كاتب المقال: جيم بيل أستاذ في مدرسة " Earth and Space Exploration" في جامعة ولاية أريزونا الأمريكية، وعضو في مجموعة تصوير " Curiosity Mars" التابعة لوكالة ناسا، وهو مدير مجموعة "The Planetary Society"، مؤلف عدد من الكتب أحدثها: " The Space Book: 250 Milestones in the History of Space and Astronomy". (الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن وجهة نظر كاتبه ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر CNN)
إن الاكتشاف المؤخر الي حققته وكالة الفضاء الأمريكية، ناسا، من خلال تلسكوب كيبلر الذي يبحث عن الكواكب ليس بسيطاً، إذ أعلنت الوكالة هذا الأسبوع عن اكتشاف التلسكوب لكوكب يزيد حجمه بمقدار 10 في المائة عن كوكبنا، وفي نفس "النطاق المأهول" عن النجم الذي يحوم حوله الكوكب الجديد المسمى "كيبلر-186".
ففي نظامنا الشمسي يعتبر كوكب الأرض الوحيد المتواجد ضمن المنطقة المأهولة، وهي المنطقة التي يمكن فيها للمياه أن تتواجد في حالتها السائلة دون غليانها وتبخرها بسبب القرب من الشمس (مثلما يحدث في الزهرة)، أو تحول هذه المياه إلى جليد (كما يحدث في المريخ).
إن الكوكب الجديد الذي تمت تسميته حالياً بـ " Kepler-186f" يبدو بأنه يحتل الموقع ذاته من نجمه مقارنة بالمسافة التي تفصل الأرض عن الشمس، أي ليس حراً للغاية أو قارس البرودة، بل معتدلاً وهو الكوكب الوحيد الذي اقتربت صفاته للأرض بهذا الشكل، قد نضطر إلى تسميته بـ "الأرض 2.0" في وقت لاحق.
يمكن لتلسكوب كيبلر أن يعثر على الكواكب الشبيهة بالكوكب الجديد، وأن يخبرنا عن حجم تلك الكواكب، لكن لا يمكنه أن يخبرنا عن طبيعة هذا الكوكب أو صفاته، هل طبيعته صخرية مثل الأرض؟ وهل يحوي غلافاً جوياً رقيقاً ومحيطات وقارات؟ أم هل يملك غلافاً جوياً سميكاً مع لب صخري صغير الحجم؟ أم هل الكوكب مكون بكامله من قطعة معدنية واحدة بدون أي غلاف جوي؟ أم هل يمكن أن تشكل طبيعته مفهوماً جديداً لنا؟
تم خلال العقد الماضي اكتشاف حديقة هائلة من الكواكب باستخدام الأسلوب ذاته بالتلسكوبات، والتي تراوحت لتشبه عطارد الحار بطبيعته إلى كواكب عملاقة تكبر بأضعاف حجم الأرض، هذا بالإضافة إلى التنوع الشاسع والمذهل في تركيبة الكواكب والأقمار التي يحتويها نظامنا الشمسي، والتي عثر عليها خلال الأربع عقود الماضية من خلال مركبة فوياجر ومهمات فضائية أخرى.
وحتى لو لم يتضح بأن طبيعة كوكب "كيبلر-186." قريبة لكوكب الأرض، إلا أن عدد الكواكب الشبيهة بكوكبنا صاعق، إذ قام تلسكوب كيبلر في مهمته التي استغرقت أربع سنوات باستكشاف جزء صغير من الفضاء، وهي مساحة يمكن أن تعادل مساحة السماء التي تحتلها قبضة يدك إذ ما رفعت للأعلى، واكتشف كيبلر وجود أكثر من ألف كوكب في هذه المساحة الصغيرة، تدور حول نجوم قريبة منا.
وكوكب "كيبلر-186." مثلاً يبعد عنا 500 سنة ضوئية، أي أنه قريب بمقاييس مجرتنا، لكن إن قمتم بمضاعفة نتائج مهمة كيبلر لتمتد على مساحة 100 ألف سنة ضوئية أي مساحة مجرة درب التبانة، فإنك ستكتشف وجود عشرات مليارات الكواكب التي يشابه حجمها حجم كوكبنا، وهذا في مجرتنا فقط، والتي يحتمل بأن العديد منها تدور في المناطق المأهولة.
والآن يندفق علماء الفضاء من كل صوب وناحية لمعرفة المزيد عن كوكب "كيبلر-186." والعوالم الجديدة التي اكتشف حديثاً، كما يتم تخطيط مهام جديدة يمكنها أن تبني على النتائج التي توصلت إليها مهمة كيبلر (الذي توقف عن جمع معلومات عن الكواكب الجديدة العام الماضي).
يمكن أن تكون النتائج للدراسات المقبلة عميقة، خاصة إن تكنوا من العثور على غلاف جوي للكوكب الجديد، وبالأخص إذا احتوى الغلاف للكوكب على بخار للماء وأكسجين أو غاز الميثان، وهي دلائل قوية على قابلة الكوكب لأن يحتضن الحياة.
ولكن تواجد الكوكب في المنطقة المأهولة وتوفر غلاف جوي لا يعني بأن الكوكب يجب عليه بالضرورة أن يكون مأهولاً، فالعلماء يضعون هذا الاحتمال في نطاق نتائج أبحاثهم.
وليس من الصدفة أن تكون القائمة على الدراسة التي اكتشفت وجود كوكب "كيبلر-186." إيلسا كوانتانا، أن تكون عضواً بالوقت نفسه في منظمة بحثية للبحث عن المخلوقات الفضائية، وأنا متأكد بأن هنالك الكثير من أعضاء المؤسسة ذاتها يسلطون أجهزة المراقبة على الكوكب الجديد للتأكد من وجود أي علامات أو ترددات غريبة.
أو يمكن أن يعثروا على إشارة أخرى، تحية فضائية موجهة نحونا من جيراننا علماء الفضاء على كوكب "كيبلر-186." الذين يحاولون أيضاً الإجابة على سؤال لطالما حيرنا جميعاً: "هل نحن وحدنا في هذا الكون"؟