المعهد الوطني الفرنسي للصحة والأبحاث الطبية، وهي منظمة بحثية عامة، إن أحد أسباب هذه النتيجة غير المتوقعة أن الأبحاث المتعلقة بالأغذية فائقة المعالجة لا تزال في بداياتها.

وأشارت توفييه، التي تشغل منصب الباحثة الرئيسية في مجموعة "NutriNet-Santé"، وهي دراسة طويلة الأمد حول العلاقة بين التغذية والصحة: "نحن بالتأكيد بحاجة إلى المزيد من الدراسات حتى نتمكن من رفع مستوى الأدلة المتعلقة بالسرطان على سبيل المثال".

وأوضحت أنّ الأمر "ليس نتيجة لعدم وجود شيء هناك، بل لأننا بحاجة إلى مزيد من البحث".

كيف تصنع الأطعمة فائقة المعالجة؟ 

وقال الباحث في مجال التغذية الدكتور كارلوس مونتيرو، رئيس مركز الدراسات الوبائية في الصحة والتغذية بجامعة ساو باولو في البرازيل،غير المشارك في البحث، إن الأطعمة فائقة المعالجة هي أكثر بكثير من مجرد أطعمة "معدلة". 

وذكر مونتيرو، أستاذ التغذية والصحة العامة، في مقال افتتاحي مرفق أنها "تركيبات من مكونات رخيصة يتم التلاعب بها كيميائيًا في كثير من الأحيان، مثل النشويات المعدلة، والسكريات، والزيوت، والدهون، وعزلات البروتين، مع إضافة القليل من الطعام الكامل، إن وجد".

صاغ مونتيرو مصطلح الأغذية فائقة المعالجة في عام 2009، عندما قام بتطوير نظام NOVA لتصنيف الأطعمة إلى أربع فئات.

  •  تتكوّن المجموعة الأولى من الأطعمة غير المصنعة أو ذات الحد الأدنى من المعالجة، مثل الفاكهة والخضار والبيض والحليب.
  •  المجموعة الثانية تشمل مكونات الطهي، مثل الملح والأعشاب والزيوت، وما شابه ذلك. 
  • المجموعة الثالثة تتضمن الأطعمة المصنعة التي تجمع بين المجموعتين الأولى والثانية، ومن الأمثلة على ذلك السلع المعلبة والخضار المجمّدة. 
  • المجموعة الرابعة تضم الأطعمة فائقة المعالجة التي قال مونتيرو إنها تُصنع بنكهة لذيذة وجذابة باستخدام مجموعة من النكهات الاصطناعية، والألوان، والمكثفات، والمواد المضافة الأخرى التي "تم ربطها من خلال الأدلة التجريبية والوبائية بالاختلالات في الكائنات الحية الدقيقة في الأمعاء والالتهابات الجهازية".

وكتب مونتيرو في المقال الافتتاحي: "ما من سبب للاعتقاد بأن البشر يمكنهم التكيف بشكل كامل مع هذه المنتجات. قد يتفاعل الجسم معها على أنها عديمة الفائدة أو ضارة، وبالتالي قد تضعف أنظمته أو تتضرر، اعتمادًا على مدى تأثيرها وكمية الأطعمة فائقة المعالجة المستهلكة".