بلون وردي وملمس جيلاتيني..هل هذا مستقبل اللحم البقري؟

علوم وصحة
نشر
7 دقائق قراءة
beef1.jpeg
قال باحثون كوريون جنوبيون إنهم طوروا طريقة لجعل طعم ورائحة اللحوم المصنعة في المختبر مماثلة للحوم التقليدية.Credit: Jinkee Hong/Yonsei University

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- هل ترغب بأن تكون قطعة لحم البرغر  التي ستتناولها متوسطة الاستواء، أو كاملة الاستواء، أو مزروعة في المختبر؟

أعلن باحثون في كوريا الجنوبية أنهم طوروا طريقة جديدة لجعل مذاق اللحوم المصنّعة في المختبر شبيهًا بطعم اللحم الحقيقي. وقد يخاله البعض عبارة عن قرص علكة شفاف وردي اللون، لكن العلماء يأملون بأن يُحدث ثورة في أطباق اللحوم التي يتناولها الناس.

يعمل الباحثون لاستبدال اللحوم التقليدية باللحوم المزروعة في المختبر، المعروفة أيضًا باسم اللحوم المستنبتة أو اللحوم المبنية على الخلايا، بحيث تُقدم الفوائد الغذائية ذاتها، والتجربة الحسّية من دون البصمة الكربونية.

يتم تصنيع هذا النوع من اللحوم من خلال زراعة الخلايا الحيوانية مباشرة في المختبر على هياكل ثلاثية البعد تسمى "السقالات"، تسمح بدورها بتكاثر الخلايا، ما يُلغي الحاجة إلى تربية الحيوانات والمزارع التي تأويها.

ابتكر العلماء كل شيء بدءًا من كرات اللحم المزروعة إلى شرائح اللحم المطبوعة ثلاثية البعد. في حين أن بعض الإعادات السابقة لِلحوم البقر المستنبتة، كانت تحاكي شكل وملمس اللحم البقري الحقيقي، إلا أنها تجاهلت عنصرًا أساسيًا، ألا وهو المذاق، بحسب دراسة جديدة.

زراعة اللحوم
طور العلماء "سقالة قابلة لتحويل النكهة" تحاكي الطعم والرائحة الجذابة للحم البقري المشوي.Credit: Jinkee Hong/Yonsei University

لكن في الدراسة التي نُشرت في مجلة Nature Communications، الثلاثاء ، أشار الباحثون إلى أنهم فكّوا الشفرة، وطوروا لحمًا مستنبتًا يولّد "نكهات لحم البقر المشوي عند الطهي".

وقالت ميلاي لي، المؤلفة المشاركة في الورقة البحثية، وطالبة الدكتوراه بقسم الهندسة الكيميائية والجزيئية الحيوية في جامعة يونسي بسيؤول، لـCNN: "النكهة أهم شيء لجعل اللحوم المستنبتة مقبولة على أنها حقيقية".

لتقليد طعم اللحوم التقليدية، قامت لي وزملاؤها بإعادة إنشاء النكهات المتولدة أثناء تفاعل ميار الكيميائي، الذي يحدث بين حمض أميني وسكر مختزل عند إضافة الحرارة، ما يعطي لحم البرغر طعمًا لذيذًا ومتفحمًا.

ويتم ذلك عبر إدخال مركب نكهة قابل للتحويل في هيدروجيل قائم على الجيلاتين، لتشكيل ما يُسمى السقالة الوظيفية، التي وصفتها لي بأنها "التركيبة الأساسية للحوم المستنبتة".

زراعة اللحوم
وقام الباحثون بمحاكاة طعم اللحوم التقليدية من خلال إعادة إنتاج النكهات المتولدة أثناء تفاعل ميار، الذي يعطي اللحوم طعمًا متفحمًا.Credit: Jinkee Hong/Yonsei University

يبقى مركب النكهة في السقالة حتى يتم تسخينه. وشرحت لي إنه "ينجح" عندما يتم طهيه لمدة خمس دقائق على حرارة 150 درجة مئوية (302 درجة فهرنهايت)، ما يطلق نكهات اللحم في تكرار لتفاعل ميار.

ولأنّ اللحوم المستزرعة ليست صالحة للأكل بعد، استخدم الباحثون أنفًا إلكترونيًا، "يُحاكي نظام الأنف لدى البشر"، على حد قول لي، لاختبار رائحة اللحوم المستنبتة، ومعرفة مدى مقارنتها باللحوم التقليدية.

ولفتت لي إلى أنّ الباحثين في هذه الدراسة ركزوا على إضافة نكهات "اللحم" و"الملح"، لكن يمكن أيضًا تكييف عامل النكهة لدمج نكهات أخرى، مثل الدهن على سبيل المثال.

