دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- معلومٌ أنّ محاولة تخيّل خواريف بيضاء سمينة، تقفز واحدة تلو الأخرى فوق السياج، علاج معروف للأرق.
إذا كانت الفكرة بأن تضجر فتنام، فلِمَ لا تمارس العدّ التنازلي كما تفعل عندما تخضع للتخدير؟ ومن قرّر عدّ الأغنام وليس أرانب، أو خيول، أو ضفادع عملاقة، أو حيوانات الكنغر؟
يفترض أن يقدم التاريخ الإجابة على هذه الأسئلة. إذ قيل إنها كانت وسيلة رعاة العصور الوسطى الذين كانوا من دون رفقة بشرية لأسابيع، فكانوا يعدّون أغنامهم كل ليلة حتى النعاس.
ما هو جليّ، أنّ مفهوم عدّ الأغنام للنوم قديم جدًا لدرجة أنّه ورد في مجموعة قصص قصيرة من القرن الثالث عشر بعنوان "Cento Novelle Antiche". في إحدى الروايات، كان أحد الراوئيين في خدمة السيد أزولينو يشعر بالنعاس الشديد لدرجة أنه روى لسيده قصة مزارع يحاول نقل قطيع من الأغنام عبر نهر هدّار في قارب صغير.
قال الراوي: "فقفز بغنمة واحدة، وبدأ يجدّف بكل قوته. كان النهر واسعًا، لكنه جدف وجدف بعيدًا..".
توقف الراوي عن الكلام أثناء نومه، فأيقظه سيده لإنهاء الحكاية.
وأجاب الراوي قبل أن تغطّ عيناه مجدًا: "دعه يتجاوز النهر مع بقية الغنم لأنه سيستغرق عامًا بالحد الأدنى، وفي هذه الأثناء قد تستمتع فخامتك بنوم مريح للغاية".
تم سرد الحكاية ذاتها في عمل سابق من القرن الثاني عشر بعنوان "Disciplina Clericalis"، وأصبحت حتى جزءًا من رواية القرن السابع عشر "دون كيشوت"، في هذه النسخة فقط، يطلب سانشو بانزا، مرافق دون كيشوت، منه أن يعد الماعز، وليس الأغنام.
وقال بانزا: "من الأفضل أن تتابع عدد الماعز التي يحملها الراعي، يا مولاي، لأننا إذا نسينا واحدة ستكون نهاية القصة، ولن يكون بوسعي قول كلمة إضافية".
هل عد الأغنام ينجح؟
فهل عد الأغنام يساعدك حقًا على النوم؟ في بحث بسيط تجريه على الإنترنت ستقع على دراسة وضعت عام 2002، حول مكافحة الأرق، وضعت هذا المفهوم تحت الاختبار.
وقالت أليسون هارفي، أستاذة علم النفس ومديرة عيادة غولدن بير لأبحاث النوم والمزاج في جامعة كاليفورنيا ببيركلي، إن هذا لم يكن الهدف من البحث في الواقع. وأضافت: "لم تكن دراستنا منذ أكثر من 20 عامًا تتعلّق بإحصاء الأغنام. وأضافت هارفي التي أجرت البحث عندما كانت أستاذة علم النفس في جامعة أكسفورد: "كان الأمر يتعلّق فقط باستخدام الصور لمحاربة الأرق".
ووزّعت هارفي 50 شخصًا على ثلاث مجموعات. وأشارت إلى أنه لم تُعطَ المجموعة الأولى تعليمات حول كيفية النوم، فيما طُلب من أعضاء المجموعة الثانية أن يصرفوا انتباههم عن الأفكار والهموم والمخاوف بأي طريقة يريدونها. وتم توجيه المجموعة الثالثة لأداء مهمة تصويرية مثيرة للاهتمام وجذابة، مثل إنشاء أو تذكر مرج، أو شلال، أو عطلة، أو فترة ما بعد الظهيرة في الصيف تحت أشعة الشمس.
