قسائم الهدايا.. هل يمكنها المساهمة في حل إدمان المخدرات؟

علوم وصحة
نشر
7 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- كافح كلايد ديفيس إدمانه على الميثامفيتامين والهيروين لأكثر من 9 سنوات، وجرّب برامج علاجية مختلفة، ولكن لم تنجح أي منها قبل استنفاد حد المنفعة الأقصى للتأمين الصحي الخاص به.

وقال ديفيس: "كنت أحاول أن أموت، وكنت أُعرِّض نفسي للعذاب لأنني لم أشعر أنني أستحق العيش والشعور بالسعادة".

وقبل ثلاث سنوات، أصبح ديفيس أحد المشاركين الأوائل في برنامج جديد لإدارة الطوارئ في "مؤسسة ريمروك" (Rimrock Foundation)، أي أقدم مركز غير ربحي لعلاج الإدمان في ولاية مونتانا الأمريكية.

قسائم الهدايا.. هل يمكنها المساهمة في حل إدمان المنشطات؟
عانى كلايد ديفيس من الإدمان لـ9 أعوام تقريبًا. Credit: Courtesy Clyde Davis

وتستخدم إدارة الطوارئ التعزيز الإيجابي كعلاج سلوكي لإدمان المنشطات.

ويُكافأ  الأشخاص ببطاقات الهدايا، أو قسائم بسيطة القيمة في مقابل تقديم اختبارات البول ذات نتائج سلبية عند اختبارها للكشف عن المنشطات.

وأظهرت عقود من الأبحاث أنّ هذا هو العلاج الأكثر فعالية لإدمان المنشطات، ولكنه لم يُطبَّق على نطاقٍ واسع بسبب العوائق المتعلقة بالسياسات، ووصمة العار. والبرنامج غيّر اللعبة بالنسبة لديفيس، والذي أكّد أنّ المكافآت والمشورة منحته الأمل، وجعلته أكثر استعدادًا لقبول المساعدة.

وأوضح: "تمكنت من شراء بعض الملابس لنفسي، وبعض الطعام".

وحفزه ذلك على الظهور باستمرار، والاستمرار بمنح نتائج الاختبارات السلبية.

وتخرج ديفيس من البرنامج الذي استمر 12 أسبوعًا بنجاح، وامتنع عن تعاطي المخدرات منذ ذلك الحين، حيث يعمل الآن كتقني إعادة تأهيل في مؤسسة "ريمروك"، إلى جانب أشخاص قال إنّهم ساهموا في إنقاذ حياته.

والمنشطات هي فئة من الأدوية التي تعمل على تسريع أجهزة الجسم، ويمكنها أن تؤدي إلى زيادة اليقظة، والطاقة، والشعور بالنشوة. 

وقد تسبب هذه الأدوية الإدمان بشكلٍ كبير لأنّها تغمر الدماغ بالدوبامين، وتؤثر على أنظمة المكافأة، وفقًا لما ذكره تقرير صادر عن إدارة خدمات تعاطي المخدرات والصحة العقلية.

وتلعب المنشطات غير المشروعة، مثل الميثامفيتامين، والكوكايين، دورًا متزايدًا  في أزمة الجرعات الزائدة الوطنية في أمريكا. وأطلق عليها الخبراء اسم "الموجة الرابعة" من وباء المواد الأفيونية.

قسائم الهدايا.. هل هي حل لإدمان المنشطات؟
يعمل ديفيس الآن كتقني في مجال إعادة التأهيل بعد تعافيه. Credit: Courtesy Clyde Davis

وتُظهر البيانات الصادرة عن المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC) أنّ الوفيات الناجمة عن جرعات الكوكايين الزائدة في الولايات المتحدة زادت بأكثر من 5 أضعاف، بينما زادت الوفيات الناجمة عن جرعات الميثامفيتامين الزائدة بأكثر من 14 ضعفًا بين عامي 2011 و 2021. 

وفي عام 2021، توفي أكثر من 106 آلاف شخص بسبب جرعة زائدة من المخدرات في الولايات المتحدة، وكان أكثر من نصف عدد هذه الوفيات نتيجة المنشطات.

وأفاد أستاذ الصحة المجتمعية والسلوكية في كلية "إلسون فلويد" للطب بجامعة ولاية واشنطن، مايكل مكدونيل، أنّ الفاعلية المتزايدة للمنشطات هي من العوامل التي تساهم في ارتفاع حالات الوفاة الناجمة عن الجرعات الزائدة من المنشطات.