وركز البحث على العلم الكامن وراء طعم اللحوم المزروعة في المختبر، لذا استخدم العلماء موادًا غير غذائية. وقالت لي إنهم يعتقدون أنّ الاستراتيجية يمكن تطبيقها على المواد التقليدية الصالحة للأكل.

ويخطط الباحثون أيضًا لتقليل المنتجات الحيوانية المستخدمة في هذه العملية، ضمنًا الهيدروجيل المعتمد على الجيلاتين، للعمل على إنتاج لحوم مختبرية خالية تمامًا من المواد المشتقة من الحيوانات.

زراعة اللحوم
ولأن اللحوم المستزرعة ليست صالحة للأكل بعد، استخدم الباحثون أنفًا إلكترونيًا لاختبار رائحة اللحوم المستنبتة، لتقدير مدى قربها من اللحوم التقليدية.Credit: Jinkee Hong/Yonsei University

تُعد تربية الماشية مسؤولة عن انبعاث 6.2 مليار طن متري من ثاني أكسيد الكربون، ودخوله إلى الغلاف الجوي سنويًا، بحسب بيانات الأمم المتحدة. وهذا يمثل حوالي 12% من جميع الانبعاثات التي يسببها الإنسان.

ستتم الاستعاضة عن لحوم الأبقار باللحوم المستنبتة كبديل صديق للمناخ، رغم أنّ بعض الدراسات تقول إنّ أثرها البيئي المحتمل قد يكون مبالغًا فيه ويعتمد على إيجاد طرق إنتاج أقل استهلاكًا للطاقة. 

وقالت جينيفر جاكيه، أستاذة العلوم البيئية في جامعة ميامي، غير المشاركة في البحث إن "اللحوم المزروعة في المختبر لديها إمكانات هائلة للمساهمة في النظم الغذائية المستدامة، لكن نكهتها يحتمل أن تكون مجرد عنصر صغير من عوامل نجاحها". 

ولفتت في حديثها إلى CNN أن "الكثير من مدى سرعة قبول اللحوم المزروعة في المختبر أو انتشارها على نطاق واسع، يعتمد على أداء شركات اللحوم والألبان القوية".

زراعة اللحوم
دجاج Upside Foods المزروع، متوفر الآن في الولايات المتحدة. Credit: Upside Foods

وكان الترويج لهذه اللحوم قد أثار رد فعل سلبي بالولايات المتحدة. ففي مايو/ أيار، حظر رون دي سانتيس حاكم ولاية فلوريدا الأمريكية بيع اللحوم المصنعة في المختبر، ووصف خطوته بأنها تهدف إلى حماية المزارعين ومربي الماشية. 

وأفاد دي سانتيس في بيان حينها: "اليوم، تقاوم فلوريدا خطة النخبة العالمية لإجبار العالم على أكل اللحوم المزروعة في طبق بتري، أو الحشرات لتحقيق أهدافها الاستبدادية". 

لكن يمكن تناول دجاح منتج بالمختبر في أماكن أخرى من الولايات المتحدة، غير أن هذا الأمر لم ينسحب بعد على اللحم البقري. 

في عام 2023، أعطت وزارة الزراعة الأمريكية الضوء الأخضر لشركتين، Good Meat وUpside Foods،  للبدء ببيع منتجات الدجاج المستزرعة، كي تصبح الولاية القضائية الثانية بعد سنغافورة حيث يمكن للمستهلكين شراء هذه المنتجات.

أطلقت الشركتان منتجات الدجاج الخاصة بهما لأول مرة بالمطاعم الراقية في الولايات المتحدة العام الماضي. 

في شهر مايو/ أيار، أصبح Huber's Butchery بسنغافورة، أول متجر بيع بالتجزئة، يبيع اللحوم المستنبتة، وهي كناية عن دجاج مبشور من إنتاج شركة Good Meat مصنوع من 3% فقط من اللحوم المزروعة، والباقي عبارة عن مكونات نباتية، وفقًا لموقع Good Meat الإلكتروني. 

الآن بعدما وجد فريق البحث في كوريا الجنوبية قطعة من اللغز لتحسين نكهة اللحوم المصنعة في المختبر، فإن التحدي التالي يتمثّل بالمزاوجة بين هذا المذاق واللحوم المستنبتة التي تحاكي بشكل أفضل مظهر وملمس اللحوم الحقيقية، إذ أن لون الجيلاتين الوردي لن يحظى بإمكانية إدراجه ضمن القائمة.