أفاد أولئك الذين استخدموا الصور أنهم ناموا بشكل أسرع بكثير من المجموعتين الأخريين، وصنّفوا أفكارهم ومخاوفهم واهتماماتهم على أنها أقل إزعاجًا من الأشخاص الموجودين في مجموعة الإلهاء، أو الذين لم يتلقوا تعليمات.
وحصل بالفعل أنّ اعتبر اثنان من المشاركين في الدراسة في مجموعة الإلهاء، الأغنام وسيلة للنوم "وبطريقة ما تمسّك الناس بذلك، ربما لأنهم اعتقدوا أن الأمر كان ممتعًا".
ورغم أنها لم تدرس في الواقع عدّ الأغنام كوسيلة للتغلّب على الأرق (وليست على علم بأي دراسات أخرى قامت بذلك)، إلا أن هارفي لديها رأي يستند إلى السنوات التي قضتها تمارس مهنتها كاختصاصية نوم.
وأوضحت أن "أمرًا عاديًا مثل عد الأغنام عادة لا يفي بالغرض. عوض ذلك، تضع مع الأشخاص قائمة من الخيارات، لأن كل شخص مختلف ولن يكون هناك خيار واحد ملائم دومًا".
ما الطرق الناجحة للاستسلام للنوم؟
هناك طرق مدعومة علميًا لمساعدة نفسك على إفراغ عقلك والنوم. ولفتت هارفي إلى أنّه بعد مرور أكثر من 20 عامًا، لا يزال استخدام خيالك النصيحة الأهم.
وتاليًا توصياتها الأخرى:
تخيّل الاسترخاء: إنّ تصور بيئة ممتعة وجذابة ينجح كثيرًا، ويكون أفضل عندما تتشارك جميع الحواس الخمس.
وقالت: "حاول أن تجعل تخيّلك حيًا قدر الإمكان من خلال سؤال نفسك عمّا تراه، وتسمعه، وتشمّه، وإذا كان الأمر قابلًا للتطبيق، فما الذي تتذوقه؟".
الامتنان: معروف أنّه يعزّز السعادة، كما أن عدّ النعم التي تحصل عليها يُعتبر أيضًا وسيلة جيدة للاسترخاء والنوم، بحسب الأبحاث.
وتقترح هارفي تذكّر ثلاثة أمور في حياتك تشعر بالامتنان لها، ثم قولها لنفسك قبل النوم.
التمتّع: وهو متّصل بالامتنان، التمتّع يدور حول استعادة لحظة رائعة من يومك. ونصحت هارفي بتذكّر ما حدث، وكيف شعرت، ودع نفسك تنعم بتلك المشاعر الطيبة لتشجيعك على النوم.
من الأفضل القيام بالاقتراحات الثلاثة التالية قبل أن تضع رأسك على الوسادة، وتتمحور جميعها حول التحكم بالقلق، واجترار الأفكار.
حل المشاكل: حدد وقتًا قبل أن تضع رأسك على المخدة لالتقاط قلم ورسم خانتين على ورقة. قم بتسمية الجزء العلوي من أحد الخانتين بـ"المخاوف" وعنون الخانة الثانية "الحلول".
قم بإدراج المشاكل التي تعاني منها أو ما يقلقك في الجانب المتعلق بالمخاوف ثم قم بطرح الأفكار حول بعض الحلول المحتملة. إن تدوينها على الورق يحرر عقلك من اجترارها.
تدوين اليوميات: قالت هارفي إنّ الاحتفاظ بمذكرة يومية لا يجب أن يركّز على حل المشاكل، رغم أنه قد يكون كذلك. يمكن أن يكون مكانًا لتوثيق النعم والذكريات اليومية التي تريد استرجاعها لاحقًا، أو مجرد وسيلة للتعبير عن نفسك.
وقت القلق: لست كاتبا بطبيعتك؟ حسنًا، يمكنك قبل بضع ساعات من وقت النوم للتخلّص من القلق و(نأمل) التوصّل إلى حلول. قد يؤدي القيام بذلك إلى إخراجها من رأسك قبل أن تضعه على الوسادة، ما يسمح لك بالنوم من دون عدّ الأغنام.