وهناك عامل آخر، أي الاستخدام المتزايد للمنشطات والمواد الأفيونية في الوقت ذاته.

ورُغم توفر علاجات قائمة على الأدوية ( مثل الميثادون والبوبرينورفين) المعتمدة من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) لإدمان المواد الأفيونية، إلا أنّه لا توجد علاجات كهذه لإدمان المنشطات.

كيف تعمل إدارة الطوارئ؟

إدارة الطوارئ هي العلاج السلوكي الأكثر فعالية لإدمان المنشطات، ولكنها لا تزال غير مستغلَّة بالقدر الكافي، بحسب ما ذكرته وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية.

وقال نائب مدير الصحة العقلية الوطنية لاضطرابات تعاطي المخدرات في " Veterans Health Administration"،  دومينيك دي فيليبس إن "هناك واجب أخلاقي لجعل هذا العلاج الفعال للغاية متاحًا للمرضى، إذ يمكنه أن ينقذ الأرواح".

ويُشجِّع هذا العلاج على الامتناع عن المنشطات باستخدام التعزيز الإيجابي. 

وفي تجارب سريرية عدة، أثبت هذا النهج فعاليته المرتفعة في مواظبة المدمنين على المنشطات لتلقي العلاج، وتقليل تعاطيهم للمخدرات على المديين القصير والطويل.

وتختلف أنظمة البرنامج، ولكنه يدوم غالبًا لـ12 أسبوعًا، ويُطلب من المشاركين تقديم اختبارين لتحليل المخدرات في البول أسبوعيًا.

وعندما يقدم أحد المشاركين نتيجة اختبار سلبية، فإنّه يحصل على مكافأة على شكل قسيمة أو بطاقة هدايا تتراوح قيمتها بين 5 دولارات و25 دولارًا. 

وتوضع قيود على المكافآت، إذ لا يمكن للمشاركين شراء الأسلحة النارية، أو الكحول، أو المخدرات الأخرى، أو أي شيء متعلق بالمقامرة.

وأشار دي فيليبس إلى أنّ البرامج تقوم بزيادة مبلغ المكافأة غالبًا لتشجيع استمرار هذا السلوك.

وعندما يتعرض دماغ شخص ما للمنشطات بشكلٍ مزمن، تصبح مراكز المكافأة الخاصة به مختلة وظيفيًا إلى درجة عدم إمكانية الشعور بالمتعة نتيجة الأنشطة اليومية، مثل التواجد مع الأحباء، أو تناول وجبة طعام جيدة. 

ومع ذلك، فقد أظهرت الأبحاث أنّه يمكن للدماغ أن يتعافى عند منحه وقتًا بعيدًا عن هذه المواد.

ويدير دي فيليبس برنامج إدارة الطوارئ لإدمان المنشطات التابع لـ"Veterans Health Administration" منذ عام 2011، إذ قال إنّ البرنامج عالج أكثر من 6،800 مشارك، وكانت النتائج مماثلة لما تعكسه الأبحاث. 

وأضاف إنّه من بين أكثر من 88 ألف اختبار للبول تم تقديمه، كانت نتيجة أكثر من 92% من هذه الاختبارات سلبية.

عوائق التنفيذ

رغم أن نهج إدارة الطوارئ غيّر حياة ديفيس، إلا أنّ هذا العلاج ليس الحل الأمثل لكل من يعاني من إدمان المنشطات.

ورأت مديرة المعهد الوطني لتعاطي المخدرات، الدكتورة نورا فولكو، أنّ الجمع بين إدارة الطوارئ والأساليب الأخرى، مثل برامج تعزيز المجتمع، يمكن أن يحسن النتائج على المدى الطويل.

وأشارت إلى أنّ العلاج عبر نهج إدارة الطوارئ تعرض لانتقادات لكونه حلاً قصير الأجل، ولا يؤدي إلى تعافي طويل الأجل.

ورُغم وجود دراسات أظهرت أنّه فعال في تقليل تعاطي المخدرات لمدة تصل إلى عام واحد، لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لتقييم وتحسين فعالية هذا النهج على المدى الطويل.

وأكّد ماكدونيل أن وصمة العار تميل إلى التلاشي بمجرد أن يتعلم الناس المزيد عن هذا النهج وفوائده.