هل يمكن تطوير أجهزة مشابهة لأنوف الكلاب لـ "اشتمام" السرطان؟

علوم وصحة
نشر
6 دقائق قراءة
هل يمكن تطوير أجهزة مشابهة لأنوف الكلاب لـ "اشتمام" السرطان؟
Credit: courtesy medical detection dogs

أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- إن سرطان البروستات يعد ثاني أكثر نوع انتشاراً بين الرجال حول العالم، ولكن من الصعب تشخيصه، خاصة بعد انتقاد طرق سحب الدم التي أتت بالعديد من النتائج الإيجابية لتأكيد وجود المرض وبشكل خاطئ.

ولكن دراسة كشف عنها الغطاء في مايو/أيار الماضي، أشارت إلى أن الكلاب المدربة بإمكانها تأكيد وجود السرطان عند شم عينة من بول المريض، وبنسبة نجاح بلغت 98 في المائة، قليل من هذه العينات حددت بإصابة أصحابها بسرطان البروستات بشكل خاطئ.

ورغم أن هذه الدراسة لم تشتمل على الحلول بشكل قطعي، إلا أن جهوداً بدأت في مجال الأبحاث الطبية اقترحت بأنه يمكن للكلاب أن تشتم رائحة مميزة للسرطان، وبهذا بدأ العمل في استخدام حاسة الشم التي يمتاز بها الصديق الوفي للإنسان لصنع "أنف إلكتروني" يمكنه التعرف على الكيماويات ذاتها التي تحددها الكلاب لتتعرف على وجود السرطان من عدمه.

ما هو "الأنف الإلكتروني"؟

إذ يعمل الباحثون في فنلندا على استخدام جهاز يمكن وضعه فوق مسافة قريبة من عينة بول للمريض المراد تشخيص وجود السرطان بجسده، ويمكن لهذا الجهاز التقاط العناصر العضوية ذاتها المرتبطة بسرطان البروستات، وأظهرت دراسة نشرت بداية هذا العام، قدرة على تشخيص الإصابة بالسرطان بلغت 78 في المائة، وقدرة على التأكد بإعطاء نتيجة سلبية عند عدم تواجد الورم السرطاني بنسبة 67 في المائة.

كما أشار رئيس الباحثين في جامعة تيمبري، الطبيب نيكوو أوكسالا إلى أنه "يمكن تتبع ذرات الورم السرطاني، حتى عندما يكون صغير الحجم"، مضيفة: "كما يمكننا التعرف فيما لو كان من نوع خطورته، لنحدد كيفية علاجه بناء على ذلك."

ويعمل فريق الباحثين الذين يترأسهم أوكسالا على تجربة العديد من الطرق للحصول على نتائج أفضل، مثل إزالة الشوائب غير المرغوبة عند إجراء الفحص بالجهاز، لكنهم يرون بأن المبدأ ذاته يمكن أن يعتمد على أنواع أخرى من الخلايا السرطانية.

ويقول أوكسالا: "إننا اكتشفنا بأن الورم السرطاني مكون من أكثر من 30 عنصراً، وهذه العناصر تتسم بوجود رائحة قوية لك منها وبالتالي يمكن اشتمامها بسهولة، وقد يصبح هذا الاختبار هو المستعمل للكشف عن جميع أنواع السرطانات في العالم الغربي."

وقد ظهرت من قبل حول العالم، محاولات مشابهة للعثور على أسلوب لتشخيص أكبر قاتل للبشرية، ففي عام 2011 أعلنت مؤسسة غيتس بتمويلها للحصول على نموذج لكاشف عن النفس يعمل بالبطاريات، لتحديد ما إذا كان الشخص مصاباً بمرض السل من عدمه.

وبنفس المبدأ قام مركز "Technion" الإسرائيلي بإيجاد اختراع أسماه "NaNose"، ويدعي القائمون عليه بأن نسبة دقته تبلغ 90 في المائة، في تشخيص إصابة المستخدم بسرطان الرئة بكشف عن نفسه، وتوفيره معلومات للتفريق بين أورام مختلفة من المرض.

جيل جديد من الاختراعات العلمية

إن الأنوف الاصطناعية ليست بالأمر الجديد، إذ بدأ أجهزة الاستشعار الطبية بالظهور في ثمانينيات القرن الماضي، لكنها لم تكن قادرة على التزويد بتشخيص يمكن الاعتماد عليه للأمراض، ولكن الجيل الجديد من هذه الأجهزة يمكنه أن يوفر اعتماداً طبياً معقولاً على التشخيصات الناجمة عنها.

ويقول مدير مركز "Monell" للاستشعار الكيماوي في أمريكا، غاري بويتشامب، إن: "الفكرة تواجدت منذ 20 عاماً، وقدمت العديد من الشركات نماذج عن الأنوف الإلكترونية التي رأوا بأنها مناسبة لتشخيص الأمراض، لكنها بيعت بشكل واسع بدرجة كبيرة، مما أدى إلى تدمير الفكرة لبعض من الوقت."

وأضاف بويتشامب بقوله: " رغم أن الأجهزة المتواجدة في الوقت الحالي لا تقترب من التعقيد الذي تتكون منه أنوف الكلاب، إلا أنا واق بأنها ستتمكن من التعرف على الأمراض وفقاً لرائحة الجسد."

وأضاف بويتشامب بأنه من السهل التعرف على رائحة الأورام السرطانية تحديدها، ولكنه أشار إلى أنه من الصعب تفكيك شيفرة المواد الكيماوية التي تتكون منها الروائح، ويقول: "إن الروائح تشكل مزيجاً من العناصر التي يجب التعرف على تركيبتها، إذ يمكن للكلاب أن تتعرف على رائحة شخص، من بين الآلاف من الروائح في الوقت ذاته، لذا نحتاج لجهاز يمكنه التعرف على مثل هذا الكم من المعلومات، وهذا يشكل تحدياً لأجيال المستقبل من هذه الأجهزة."

ويرى بويتشامب بأنه يمكن الحصول على أجهزة تتعرف على عدد مختلف من الأمراض في الوقت ذاته، إذ يمكنها أن تصبح جزءاً من الكشف الروتيني إلى جانب فحوص الدم.

ولكن هنالك تخوف من أن التمكن من تشخيص الأمراض بشكل موسع، يمكنه أن يسلب من الأخصائيين القدرة على اتخاذ الخطوات السليمة لمعالجتها، ولكن هنالك الكثير من التطبيقات لهذه الأجهزة منها التعرف على الكيماويات الخطرة، والتحكم بجودة وصلاحية الأغذية.

كما أن الشركات بدأت بالعمل على تطبيقات يمكنها أن تصاحب التكنولوجيا ذاتها، إذ تعمل شركة "Olson" البريطانية على نظام يمكنه الكشف عن أمراض مثل السكري والسرطان من خلال التنفس في الهواتف الذكية، كما أن مركز وكالة الفضاء الأمريكية للتكنولوجيا يقوم بإجراء أبحاث لتطوير جهاز استشعار يمكنه تشخيص الإصابة بسرطان الرئة، ويتوسع البحث في هذه التطبيقات مع تناقص سعر تحليل العناصر.