دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- خلال السنوات الأخيرة، قبل قيود السفر المفروضة بسبب أزمة فيروس كورونا، أصبحت تايلاند وجهة رائدة لمرضى الإدمان من جميع أنحاء العالم.
وفي معبد "Thamkrabok" البوذي، الذي يقع على بعد 140 كيلومتراً شمال بانكوك، تتوفر طرق مبتكرة لعلاج إدمان المخدرات.
ويعد معبد "Thamkrabok" مجمع مترامي الأطراف من المعابد ذات الأعمدة البيضاء، والمزينة بتماثيل بوذا ضخمة مصنوعة من حجر الحمم السوداء، كما يضم العديد من الأكواخ الصغيرة التي تُستخدم لإيواء الرهبان والراهبات.
وهناك يمكنك مشاهدة 50 رجلاً يرتدون رداء أحمر يحمل عبارة "تغلبوا"، وهم يجلسون في وضعية الركوع داخل مجمع بأسقف ذهبية، ويتعرقون تحت أشعة الشمس في منتصف النهار.
ويقوم المختص بالأعشاب داخل المعبد بتوزيع أقداح بداخلها سائل بني سميك، حيث يُجبر الأشخاص على شرب السائل بالكامل، ويبتلعه الرجال بصعوبة واضحة، يبنما يقرع المرضى الذين تعافوا على آلة الصنج، ثم تتوقف الموسيقى، ويبتلع الرجال الذين يركعون أكواباً كبيرة من المياه، ويبدأون في التقيؤ في المزراب.
ومن بين الجالسين، يمكن أن ترى رجلاً إيرلندياً يخفي محياه لسنوات بسبب تعاطي المخدرات، وهو يحاول التقيؤ في المزراب، بينما يجلس إلى جانبه مراهق تايلاندي يرتجف من أعراض انسحاب منشط الميثامفيتامين.
وتقول الراهبة البوذية البريطانية ماي شي كاتريشا، التي كانت مدمنة هيرويين سابقاً، وتتولى مسؤولية المرضى الأجانب: "لدينا عادة حوالي 50 مدمناً على المخدرات والكحول".
ويخضع بعض مرضى الإدمان إلى علاجات جذرية لتنقية الجسم من السموم، مثل تلك المعروضة في معبد "Thamkrabok"، بينما يختار البعض الآخر التوجه إلى مراكز إعادة التأهيل الفاخرة في الجبال الشمالية المكسوة بالأدغال.
وتقدم هذه المرافق بديلاً بثمن غير مكلف نسبياً للعلاجات على الإدمان. ولكن بعض الخبراء يحذرون من أن إزالة السموم في بيئة مدارية بعيدة عن المنزل يمكن أن تكون خطيرة، وتزيد من خطر الانتكاس.
وصفة سرية للتخلص من السموم
وتأسس المعبد في أواخر الخمسينيات من قبل الراهبة المحلية لوانغ بوه ياي وابني شقيقها، وسرعان ما تحول إلى مركز لعلاج الإدمان.
وتحول أحد أوائل الأجانب الذين شقوا طريقهم إلى "Thamkrabok" في السبعينيات من القرن الماضي إلى راهب ورعٍ للمرضى من الغرب الذين بدأوا في التدفق إلى بوابات المعبد، بعد سماعهم عن برامج إعادة التأهيل الراديكالية المقدمة هناك.
وفي التسعينيات، بدأت المنظمات في المملكة المتحدة وأستراليا في إرسال متعاطي المخدرات إلى المعبد. أما اليوم، فيعرف معظم القادمين إلى المعبد عن المكان من خلال الإنترنت.
ويجب على المرضى الأجانب الالتزام بقضاء سبعة أيام على الأقل في "Thamkrabok". بصرف النظر عن تكاليف الطعام الأساسية، التي تبلغ حوالي 20 دولاراً في اليوم، فلا يتعين عليهم دفع أي شيء.
ويقول بيتر سوبارو، وهو راهب بريطاني أتى إلى الدير في عام 2002 وأصبح يعيش هناك لفترات منذ ذلك الحين، أنه "بينما يدمن السكان المحليين في الغالب على الميثامفيتامين الكريستالي واليابا (حبوب تحتوي على الميث والكافيين)، فإن الأجانب يتعاطون مزيجاً من الهيرويين والكوكايين والميثامين والكحول".
ويمكن أن يكون التخلص من السموم عملية خطيرة، خاصةً بالنسبة لمدمني الكحول الذين يخاطرون بحدوث نوبة قلبية ومدمني الميثامفيتامين الذين يعانون غالباً من جنون العظمة والقلق الشديد.
ولتجنب وقوع مثل هذه المشاكل، يطلب المعبد من جميع مرضى إدمان الكحول لديهم أن يخضعوا لعلاج التخلص من السموم في المستشفى قبل الوصول إلى المعبد، مما يسمح لهم بالتركيز على التحكم في رغباتهم من خلال الصلاة والتأمل.
وفي كل صباح، يطلب منهم إنجاز سلسلة من الأنشطة المتعلقة بالعمل، فمنهم من يكنس الأرضيات، ومنهم من يصنع الطوب. وفي منتصف النهار، يتوجهون إلى حمام بخار بدائي، والذي تنبعث منه رائحة قوية من السترونيلا، ومن ثم يحين موعد مراسم التطهير.
ويشرح سوبارو أن "التقيؤ يساعد على طرد السموم من الجسم"، مضيفاً أنهم وجدوا أن ذلك يساعد كثيراً في أعراض انسحاب السموم من الجسم.
وتتكون جرعة القيء من 108 نوع من الأعشاب من الإنتاج المحلي، وفقاً للمختص بالأعشاب في المعبد، والتي تعد وصفته سراً يثير الغيرة.
ومع ذلك فإن جرعة القيء ليست سوى جزءاً صغيراً من العلاج، إذ يعد العنصر الأكثر أهمية هو الـ"ساكا"، أي قسم اليمين الذي يقوم به مرضى الإدمان في أول يوم لهم في المعبد.
وفي وضعية الركوع أمام مذبح ذهبي، بينما يتصاعد دخان البخور، يقسم المرضى الجدد على عدم تعاطي المخدرات مرة أخرى والانحناء ثلاث مرات تحت أنظار كبير الرهبان.
ويضيف نائب رئيس الدير: "هذا القسم مقدس ولا يمكن كسره، وهذا هو السبب في أن المرضى يحصلون على جلسة واحدة فقط لإعادة التأهيل لدينا".
وفي جميع أنحاء العالم، بلغت قيمة قطاع السياحة العلاجية 11 مليار دولار في عام 2017، وفقاً لتقرير صادر عن مجلس السفر والسياحة العالمي.
وقال التقرير إن تايلاند كانت خامس أكبر سوق، بعد كل من الولايات المتحدة، وفرنسا، وتركيا، وبلجيكا، حيث حققت 589 مليون دولار في عام 2017.
وتمثل مراكز إعادة التأهيل جزءاً صغيراً فقط من هذا الدخل، ولكن عددها يتزايد بسرعة.
وحتى الآن، حصلت أربعة مراكز على ترخيص خاص قُدم في عام 2011. وتتطلب العملية التي تستغرق عامين، والتي تشرف عليها وزارة الصحة العامة، أن يثبت المركز أن لديه موظفين مؤهلين، كما يلبي معايير السلامة والنظافة ويوفر التدريب السنوي.