دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تخيل للحظة أننا نعيش في عالم حيث يموت أكثر من مليوني طفل تحت سن الخامسة سنوياً بسبب أمراض يمكن الوقاية منها. تخيل أن هذا العالم ينقسم إلى قسمين، حيث لا يعاني نصف الأطفال من هذه الآفة، فيما النصف الآخر يشعر بالخوف من التقاط عدوى هذه الأمراض، والتي تهدد عائلاتهم يومياً.
.في الغالب، فإن أطفالنا هم الفئة الأكبر التي تتأثر بسبب المياه الملوثة. لقد فقدت اثنين من أولادي، صبي وفتاة وأختي فقدت أيضا صبيين من أولادها. أما ابني الأول فكان يبلغ العامين من عمره، فيما ابني الثاني فكان يبلغ فقط أسبوعين من عمره،" هذه كانت كلمات ينجي كوروما، والتي تعيش في فاما في سيراليون.
وعلى الصعيد العالمي، يتسبب الإلتهاب الرئوي والإسهال بوفاة ثلثي الأطفال دون سن الخامسة من العمر، أي حوالي مليوني شخص سنوياً، فيما أن 90 في المائة من حالات الوفاة تحصل في جنوب الصحراء الأفريقية الكبرى، وجنوب آسيا.
وفي العام الماضي، أطلقت اليونيسيف، ومنظمة الصحة العالمية خطة عمل مشتركة والتي تدعمها "ووتر أيد"، لمعالجة هذه الأسباب التي تؤدي إلى وفاة الأطفال. ورأت هذه المنظمات إلى أنه إلى جانب تقديم اللقاحات، والعلاجات، فإن الوصول إلى مياه الشرب الآمنة، والمرافق الصحية الأساسية، والنظافة الجيدة كلها أمور حيوية تساعد على منع هذه الأمراض.
وأوضحت كوروما أن "الماء الملوث هو سبب تفشي الأمراض، إذ أن هناك الكثير من الأوساخ في الماء، وفي بعض الأحيان، تنفق الأسماك في الماء، بطريقة غامضة. وكذلك، نحن نقوم بغسل ثيابنا في الماء، ونستخدم المياه بعد الدخول إلى المرحاض. وكل ذلك، يجعل من المياه غير صحية، ولكن ليس لدينا مصدر آخر. هو الماء ذاته الذي نشربه والماء الذي أعتقد حقا أنه سبب الأمراض في هذا المجتمع."
وهذه القصة ليس فريدة من نوعها. وأظهرت الإحصاءات أن واحد من بين عشرة أشخاص عالمياً يعيشون من دون مياه صالحة للشرب، فيما أن ثلث الكوكب يعيش من دون مرافق صحية أساسية. ويعتبر الوضع في جنوب الصحراء الأفريقية الكبرى، أسوأ من ذلك بكثير، إذ أن 35 في المائة يعيشون من دون مصادر محسنة للمياه، فيما يعيش حوالي 70 في المائة من دون صرف صحي آمن.
وهذا النقص في الوصول إلى هذه الخدمات الأساسية والضرورية لديه عواقب مدمرة على صحة الناس. ووفقا للأمم المتحدة، يتم استخدام حوالي نصف أسرة المستشفيات، في الدول النامية، على الأقل مرة واحدة من قبل أشخاص يعانون من أمراض تنقلها المياه.
وطبقاً لحسابات خبراء الاقتصاد في منظمة الصحة العالمية، تبلغ كلفة عدم الوصول إلى هذه الخدمات في البلدان النامية ما قيمته 35 مليار دولار سنوياً، في تكاليف الرعاية الصحية وحدها. ويزيد هذا الرقم إلى 260 مليار دولار، لدى النظر في مجموعة كاملة من الخسائر في الإنتاجية.
ويمكن معالجة هذه الخسارة المدمرة للحياة والتكاليف الاقتصادية، إذا عملت الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص معاً لمعالجة هذه الأزمة.
وتتطلب معالجة هذه الأزمة التعاون والشراكات المبتكرة، فضلاً عن ضرورة تنسيق عمل منظمة "ووتر أيد" مع منظمات مثل الأمم المتحدة، ومنظمة الصحة العالمية، والحكومات والشركات والمؤسسات الأكاديمية وزملائنا وشركائنا في جميع أنحاء العالم للدعوة إلى التغيير في النهج الذي نحن بحاجة إليه لإيصال هذه الخدمات إلى المجتمعات التي تحتاج إليها بطريقة ماسة.
وتعمل "ووتر إيد" في سيراليون و25 بلدا حول العالم، وتوفر إمكانية الوصول إلى هذه الخدمات الأساسية للأشخاص الأكثر فقراً. ومنذ العام 1981، تمكنت "ووتر إيد" من ايصال المياه الصالحة للشرب إلى 19.2 مليون شخص و الصرف الصحي إلى 15.1 مليون شخص.
ونحن نقترب من النقطة الحاسمة. وفي العام المقبل، وضعت الحكومات في جميع أنحاء العالم اللمسات الأخيرة على مفاوضاتها لاتخاذ قرار بشأن مجموعة جديدة من الأهداف الإنمائية المستدامة للقضاء على الفقر المدقع بحلول العام 2030. وتساعد هذه الأهداف على تشجيع التقدم ووضع الأولويات في العالم النامي خلال العقد والنصف المقبل.
وتعتقد "ووتر أيد" أن أهداف التنمية المستدامة الجدية يجب أن تتضمن التزاما من الحكومات لجميع الأشخاص في كل مكان، بالحصول على المياه والصرف الصحي، والنظافة الصحية. ويعتبر الوصول إلى هذه الخدمات بمثابة الخطوة الأولى الحاسمة في معالجة الأمراض القاتلة، ومساعدة الناس على الخروج من دائرة الفقر المدقع.
كذلك، يعتبر الوصول إلى المرافق الصحية والمياه والنظافة من الأمور الأساسية لحياة كريمة ومنتجة. ويجب علينا ألا نضيع هذه الفرصة للعمل والمساعدة على الحد من حالات وفيات الأطفال التي يمكن الوقاية منها .
*بقلم بربارة فروست، المديرة التنفيذية لمنظمة "ووتر إيد" الدولية غير الحكومية
ملاحظة المحرر: المقال يعكس وجهة نظر كاتبه ولا يعبر عن وجهة نظرCNN